السعودية تفشل في إشعال حرب “سنية شيعية” في العالم الاسلامي
ماجد حاتمي
وجهت باكستان صفعة قوية للتحالف "السُني” الذي ارادت السعودية تشكيله لاشعال حرب "سنية شيعية” في المنطقة، لا تخدم الا "اسرائيل " واعداء العرب والمسلمين، بعد ان رفض البرلمان الباكستاني الانضمام الى هذا التحالف، داعيا الحكومة الباكستانية الى الالتزام بالحياد ازاء ما يجري في اليمن، كما دعا جميع الأطراف في اليمن الى حل خلافاتهم سلميا.
الرفض الباكستاني وإن جاء بشكل علني وعبر البرلمان، الا انه لم يكن اقوى من الرفض المصري، الا من ناحية الشكل فقط، فصمت القاهرة امام الحاح السعودية ، رغم دخول عدوان الاخيرة على الشعب اليمني يومه السابع عشر، كان "اعلى صوتا” من الرفض الباكستاني، لما كانت تعتقده الرياض ان القاهرة ستهرول نحو الحرب بإشارة صغيرة منها، لتسديد ثمن المساعدات التي قدمتها لمصر.
الرفض المصري لم يكن عبر الصمت "الناطق” فحسب، بل من خلال تأكيد القاهرة لرؤيتها لحل الازمة في اليمن، عبر الوسائل السياسية والحوار بين مختلف مكونات الشعب اليمني، كأنجع وسيلة لتجنيب اليمن المزيد من الدمار، والمنطقة المزيد من الحروب.
الرفض المصري للانضمام الى التحالف "المشبوه”، جاء ايضا عبر التظاهرة التي شارك فيها العديد من المصريين امام السفارة السعودية، حيث رفع المتظاهرون شعارات نددت وبشكل علني، بالعدوان السعودي على الشعب اليمني، وهي تظاهرة حملت العديد من الرسائل للداخل والخارج. كما اتفقت اغلب وسائل الاعلام المصرية، المقروءة والمسموعة والمرئية رغم اختلاف توجهاتها السياسية، على ضرورة عدم توريط الجيش المصري في المستنقع اليمني تلبية لنزوات السعودية.
الرفض الباكستاني "العلني”، والرفض المصري "الصامت الناطق "، ترافق مع رفض تركي "تدريجي”، فأنقرة حاولت ان تخوض في البداية مع الخائضين في العدوان السعودي على الشعب اليمني، وذلك عندما صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بتصريحاته النارية حول اليمن و دور "ايران”، الا ان الرجل غير موقفه "تدريجيا” ايضا، وعاد ليتحدث عن ضرورة الحلول السياسية، والعمل على حث جميع الاطراف في اليمن للجلوس الى طاولة الحوار، لايجاد حل للازمة دون ادخال المنطقة في صراع هي في غنى عنه، كما لمحت تركيا الى استعدادها للتوسط في هذا الشان.
اما ما تبقى من الدول التي حاولت السعودية توريطها في المستنقع اليمني، فهي السودان والمغرب والاردن، فكانت اذكى من ان تتورط، رغم الظروف التي تمر بها هذه الدول وحاجتها الماسة للمساعدات الخليجية، وكذلك حاجتها للمساندة والدعم، كما هو حال السودان مع المحكمة الجنائية الدولية، فلم يتجاوز دورها حد التصريحات، رغم كا ما قيل عن مشاركتها الرمزية في "التحالف السعودي”.
يمكن تلمس حالة الاحباط والخيبة لدى السعودية والدول الخليجية ، من رفض الدول الاخرى الانخراط في "التحالف السُني”، واشعال "حرب سنية شيعية” في المنطقة، من خلال التصريحات غير المتزنة والخارجة عن المألوف والتي وصلت حد التهديد لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، وذلك في سلسلة من تغريدات له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر”، عندما اعتبر قرار البرلمان الباكستاني : " بانه متناقض وخطير.. وإن المواقف المتناقضة والملتبسة في هذا الأمر المصيري تكلفتها عالية”!!.
كما هاجم قرقاش تركيا لانها ترى وجهات نظرها متطابقة مع إيران حول اليمن، وتستند وجهات النظر هذه على الحل السياسي للازمة بعيدا عن الحرب، واصفا الموقف التركي ب”المتخاذل”.
وتابع قرقاش: "يبدو أن أهمية طهران لإسلام آباد وأنقرة تفوق أهمية دول الخليج، بُعدنا الاقتصادي والاستثماري مطلوب، ويغيب الدعم السياسي في اللحظة الحرجة”.
الكارثة ان من مسؤولي الحكومات الخليجية، على شاكلة قرقاش، يتوهمون، ان بامكانهم "تأجير”!! جيوش دول كبرى مثل مصر وباكستان وتركيا، لمجرد انهم يملكون المال، دون ان يأخذوا في الحسبان، ان الكرامة الوطنية لا تباع ولا تشترى، كما ان هذه الدول لا ترى فيما يجري في اليمن خطرا يهدد "الامن القومي العربي والاسلامي”، او "يهدد الحرمين الشريفين”، أو يهدد الملاحة في باب المندب، كما انه ليس هناك ما يؤشر لوجود "عسكري ايراني "، او صراع "سني شيعي” في اليمن، فكل ما هنالك هو اختلاف سياسي بين اطراف يمنيين، يمكن ان يحدث في اي مكان في العالم، بالامكان حله بالحوار والطرق السلمية، دون اعلان حرب، وتشكيل حلف "سُني” طويل عريض لامبرر له بالمرة، للهجوم على شعب فقير آمن، لم ولن يهدد يوما السعودية او اي بلد اخر.
لم يتبق في الحلف، الذي ارادت السعودية، ان يكون "سُنيا”، لمواجهة محور وهمي هو المحور "الشيعي”، سوى الامارات والمشايخ، التي تشاطر السعودية مخاوفها المرضية من المحور "الشيعي” الوهمي، لدفع منطقة الشرق الاوسط الى اتون حرب "طائفية” كارثية عبثية، تحرق الاخضر واليابس، وتمزق المنطقة دولا وشعوبا وتستمر اجيالا، بهدف انقاذ عروش متهرئة بالية ، لم تعد بامكانها الاستمرار الا في ظل "الفتن المذهبية و الحروب الطائفية”، وهو ما يسفر كل هذه الاندفاعة "الاسرائيلية” الواضحة والفاضحة، لدعم وتاييد ومساندة "الحلف السعودي”، والحرب المفروضة على الشعب اليمني العربي المسلم الأبي.