kayhan.ir

رمز الخبر: 17732
تأريخ النشر : 2015April15 - 20:47

ملحوظات حول المحور والهلال

ثريا عاصي

من البديهي أن موضوع هذه المقالة يلامس لب المنازعة الدائرة في المنطقة، التي دفع فيها المتنازعون بجميع ما لديهم من قوة مادية وبشرية، وبما تفتقت به أذهان المفكرين الجادين والكتاب الحقيقيين منهم والمقلدين لأنماط تغذيها الليبرالية الغربية المتغولة، فضلا عن المنافقين والدعائيين والمحتالين. سلـّط هذا كله ضوءا كاشفا على الساحة العربية. سقطت الأقنعة وسقطت معها أوراق التين، وصار معروفا أن الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف تنبعث من دولار النفط!

لا شك في أن تشكيل محور عسكري، تحت قيادة آل سعود الشكلية، كمثل قيادتهم لحرب "عاصفة الصحراء” ضد العراق الذي كان حاكمه آنذاك صدام حسين "السني”، العدو اللدود "لإيران الشيعية”، لا شك في أن هذا المحور يمثل إرادة في إحداث شرخ عميق نهائي في المنطقة هو في ظاهر الأمر صراع بين إسلامي ـ إسلامي، يتواجه فيه "السنة” و”الشيعة” على خلفية مسألة قديمة رافقت الدعوة المحمدية منذ ولادتها فأجبرت النبي على الهجرة، ثم تفاقمت بعد وفاته بسبب العصبية القبلية التي أخفق الدين الجديد في معالجتها معالجة جذرية.

ما يثير الإستغراب إلى حد الذهول هو إنجراف أناس كثيرين، في بلاد العرب وفي غيرها، مع تيار يروّج منذ سبعينيات القرن الماضي، غداة هزيمة حزيران 1967، ربما بقصد محوها من الذاكرة، لمقولات تفيد بأن الحل هو في العودة إلى الأصول، إلى نهج السلف، إلى تعطيل العقل نهائياً، إلى الطاعة العمياء. أكتفي من هذا الإستطراد فأنا لست بصدد البحث في الفقه، لأقول أن ما يدهشني حقا هو تراجع الوعي والإدراك، لدى أوساط شعبية واسعة نسبياً، بحيث تقبلت هذه الأخيرة في هذا الزمان، مقولات عن التكفير والإقصاء، والإرتداد، والمشركين. إذ رأينا كيف أن ضرب الأعناق والرجم والحرق والذبح، ليست فعلات مشينة، ولكنها مادة دعائية تـُصورُ مشاهدها في الساحات العامة أمام متفرجين يكبرون ويهللون. الأعراب في القرن السابع ميلادي!

ومهما يكن فإن المحور الذي تشكل خلف آل سعود يشبه إلى درجة عالية، محوراً "إسلامياً” تشكل في أفغانستان لمحاربة السوفيات. أنذاك كانت الحرب عقائدية بين المؤمنين وبين الملحدين، الذين إتهموا بأنهم قاموا بغزو أرض إسلامية. كانت الولايات المتحدة الاميركية في صف المؤمنين الإسلاميين ! المفارقة أنه يمكننا في الراهن أن ننعت المحور السعودي الجديد "بالسني” كونه موجها ضد "الهلال الشيعي” الذي كان الملك الهاشمي الأردني أول من حذّر منه.

أخشى ما يخشى هي أن تترك المواجهة بين "المحور” و”الهلال” المذكورين آثاراً سلبية بحيث يصير العيش المشترك صعباً، أو مستحيلاً. كون "السني” و”الشيعي” سكان البلد الواحد. إذ أن التحالفات التي تربط بين محور آل سعود من جهة والولايات المتحدة الأميركية، فرنسا وإنكلتر، ومن ورائهما إسرائيل من جهة ثانية، هي من النوع الذي يعني النكران. يستتبع ذلك منطقياً أن الظروف ستكون ملائمة لإعادة رسم الحدود وتوزيع الحصص وتشكّل الإصطفافات. بكلام أكثر صراحة ووضوحا كان العرب مبدئيا، في جانب وكان المستعمرون الإسرائيليون وأصدقائهم وأعوانهم في جانب مقابل، فمن غير المستبعد أن يصير "السنة” في جانب و”الشيعة” في جانب آخر. السؤال هو أين سيكون المستعمرون الإسرائيليون، والأميركيون والفرنسيون والبريطانيون؟ مهما يكن فإن الحسم يتقرر في سوريا واليمن وإيران!.