الحرب السعودية على اليمن دليل على فشل الإرهاب في حربه على المنطقة
عقيل الشيخ حسين
حرب أميركا وحلفائها على الإرهاب هو مجرد ستار للتغطية على دعمها له. لكنه دعم لا يبدو أنه سينقذ الإرهاب من مصيره المحتوم. كما لا يبدو أن ورقة الحرب السعودية على اليمن ستمنع المنطقة من مواصلة السير على درب المقاومة نحو النصر النهائي.
ذكرت صحيفة "تلغراف” البريطانية أن زعماء تنظيم القاعدة شاهدوا بابتهاج إحراق طيران التحالف السعودي لليمن... لا غرابة أبدا. فالتلذذ بممارسة الإجرام هو اختصاص معروف من اختصاصات القاعدة ومثيلاتها من الجماعات الإرهابية والتكفيرية. أولم تملأ هذه الجماعات ملف مآثرها العادية بإحراق الناس وهم أحياء، وبسلخ الجلود وشرب الدماء والتهام القلوب ومضغ الأكباد واستساغتها؟
الحرب على اليمن لإنقاذ التكفيريين
والأمر طبيعي جداً من زاوية أخرى غير زاوية السادية: أليست حرب التحالف الذي تقوده السعودية بتوجيه وإسناد أميركيين على اليمن قد جاءت في لحظة كان اجتثاث تنظيم القاعدة في اليمن قد أصبح في حكم المتحقق ؟
ثم إن هذا الابتهاج هو نفسه الذي يعيشه كل من تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات التكفيرية والجهات الإقليمية والدولية التي تقف وراء تمزيق سوريا والعراق وليبيا وتضع المخططات للإجهاز على سائر بلدان المنطقة.
جرائم ال سعود في اليمن
لكن هذه "الشراكة” في الابتهاج بين الجماعات الإرهابية التكفيرية والجهات الإقليمية والدولية المشار إليها قد تثير حيرة البعض ممن يصدقون أكذوبة الحرب على الإرهاب. أي تلك الحرب التي تقودها واشنطن ومن خلفها كل هذا اللفيف من الدول التي ترسم سياساتها على ضوء الإملاءات الأميركية ولقاء ما تملأ به غرائزها من أموال النفط الخليجي.
فتلك الحرب لا تعدو كونها شعاراً كلاميا يأخذ تطبيقه الفعلي على الأرض شكل الحرب المشتركة التي يشنها الإرهاب والقوى التي تزعم محاربة الإرهاب على قوى التحرر والمقاومة.
وكما ذكرنا أعلاه، فإن حرب السعودية على اليمن هي، من بعض وجوهها، محاولة للحيلولة دون اجتثاث تنظيم القاعدة كما أسلفنا.
تدخل أميركي في تكريت لحماية داعش
أما الإصرار الأميركي على المشاركة في "تحرير” تكريت عن طريق القصف الجوي، بعد أن كان سقوطها في أيدي الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر أمراً في متناول اليد دون اللجوء إلى القصف الجوي وما يحدثه من أضرار فادحة، فإنه لم يعكس رغبة واشنطن في الإسراع بتنفيذ المهمة. ولا حتى في اغتصاب النصر، بقدر ما عكس الرغبة في إنقاذ قياديين من "داعش” وبقايا البعث الذين يفترض أن واشنطن تقود ائتلافاً دولياً ضخماً بهدف استئصالهم.
شراكة في الابتهاج لتدمير اليمن بين التنظيمات الإرهابية والمعسكر الصهيو-أميركي وامتداداته العربية
وفي تكريت وغير تكريت، قامت طائرات الائتلاف غير مرة بإسقاط قنابلها على القوات العراقية في خطوط المواجهة مع داعش.
وسواء تعلق الأمر بالعراق أم بسوريا، فإن القصف الجوي المزعوم لمواقع داعش من قبل طائرات الائتلاف الدولي ليس إلا ستار لقصف مصافي النفط وأهراءات الحبوب والسدود والجسور وغيرها من المنشآت الحيوية العراقية والسورية.
ويعيد المشهد نفسه في الجولان حيث يحمي جيش العدو الإسرائيلي ظهر الجماعات الإرهابية ويستقبل جرحاها في مستشفياته، إضافة إلى استقبال ممثلي ما يسمى بالمعارضة السورية في وسائل إعلامه.
ولم يعد خافياً على أحد أو مثيراً للاستغراب أن الإرهاب هو في خندق واحد مع القوى التي تزعم محاربته، من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى الدول العربية وغير العربية السائرة في ركاب الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وأن دعم الإرهاب والعمل على استمرار وجوده هو ما يتم تحت غطاء محاربته.
لكن ما ينبغي أن يشكل موضوعاً للتساؤل هو السبب الذي يدفع معسكر الهيمنة إلى اعتماد هذه الطرق الملتوية في مواجهة معسكر التحرر والمقاومة في المنطقة ؟
عصر الانتصارات
فقبل عشر سنوات، كان هذا المعسكر واثقاً بقوته إلى الحد الذي سمح للمحافظين الجدد شنَّ حربين في وقت واحد على أفغانستان والعراق، وللإسرائيليين بشن الحروب - النزهات المحسومة النتائج سلفاً على البلدان العربية.
لكن نهاية عصر الهزائم العربية وافتتاح عصر الانتصارات، لا سيما في لبنان وغزة، والخوف خصوصاً من خوض أية مواجهة جديدة لأن نتائجها ستضع على المحك وجود الكيان الصهيوني والمصالح الأميركية، هو ما يفسر اعتماد طرق المواربة المذكورة من قبل معسكر الهيمنة.
غير أن هذه الطرق المتمثلة بتحريك الجماعات الإرهابية والأنظمة المرتبطة قد بدأت بالتوجه نحو فقدان الفاعلية. ولهذا، سارع الجيش الأميركي في العراق إلى إنقاذ قيادات داعش وبقايا البعث في تكريت. ولأن الهزيمة قد أحاقت بالقاعدة وحلفائها في اليمن، شنت السعودية حربها على هذا البلد بهدف منعه من التوحد ومن القيام بدوره الهام على المستوى الإقليمي.
وكما هزمت القاعدة، بدأت الحرب السعودية على اليمن تأخذ طريقها الإلزامية نحو الهزيمة. وفي ظل الخوف الأميركي والإسرائيلي من الدخول في مواجهات مباشرة تقبل المنطقة على أفق مفتوح نحو النصر النهائي والمستقبل الواعد.