kayhan.ir

رمز الخبر: 1733
تأريخ النشر : 2014June08 - 21:20

تغير تكتيكات “العدو” أجبر تل أبيب على إعادة ترتيب أولويّاتها

ميشال نصر

من اهم النقاط التي تركز عليها الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية الجديدة، ادراك اعدائها بانهم لن يحققوا انجازات كما كان الوضع في السنوات الاخيرة، لذلك عمدوا الى تغيير تكتيكاتهم وخططهم من احتلال ارض إلى استخدام نيران كثيفة لضرب عمق الجبهة الداخلية، ما جعل تركيزهم على تطوير القدرات الصاروخية التي يملكونها، في مقابل سعي تل ابيب لتأمين الغطاء المضاد الضروري، فزادت من نسبة تدريباتها واستعداداتها في هذا المجال، وفي مقدمتها مناورة "جنيفر كوبرا” المخصصة للدفاع المضاد للصواريخ.

فبحسب احدث التقارير الاستخباراتية الاسرائيلية، فان حزب الله اسس خلال الأعوام الستة الأخيرة، لأكبر شبكة صواريخ متطورة في العالم، موجهة جميعها لضرب إسرائيل، بعد نجاحه في تطوير وتحسين قدراته العسكرية وقوته الناريّة بنسبة اربعة أضعاف منذ انتهاء حرب تموز 2006، اذ بات يمتلك ترسانة تشمل آلاف الصواريخ من مختلف الأنواع، تغطي كامل المساحة الاسرائيلية ويستخدم في بعضها الوقود الصلب. فترسانة الحزب الكبيرة من السلاح لا تقل عن بعض الجيوش، باشتمالها على اسلحة تصيب اهدافها بدقة.

في موازاة ذلك، توقف خبراء عسكريون أمام حجم المناورات العسكرية الاسرائيلية، التي تمهد لحرب وشيكة مع حزب الله، وفق تحليلاتهم، حيث المخاوف المتعاظمة من مفاجآت يحضرها الحزب قد تخرق الهجمات التي سيشنها الجيش الإسرائيلي خلال سير المواجهات، جراء امتلاكه ترسانة صاروخية من ضمنها صواريخ "ياخونت S800” الروسية المضادة للسفن، من دون إغفالهم الإشارة الى طائرات التجسس التي بات يمتلكها حزب الله، والتي أدخلها عاملا حاسما في معارك القلمون السورية. وحذر المراقبون من أي تهاون استخباري إسرائيلي بقدرات الحزب التي رفعت وتيرتها مشاركته في الحرب السورية، التي دربت واهلت مقاتلي الحزب على استخدام تشكيلة من التكتيكات العسكرية كفرق الكوماندوس، بحوزتها أجهزة اتصال متطورة تحميهم من أي اختراق إسرائيلي، إلا أن الأخطر، وفق توصيف المحللين، يتمثل في العمليات الخاصة والمعقدة التي ينفذها حزب الله في عمق الأراضي السورية التي يسيطر عليها "المسلحين”، كعملية تفخيخ إحدى الفيلات في القلمون، او الكمائن المحكمة التي ينصبها.

تعاظم القدرات اشار اليه تقرير صادر عن مؤسسة "أميركان إنتربرايز”، تحت عنوان -أفكار أميركية لمواجهة حزب الله.. بعد سوريا، تحدث عن قلق أميركي من انتشار ما أسماه "نموذج حزب الله” في المنطقة، كاشفا عن حشد استخباري إقليمي لمواجهة الحزب في الفترة المقبلة. ولفت التقرير إلى توجس أميركي متزايد من المهارات العسكرية المتنامية في صفوف مقاتلي الحزب، التي تهدد – وجودية إسرائيل – كما الولايات المتحدة والحلفاء في المنطقة.

