مخيم اليرموك ورمزيته كآخر معاقل النضال
عباس الجمعه
اتساءل اليوم وانا اكتب عن مخيم اليرموك ، لاقول بكل صراحة ، هل نحن من حقنا ان نصمت عن جريمة ترتكب بحق شعبنا ، هل سنبقى نرفع شعار الحل السياسي ، الى متى ، وهنالك اكثر من ستة عشر الف الفلسطيني رهائن بيد القوى الارهابية التكفيرية التي بدأت ترتكب ابشع الجرائم داخل المخيم لا سيما بحق نسائنا وبنات شعبنا وخاصة المتزوجات .
أن قضية مخيم اليرموك هي قضية كل الشعب الفلسطيني انطلاقا من اهمية ومكانة المخيم السياسية والقانونية، فاليرموك ليس مجرد مخيم فقط، بل هو محور العمل الوطني الفلسطيني في سوريا وعنوان حق العودة،وان ما يتعرض له المخيم منذ اكثر من سنتين يؤثر حكما في مسار العمل النضالي لعموم الحالة الفلسطينية في سوريا، ما يعني ضرورة التعاطي مع هذه المشكلة باعتبار ان القوى الارهابية هدفها الاساسي تنفيذ مخططات العدو الصهيوني من خلال تهجير شعبنا وصولا الى شطب حق العودة وبدعم من انظمة عربية تعتبر ان القضية الفلسطينية اصبحت عبئ عليها ويجب اذابتها في أروقة دول التآمر.
أن مخيم اليرموك يعيش ازمة انسانية حقيقية تهدد حياة العشرات من الذين لا زالوا متواجدين داخل المخيم، بسبب عدم قدرة الاونروا والمؤسسات الانسانية على مد مساعداتها الى داخل المخيم خاصة بعد نفاذ مخزون الادوية والغذاء، اضافة الى ارتكاب الجرائم بحقهم ، وهو ما يتطلب كأولوية ضرورة ان تتحمل كافة الفصائل الفلسطينية مسؤوليتها اتجاه الشعب الفلسطيني ، لانها معنية ببذل كل الجهود اللازمة لإسناد صمود أبناء شعبنا في سوريا كأولوية مطلقة وبكل الوسائل المتاحة وبما يحفظ مكانة مخيم اليرموك وحياديته كعنوان لقضية اللاجئين، وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، وعودة المخيمات مناطق أمن وأمان، خالية من السلاح والمسلحين، ورجوع سكانها إليها.
ومن هنا يجب تشكيل خلية أزمة من جميع الفصائل ذات امتدادات في سوريا تتولى إدارة كل تفاصيل العمل الوطني ،ومتابعة كل ما يحدث في المخيم، وتوفر كل أشكال الدعم المالي والعيني لعشرات آلاف النازحين، والعمل مع الجهات المعنية من أجل اخراج المسلحين من مخيم اليرموك ، وإزالة العوائق وتذليل العقبات التي تحول دون عودة سكانها إليها.
لذلك ما يحدث في مخيم اليرموك من قتل وتدمير من قبل عصابات الظلام والتكفير لم يكن بمعزل عن المخطط الذي يستهدف سورية والمنطقة والمقاومة باعتباره مخطط امبريالي صهيوني رجعي يحمل دلالات استراتيجية بهدف الوصول الى تفكيك الجغرافيا وإعادة رسم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية واثنية, وخلق كيانات فاقدة لإرادتها وقرارها السيادي بهدف فرض يهودية الدولة الصهيونية وتخضع إلى إرادة القوى الاستعمارية والكيان الصهيوني وصولا لتصفية القضية الفلسطينية من خلال اعلان دويلة فلسطين في غزة وسيناء على انقاض الحقوق الوطنية المشروعه للشعب الفلسطيني.
ان تدمير مخيم اليرموك وتشريد أهله من قبل العصابات الارهابية المسمى داعش والنصرة وغيرهم يحمل رسائل وأبعاد سياسية, أولها بل أخطرها تصفية القضية الفلسطينية عبر الاعتداء على تراثه ورمزيته كآخر معاقل النضال الفلسطيني ورمز كفاحه وتمسك أهله بحق العودة, ناهيك عن محو ذاكرة الذاكرة إضافة إلى أنه الشاهد على مأساة هذا الشعب الذي تعرض إلى التنكيل والتهجير بكل عناوينه.
وأمام هذا الوضع المستجد، لا يبدو ان هناك خيارات نتيجة التباين الفلسطيني لحسم الوضع ، مما يستدعي تنفيذ عملية اخلاء لمن تبقى من المخيم ، ويمكن لهذه العملية ان تحصل من نقطة محتدمة الى نقطة آمنة داخل المخيم وليس بالضرورة ان تتم الى خارج المخيم.
وهنا نقول للجميع ان التفتيش عن اوراق وذرائع لن يوقف الجريمة التي ترتكب بحق شعبنا، فالمطلوب العمل من اجل وضع خطة لا تحتمل اللون الرمادي وباتت واضحة وخالية من العبارات الديبلوماسية واللياقات، فهي معركة مفتوحة لن تنتهي الا بمنتصرٍ.
ان ما تعرضت له المخيمات الفلسطينية ولا زالت من تدمير ومجازر، من مخيمات النبطية وتل الزعتر ومجازر صبرا وشاتيلا، والاجتياح للبنان ونكبة نهر البارد واليوم ما يحدث لمخيم اليرموك من تدمير منهجي هدفه الرئيسي شطب حق العودة, وهذا يتطلب وحدة الموقف الفلسطيني حتى يبقى مخيم اليرموك عاصي على كل محاولات الشر الآثم الذي يجهد للوصول انهائه من الخارطة ،حتى ولو أنفق المليارات لشراء الذمم الرخيصة.
أما إدانات مجلس الأمن الخجولة وبعض العرب الذين انصرفوا عن دعم القضية الفلسطينية فهي لم ترق إلى مستوى وحشية قطع الرؤوس والتعذيب التي يتعرض له شعبنا ، ومن هنا نثمن الموقف الذي تحدث عنه المناضل الدكتور احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الامين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ، هذا الموقف الذي يعبر عن اغلبية الشعب الفلسطيني.
ختاما: هل يجوز كل هذا الصمت الرهيب والمريب، وكأن ما يجري أمام أعيننا، في بقعة جغرافية صغيرة لا يعنينا سوى القيام باعتصامات خجولة، وللأسف في ظل صمت من قبل ايضا احزاب وقوى عربية ، هذا الواقع المأساوي في مخيم اليرموك الهدف منه اخذ المخيم ليكون رهينة بيد المجموعات التكفيرية التي لا تؤمن إلا بإلغاء الآخر وتحت مسميات وشعارات زائفة تلبية لمشروع صهيوأميركي من خلال خارطة للطريق بفوضى تسمى خلاقة واللعب على الوتر الطائفي، باعتبار مخيم اليرموك هو عنوان حق العودة ان كانت العودة الى فلسطين مازالت حق بأعتبارها قضية تساوي وجودنا، استشهد من أجلها الالأف من الشهداء باعتبارها لب القضية الفلسطينية، لذلك لنرفع الصوت عاليا بوجه الجميع من اجل عملية تفاعلية تحتاج للعمل الجاد من قبل كل الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية التي تؤمن بالحرص على الشعب الفلسطيني ومخيماته التي هي عنوان النكبة وحق العودة ، اذا كانت تؤمن بحتمية الانتصار على المحور الامبريالي الصهيوني التكفيري.