هل يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه العدوان على اليمن؟
علي إبراهيم مطر
من المجازر الصهيونية في قانا، المنصوري والضاحية الجنوبية لبيروت، ومجازر غزة التي لا تخفى على أحد إلى مجازر السعودية بحق أهالي اليمن صور تتشابه ومشاهد لا يمكن إلا أن تتقابل في إجرامها الحاقد العنصري.
بعد مسلسل المجازر الدموية التي ارتكبها آل سعود في مخيم المرزوق ومديرية يريم ومنطقة الحديدة وغيرها، لم يعد هناك من فرق بين الإرهاب السعودي ونظيره الصهيوني. ليس هذا هو وجه التشابه الوحيد، فمن يرى صور نتائج "حزمهم” في اليمن يكون على يقين ايضاً بأن لا فرق بين إرهاب "داعش” في سوريا والعراق والإرهاب الوهابي السعودي الذي يرتكب جرائمه بحق المدنيين المسلمين، دون أن تعير الرياض أهمية للدين الإسلامي ولحرمة المسلمين.
الجرائم السعودية
ترتكب طائرات الحقد السعودية في العدوان على اليمن جرائم لا يقبلها لا الدين الاسلامي ولا أي دين سماوي فضلاً عن الأخلاق والأعراف والقوانين.
فمنذ بدء هذا العدوان تتعمد طائرات آل سعود الاعتداء على المدنيين، وإلحاق أكبر الخسائر بهم وبممتلكاتهم، وتعمد إلى قصف المنازل السكنية والممتلكات العامة باستخدام مختلف الأسلحة الفتاكة، وقد أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش” أنها "تمتلك أدلة حول استخدام السعودية أسلحة محرمة دوليا في عدوانها ضد اليمن”. وقالت المنظمة في تقرير لها "إن السعودية والدول المتحالفة معها استخدمت قنابل عنقودية في غاراتها الجوية لقصف اليمن” مشيرة إلى أن الطائرات السعوديةَ قصفت مناطق سكنية في أحياء العاصمة صنعاء.
وعليه، يجب التحرك لدى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين السعوديين عن هذه الجرائم، التي تنضوي تحت "جرائم الحرب” التي هي خروقات خطيرة لاتفاقيات جنيف الموقعة عام 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي.
كما ترتكب السعودية دون أدنى شك جرائم ضد الإنسانية بحق اليمنيين لانطباقها على المادة 7 من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن أي فعل من الأفعال المشار إليها يشكل جريمة ضد الإنسانية "متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم”.
وتشير المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة إلى أن المخالفات الجسيمة التي تشير اليها المادة 146 هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، وتعمّد إحداث آلام شديدة أو إضرار خطير بالسلامة البدنية أو بالصحة..
اختصاص المحكمة
على الرغم من أهمية تبيان هذه الجرائم فلا يكفي الحديث عنها فقط، إذ لا بدَّ من البحث عن آليات توقف هذه الجرائم. لذلك يجب على الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية المسارعة إلى منع المسؤولين السعوديين من البناء على سياسة الافلات من العقاب، التي يمكن تعريفها بأنها غياب العقوبة عند خرق قاعدة من قواعد القانون الجنائي، أو غياب المسؤولية الجنائية عن المنتهكين لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
إن المسؤولية عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية يتحملها، إلى جانب الحكومات، الأشخاص الطبيعيون المتهمون بالتخطيط لارتكاب هذه الجرائم.
وقد أشارت المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة، إلى أن "اختصاص المحكمة يطبق على الأشخاص الطبيعيين”، أي المسؤولية الجنائية فردية، وأن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولاً عنها بصفته الفردية... ولكن تبقى مسؤولة عن الضرر الذي يلحق بالآخرين نتيجة لأعمالها غير المشروعة، وتلتزم الدولة التعويض عن هذا الضرر على النحو المقرر في أحكام المسؤولية الدولية.
وحسب المادة (27) والمادة (28) من النظام الأساسي للمحكمة يمكن أن ينقسم الاشخاص إلى فئتين:
الفئة الأولى: رؤساء الدول وذوو المناصب العليا.
الفئة الثانية: القادة والرؤساء العسكريون المسؤولون عن أعمال مرؤوسيهم.
لقد نصت المادة 28 –أ على مسؤولية القادة والرؤساء وأن القائد العسكري أو من يقوم مقامه يكونان مسؤولين مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة...
هل المجتمع الدولي يناصر شعب اليمن؟
إزاء هذه الجرائم، يجب على المجتمع الدولي التحرك العاجل لحماية اليمنيين من العدوان السعودي، وتفعيل الملاحقة والمساءلة لمن أمر أو نفذ جرائم الحرب. ومع أن السعودية لم توقع على نظام المحكمة الجنائية لكنه يمكن اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لعرض هذه الجرائم وإحالة ملف السعودية إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر استخدام قرار الاتحاد من أجل السلام.
ويمكن الجزم بأن للمحكمة الجنائية الدولية، دوراً كبيراً في تحقيق العدالة الجنائية، لولا التدخلات السياسية الدولية. ومن الواضح أنه حتى الان لم يتحرك أحد لمحاكمة السعودية على جرائمها.
وبالرغم من دعوة الأمم المتحدة صراحة إلى محاسبة المسؤولين عن استهداف النازحين في مخيم المزرق بمحافظة حجة، حيث قال المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق، إن "الضربة الجوية التي قتلت أكثر من 40 شخصاً في مخيم نازحين في شمال اليمن تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وان المسؤولين يجب يحاسبوا”، مضيفاً "يجب ان تكون هناك محاسبة على ذلك وفي نهاية الامر يجب ان تتوقف جميع الهجمات المماثلة”. إلا أن هذا الكلام يجب أن يكون مع أفعال، فيبدو واضحاً أن المجتمع الدولي لن يتحمل مسؤوليته من جديد، والسعودية لن تحاسب طالما أن الولايات المتحدة ودول الأميركية اخرى تقف الى جانبها وتمنع ذلك كما يحصل مع العدو الصهيوني، لذلك فإن العدالة ستبقى مفقودة، ولن تتم محاسبة السعودية إلا من خلال صمود الشعب اليمني ومقاومته.