في مواجهة هذه الاخطار تركز القيادة العسكرية الاسرائيلية في تدريب وحداتها على حسم المعركة خلال وقت قياسي، من أيام معدودة بدل أسابيع، كما جاء في موقع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي نقل عن قائد سلاح الجو قوله خلال كلمة ألقاها في المؤتمر السنوي العاشر للأمن القومي الإسرائيلي، أنه سيكون لدى سلاح الجو الاسرائيلي نهاية هذا العام القدرة على ضرب أهداف "حزب الله” خلال 24 ساعة فقط، لافتاً إلى أن ضربها خلال حرب لبنان الثانية استغرق 3 أيام، مشيرا إلى قدرة سلاحه أيضاً وخلال 12 ساعة على القيام بالهجمات الجوية التي استغرقت أسبوعاً في حرب "عامود السحاب” على قطاع غزة، وذلك عبر ضرب عشرات ومئات الأهداف دفعة واحدة،كنتيجة للتعاون مع أفرع الاستخبارات الإسرائيلية المختلفة، ومضاعفة بنك الأهداف المعادية، وتحسين قدرات الجيش الإسرائيلي في هذا المجال بنسبة 400 بالمئة، منوها بأن الحرب المقبلة ستعتمد على الكثير من النيران الجوية والقليل من المجازفة البرية مع حفاظ الجيش الإسرائيلي على جاهزيته البرية استعداداً لأي طارئ، معتبرا أن حزب الله ادرك بأنه لن يحقق انجازات كما كان الوضع في السنوات الاخيرة، لذلك قام بتغيير إستراتيجيته من احتلال ارض الى استخدام نيران كثيفة لعمق الجبهة الداخلية، و ان الامر اصبح سياسة لدى "المنظمات المعادية” باستهداف الجبهة الاسرائيلية الداخلية املين تحقيق اكبر قوة من الردع.

وجهة نظر خالفها القائد السابق لسلاح البحرية الى "كسر احتكار سلاح الجو للحرب”، معتبرا ان التوزيع الصحيح للقدرات النارية في الحرب المقبلة سيزيد فاعلية عمليات الجيش ويقلص اتكاله على قدرات سلاح الجو، وبالتالي يخفض التكلفة، ورأى الجنرال ماروم ان "الحديث يدور هنا عن تهديد ملموس، فسلاح الجو لن يتمكن من العمل بنجاعة، في وقت تتعرض قواعده لهجمات صاروخية، وعندما تحلق الطائرات ستواجه منظومات مضادة ومتطورة ستشوش عملها.فحين يصبح تعلق الجيش بسلاح الجو مسألة شبه مطلقة، سيكون من الصعب عليه تقديم الرد الملموس على الصواريخ، وسيطول امد الحرب كثيرا، ما سيؤدي الى الحاق ضرر كبير بالجبهة الاسرائيلية المكشوفة.

فالمبدأ العسكري بحسب ماروم، يقول بان تهاجم القوات البرية العدو وتنقل ساحة الحرب الى الجانب الثاني من الحدود كي تحسم المعركة بسرعة، فيما يساعدها سلاح الجو من خلال قصف اهداف في الجبهة الداخلية للعدو، معتبرا ان الواقع يتغير في المنطقة الآن ويتطلب ذلك تغييراً ايضاً لدى الجيش الاسرائيلي، اذ ان التهديد باجتياح القوات المعادية لإسرائيل اصبح أقل، في مقابل تراجع قدرة الجيش البري على المناورة في المناطق المأهولة وراء الحدود، ضد قوات المشاة والتنظيمات التي تستخدم الصواريخ المضادة للدبابات والتي تتسبب لها بإصابات بالغة.

وعليه تظهر وجهتا النظر، بحسب المحللين، وجود صراع بين وجهتي نظر ترتكز كل منهما الى مدرسة عسكرية مختلفة، محورها سؤال مركزي يرتبط بالعقيدة القتالية الاسرائيلية تاريخيا التي قامت على تفوق سلاح الجو واعطائه الاولوية في كل الحروب والعمليات التي قادتها تل ابيب ، حيث يدعو الكثيرون الى ضرورة اعتماد سياسة جديدة تعطي دورا اكبر وافعل للقوات البرية ، بعد الفشل الذي شهدته مواجهة 2006.

يعتقد الكثيرون من القادة الاسرائيليين ان ما اعتبر انجازات تحققت لتل ابيب بعد حرب تموز 2006 اصبح عمليا في حكم الساقط ،بعد هذه السنوات والقدرات التي حققها حزب الله مستفيدا من الاوضاع في المنطقة وقتاله في سوريا،فضلا عن "الشلل” اللاحق بالقرار 1701 نتيجة نقص عديد القوات الدولية و سحب الجيش اللبناني لوحدات كاملة لاستخدامها في عمليات حفظ امن داخلي،خلافا لموجبات القرار الدولي، ما اسقط الاهداف التي سعى القرار الى تحقيقها ،فعاد الحزب الى التحرك بحرية قرب الحدود، كما ان استخدامه لقواعد اطلاق الصواريخ القصيرة المدى اصبح اكثر سهولة عما كان في ظل انتشار اكثر من عشرين الف جندي لبناني ودولي على مساحة جغرافية معينة.