kayhan.ir

رمز الخبر: 17544
تأريخ النشر : 2015April12 - 21:04

الأهمّيّة الاستراتيجـيّة لاستعادة السيطرة على مدينة إدلب

شارل أبي نادر

أواخر آذار/مارس الماضي وفي عمليّة مُفاجِئة في التوقيت والتنفيذ والدّلالة، سيطر تنظيم القاعدة في بلاد الشام (جبهة النّصرة ومشتقّاتها) على مدينة إدلب في شمال سوريا وذلك بعد أن شكّلوا تكتُّلاً باسم "جيش الفتح” ضمّ الآلاف من المُسلّحين الإرهابيّين والذين كانوا دائماً في صراع دموي فيما بينهم، مدعومين بآلاف المقاتلين الذين سهّلت تركيا دخولهم عبر الحدود الشماليّة لسوريا، نفذوا عمليّة منظّمة بعيدة كلّ البُعد عن أسلوبهم في القتال المعروف، بدتْ كأنّها مناورة متقنة ومدروسة ينفّذها جيش مُحترف كالجيش التركي أو الأميركي مثلاً وتُديرها غرفة عمليّات نموذجيّة في منظومة القيادة والسيطرة والاتّصال، كل ذلك في "ذروة الحرب على الإرهاب” التي يقوم بها تحالف واسع وحيث تُعتبر جبهة النّصرة (مبدئيّاً) من ضمن المجموعات الإرهابيّة التي يحاربها هذا التحالف.

تُعتبر مدينة إدلب، والتي هي مركز محافظة إدلب في الشمال السّوري، ثاني مركز محافظة بعد الرّقّة تخرج عن سيطرة الجيش السّوري وتقع في أيدي عناصر تنظيم القاعدة في بلاد الشام.

- جغرافياً: لها موقع مميّز قرب الطريق الرئيس السريع بين العاصمة دمشق ومدينة حلب، تشترك حدودها كمحافظة مع محافظات اللّاذقيّة وحلب وحماه ومع تركيا في الشمال السّوري وتقع كمدينة في منطقة وسطيّة داخل مثلّث المُدن الرئيسة (حلب - حماه – اللّاذقيّة).

الجيش السوري

- استراتيجيّاُ: من يُسيطر على مدينة إدلب وعلى المحافظة يتمكّن من قطع الإمدادات بين حلب والسّاحل غرباً بشكل كامل ويُصبح على تخوم مدينة اللّاذقيّة عبر الرّيف الشّرقي للأخيرة، كما ويستفيد من عمق استراتيجي واسع يمتدّ من الحدود التركيّة إلى ريف حماه الشمالي.

لقد هدف مخطّطو عمليّة احتلال مدينة إدلب إلى تعزيز الضغط على الجيش السّوري واستنزافه وتحضير جبهة النّصرة لاستخدامها رأس حربة في المشروع الإقليمي الأساس المتمثّل في تشكيل جبهة معارضة (معتدلة) برعاية سعوديّة - تركيّة - أميركيّة، والأهمّ من ذلك الاستفادة من إقليم جغرافي يمكّن النّصرة من إقامة كيان خاص في محافظة إدلب يُشبه كيان "داعش” في الرقّة وهذا الإقليم يربط الحدود التركيّة بوسط الشمال السّوري حتى مدينة حماه.

بعد سيطرة المسلّحين على مدينة إدلب يُصبح الانتشار العسكريّ على الشكل التالي:

- يسيطر الإرهابيّون على مدينة إدلب وعلى قسم واسع من ريفها وخصوصاً الشرقي والجنوب شرقي منه في جبل الزاوية وعلى الخط الذي يربط مدينة معرّة النعمان ببلدة سراقب الموجودة على مثلّث حيوي يربط طريق إدلب - حلب بطريق حماه - حلب مع عدد من البلدات المهمّة على هذا الخط، كما ويسيطرون على قطاع واسع شمال غرب إدلب يؤمن لهم تواصل مع الحدود التركيّة عبر معبر باب الهوى.

- تنتشر وحدات الجيش السّوري وحلفائه في بلدات الفوعة وكفريا شمال شرق إدلب حيث يوجد لهم قواعد عسكريّة مهمّة وفي المسطومة (7 كلم جنوب إدلب) وفي معمل القرميد (10 كلم جنوب شرق إدلب) وفي بلدة أريحا في الرّيف الجنوبي الغربي ضمناً جبل الأربعين الذي يشرف على مساحات واسعة من ريف إدلب والذي توفر السيطرة عليه ميزة إستراتيجيّة كقاعدة إسناد ودعم لأيّة عمليّة هجوميّة لاستعادة مدينة إدلب أو باتجاه ريف حلب الجنوبي الغربي والمحيط كما ويسيطر جبل الأربعين على طريق إدلب - اللّاذقيّة ويؤثّر على حركة المُسلّحين في جبل الزاوية وفي مدينة معرّة النعمان.

وهكذا، وبعد إجراء دراسة عن طبيعة انتشار الإرهابيّين وانتشار الجيش السّوري في محافظة إدلب يبقى للأخير وفي حال اتّخذ القرار بمهاجمة الإرهابيّين في المدينة العمل على السيطرة وكإنجاز رئيس في مناورته على الخط جنوب شرق إدلب الممتدّ من مدينة معرّة النعمان ضمناً حتى بلدة سراقب وعلى البلدات المحيطة بذلك الخط في جبل الزاوية، وذلك بغية قطع الخطوط الأساس للإمداد عن المدينة وفصلها عن ريفها الشرقيّ، كما وعليه العمل على تطوير انتشار وحداته في الفوعة وفي كفريا شمالاً وفي أريحا وجبل الأربعين جنوباً لتضييق الخناق على المسلّحين في المدينة مع ترك منفذ وحيد لهم جنوباً باتّجاه الحدود التركيّة عبر بلدة سلقين السّوريّة الحدودية.