“إسرائيل” تطعن السلام بالاستيطان
مازن حماد
الإسرائيليون غاضبون ليس فقط لأن الفلسطينيين شكلوا حكومة جديدة بالتوافق بين حركتي فتح وحماس، ولكن لقبول الولايات المتحدة وأوروبا والعالم كله بالتعامل مع هذه الحكومة. وفي هذا الإطار ينظر إلى إعلان "إسرائيل” عن خطط لبناء وحدات استيطانية إضافية في القدس الشرقية والضفة الغربية، بأنه رد انتقامي سريع ضد الأميركيين والفلسطينيين في آن واحد.
لكن توسيع الاستيطان يشكل دوماً نوعاً من الغطاء اللصوصي المريح لسياسة يمينية متطرفة تعتبر سرقة الأرض الفلسطينية واجباً مقدساً لا يمكن دونه للدولة العبرية أن تنفذ أهدافها في ابتلاع الضفة الغربية.
ورغم أن "إسرائيل” لم تقل صراحة أنها اختارت الرد بهذه الطريقة الخبيثة على أميركا وأوروبا وفلسطين، فإن توقيت الإعلان عن إنشاء البيوت اليهودية الجديدة يكشف رغبة "إسرائيل” في الثأر من تجرؤ حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية على أداء اليمين القانونية أمام محمود عباس.
وفي الوقت نفسه لم يخف مساعدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غضبه لاستعجال واشنطن إعلان نيتها العمل مع حكومة باركتها وشاركت في تشكيلها حركة حماس "الإرهابية” حسبما يصفها الأميركيون أنفسهم. غير أن واشنطن ترد على ذلك بالقول إن حكومة عباس تعترف ب”إسرائيل” وتريد التفاوض معها وأن السلطات الأميركية ستراقب أداء حكومة فلسطين وسياساتها بشكل يومي وتحكم عليها تبعاً لذلك.
من ناحية ثانية يقول المدافعون عن حكومة الوفاق الفلسطينية إن عباس استطاع أن يجتذب حماس إلى موقع سياسي أكثر اعتدالاً وواقعية من خلال إشراكها في إنتاج حكومة لا تضم وجوهاً حمساوية وإنما مجرد أعضاء من التكنوقراط والمهنيين.
هذا الرأي فيه الكثير من الوجاهة، لكن سياسة اصطياد الفرص التي تتبعها "إسرائيل” لا تميل إلى الخطوات المؤدية لتقريب الحل السياسي، ولكن إلى استثمار التطورات لتأزيم الوضع والإسراع في إرسال الجرافات إلى أراضي الفلسطينيين لبناء مساكن لليهود.
وقد أصبح هذا المسلك الانتهازي مفضوحاً مع مرور الوقت خصوصاً على ضوء توجه الدولة العبرية الرسمي لتخريب أي مسعى تفاوضي جاد مع الفلسطينيين.