من وراء نزيف الدم العراقي؟!
مهدي منصوري
لا يختلف اليوم اثنان ان الارهاب قد ضرب بإطنابه في مختلف دول العالم خاصة بمنطقة الشرق الاوسط بحيث اصبح القلق الدائم للشعوب التي يطالها هذا الارهاب الاجرامي.
وفي القاء نظرة عابرة نجد انه وبالاضافة الى سوريا التي تواجه الارهاب المدعوم دوليا واقليميا والذي تحدى حدود هذه الدولة بحيث اخذ يترك تأثيره السلبي ليس فقط على الدول المجاورة لسوريا بل امتد خارج الاطار وها هي ليبيا ومصر واليمن وباكستان وافغانستان وغيرها من الدول فانها تئن تحت وطأة هذا الارهاب المنظم.
ومن الطبيعي ان يكون للعراق نصيبا أكبر في هذا المجال ولعدة دلالات واسباب تعود وبالاساس الى عمق التأريخ ولذلك فان هذا الارهاب قد اصطبغ بصبغة تختلف عما هو عليه في بعض الدول، ولذلك فانه وجد الدعم الاكبر من قبل بعض الدول المجاورة ، ولابد ان نشير في هذا المجال من ان اللوم يقع وبالدرجة الاولى على اميركا التي احتلت العراق وكانت سببا في توافد الارهابيين الى العراق تحت ذريعة مواجهة الاحتلال الاميركي والذي تم من خلال الرسائل التي ارسلت ابان الغزو الاميركي من ان الابواب مفتوحة امام من يريد مجاهدة الاميركان، ونجد ان واشنطن وبما لديها من جيش جرار في هذا البلد لم تقم بأي رد فعل تجاه هذه الدعوات بل تركت الحدود العراقية مع دول الجوار مفتوحة بحيث كانت فرصة لان يجتمع هؤلاء المجرمون القتلة ومن مختلف دول العالم على الارض العراقية، اذن فان واشنطن هي المسؤول الاول عن اراقة دماء العراقيين منذ دخولها البلد ولهذا اليوم، وكذلك يعلم الجميع وكما أكدته تقارير مراكز البحوث التي تهتم بالشأن العراقي ان واشنطن وفي بعض الاوقات قد استفادت من بعض المجاميع الارهابية وقدمت لها الدعم من اجل ان تضمن لها بقاء مدة اطول في العراق بذريعة مكافحة الارهاب واعادة الاستقرار في هذا البلد الا انها في الواقع قد ساهمت في تضخيم هذا الوجود الغريب على الارض العراقية.
والذي لايمكن اغفاله في هذا المجال ان واشنطن وعند احتلالها للعراق لم تقم بأي دور فاعل في تدريب وتسليح الجيش والشرطة العراقية واعدادها اعدادا قويا لتستطيع مواجهة التحديات الداخلية وأهمها الارهاب، ولذلك فان القوات العراقية اليوم اصبحت مبتورة اليد في مواجهة الارهابيين الذين يملكون من القدرات العسكرية قد تفوق تجهيزات الجيش والشرطة العراقية وقد يكون هذا الامر هو مقصود من قبل الادارة الاميركية من اجل ان تبقى انظار العراقيين اليها في تقديم المساعدة او كما اشارت بعض الأوساط الاعلامية قد تضطر الحكومة العراقية ولمواجهة القتلة وايقاف نزيف الدم ان تطلب المساعدة من الجيش الاميركي، الا ان الاوساط الحكومية المطلعة قد نفت هذا الامر جملة وتفصيلا.
والواضح ايضا ان اميركا رغم كونها المسؤولة الاولى الا انها ليست الوحيدة في ذلك بل ان هناك بعض دول الجوار العراقي والذين وقفوا بالضد من العملية السياسية قد كان لهم دور سلبي واضح من خلال تقديم الدعم للارهابيين وبعض الكتل السياسية العراقية محاولة منهم لتغيير الوضع وعودة الامور الى الوراء والى ما كانت عليه قبل 2003 وان كانت في الظاهر تندد بالارهاب لكنها تتعامل معه في الخفاء.
ولذلك وفي نهاية المطاف لابد لنا من القول ان الشعب العراقي اليوم والذي قدم الكثير من التضحيات الجسام في طريق مكافحة الارهاب امامه تحديات كبيرة تفرض عليه ان يقفز على الجراح والدماء وان يتماسك ويتلاحم وبصورة قوية ويكسر ارادة الارهاب كما استطاع من قبل ان يقهر الغزاة الاميركان ويفرض عليهم الخروج المذل والمخزي.ومن المؤكد انه قادر على ذلك لانه قوة تحمله وصبره وتضحياته المستمينة ضد الظلم والجور تعكس حقيقة ذلك.