حكمة القيادة تقتضي التوقف
مهدي منصوري
وضعت عبارة القائد الخامنئي (حفظه الله) من انه "ليس مؤيدا ولا معارضا الاتفاق النووي" علامة استفهام كبيرة في اذهان من سمع هذه العبارة وذهبت التحليلات تأخذ مداها بين متسائل ومتفاجئ، الا انه وبالتمعن في هذه العبارة نجد ان رأي الامام الخامنئي (حفظه الله) كان رأيا حكيما وواعيا ومدركا للاوضاع وبصورة دقيقة وفاحصة.
ولو عدنا الى الذاكرة لما قاله الامام الراحل الخميني الكبير في احدى خطبه لسنوات مضت من ان "علاقتنا مع اميركا تشبه علاقة الحمل والذئب" يعكس ان السيد القائد يحمل هذا التصور بكل تفاصيله.
والذي تابع خطابات السيد القائد الخامنئي والتي كان يؤكد فيها انه لايمكن الاعتماد على اميركا والغرب لان هؤلاء تدفعهم مصالحهم قبل مصالح الغير، فلذلك فانهم يتحركون ضمن هذه الدائرة والاطار، ولذلك عند الحديث والحوار معهم لابد من امتلاك حالة من الحذر الدقيق بحيث لم يعط لهم منفذ يدخلون منه من اجل الوصول الى تحقيق مصالحهم على حساب مصالح الشعب الايراني ، مع العلم ان سماحته لم يقف حجر عثرة امام المفاوضات مع واشنطن ومجموعة دول 5+1 بل انه حث على الاستمرار بها الى النهاية لكي لا تتهم ايران بانها لا تريد الوصول الى اتفاق. او تضع العراقيل او عقبة امام الاستقرار في المنطقة.
الا انه اكد وبنفس الوقت على الفريق المفاوض ان يضع الثوابت الاستراتيجية المهمة للسياسة الايرانية امام الانظار عند الجلوس الى طاولة المفاوضات بحيث لا يعلو الا صوت مصالح وتطلعات الشعب الايراني، الذي تمكن ان يحظى باحترام الدول من خلال مواقفه الراسخة والثابتة في مواجهة مشاريع الاستكبار العالمي وبالخصوص واشنطن في لمنطقة والعالم. واصبح من المعلوم للجميع ان اميركا اليوم وبتدخلها السافر في المنطقة من خلال دعمها الارهاب من جهة، وقمع ثورات الشعوب من جهة اخرى، تريد ان تفرض هيمنتها على المنطقة، لذلك فليس من المستغرب ان تبدي بعض التنازل في بعض المواقف من اجل هذا الهدف الكبير الذي تسعى اليه . ومن هنا اريد للفريق المفاوض ان يدرك هذه الحقيقة ولا يفتح النافذة لواشنطن ان تدخل منها لتحقيق اهدافها الاجرامية والتي سببت المآسي والآلام لشعوب المنطقة فضلا عن طهران نفسها.
لذا فان السيد القائد اراد وبهذه العبارة الحكيمة ان يستجلي الامر وبصورة واضحة ودقيقة والعمل وبصورة جلية في تبيان الامور على حقيقتها لكي لا نقع في الفخ بحيث لم يعد لنا بعد ذلك مخرج منه خاصة وان ايران اليوم ورغم اتفاق التفاهم لازال الامر بيدها ولازالت تستطيع ان تفرض ما تريد، لان اميركا اليوم تعيش حالة من الضعف والانهيار وعدم القبول من شعوب ا لمنطقة مما يمكن ان تفقد كل مصالحها بين لحظة واخرى. ولذلك فهي بحاجة الى ايران لما تملكه من قدرة وتفوق سياسي واقتصادي يمكن ان يغير المعادلة ويقلب الطاولة على واشنطن وحليفاتها.
وقد لا نغفل ان نؤكد ان مخاوف القيادة الحكيمة لم تأت من فراغ بل انها نتيجة لتجربة امتدت لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن مع اميركا والغربيين الذين يتحينون الفرص بإيران الاسلامية ولم يتركوا مجالا ساهم في الضغط الا ولجوه واستفادوا ومنه وكان اخره بالامس عندما جدد الاتحاد الاوروبي العقوبات على بعض البنوك والشركات الايرانية وبعد حبر الاتفاق لم يجف.
اذن فان التريث والتوقف الذي ابدته القيادة الحكيمة السيد الخامنئي كان في محله بحيث تدفع بالفريق المفاوض ان يبذل اقصى جهده ولغاية نهاية حزيران القادم وهي المهلة المحددة لتوقيع الاتفاق ان يضع القرارات موضع التنفيذ بحيث يجبر الطرف المقابل على الاستسلام والخضوع وعدم اللعب على الحبلين والكيل بمكيالين وهي السياسة الواضحة والمعروفة لاميركا وللغربيين على مدى العلاقة مع الجمهورية الاسلامية.