خطوة ملموسة بالاتجاه الصحيح
علي بدوان
قبول فلسطين رسمياً في محكمة الجنايات الدولية إنجاز ملموس ومحسوس للشعب العربي الفلسطيني وحركته الوطنية، وانتصار لضحاياه الذين سقطوا نتيجة الإحتلال "الإسرائيلي” وجرائم الحرب التي ارتكبها وما يزال يرتكبها كيان الإحتلال منذ قيامه على أرض فلسطين عام 1948.
فقد جاء انضمام فلسطين بشكلٍ رسمي لمحكمة الجنايات الدولية خطوة جيدة بالإتجاه الصحيح، في سياق إعادة النَظَر بالإستراتيجيات الفلسطينية المُتبعة رسمياً منذ سنواتٍ طويلة، وهي الإستراتيجيات والتكتيكات السياسية التي كانت تَتَجنب دوماً الدخول في معارك سياسية من أوسع أبوابها مع الإحتلال في إطار المجتمع الدولي وهيئاته ذات الصلة، خشية من العواقب التي كانت ومازالت تُهدد باتخاذها الحكومات "الإسرائيلية” ومنها حكومتا نتانياهو الأخيرتان، ومنها التهديد الدائم بوقف تحويل الأموال المُجباة لقاء الضرائب المدفوعة عن البضائع المُتدفقة الى الضفة الغربية والقطاع.
الخطوة الفلسطينية تُحسب في هذا السياق، السياق الذي تسعى اليه عموم القوى الفلسطينية داخل وخارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل الإنتقال بالوضع الفلسطيني من مربع الإستجداء والهرولة وراء العملية التفاوضية وحدها، والرضوخ لمنطق وضغوط الاحتلال، لصالح إشعال المعركة السياسية المُعقّدة مع الإحتلال، والصمود في مُربع المواجهة إياها في الميدان الدولي وعموم الهيئات المعنية التي باتت في السنوات الأخيرة تتعاطف مع الشعب الفلسطيني أكثر من أي وقتٍ مضى، وباتت أيضاً تتفهم بدرجةٍ أعلى أهمية الضغط على دولة الإحتلال "الإسرائيلي” وإدانة سلوكها في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً لجهة نهب الأرض واستيطانها.
إن هذه الاستراتيحية الفلسطينية المنشودة وتكتيكاتها المطلوبة، يُفترض أن تُتابِع طريقها، وأن يتم البناء عليها للمرحلة التالية، بديلاً للسياسات والإستراتيجيات والتكتيكات التي أُعتُمدت طوال ربع القرن الماضي في إطار صيغة المفاوضات الثنائية العقيمة برعاية أميركية مُنفردة بعيداً عن المرجعية الدولية ذات الصلة مُمثلة بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبغياب المجتمع الدولي، والتي أدت لا شيء.
وعليه، إن الخطوة الفلسطينية الأخيرة، تحتاج لمُتابعة في المسار ذاته، حتى لاتكون (فشة خُلق) من قبل الإطار الرسمي الفلسطيني الذي بات منذ زمنٍ طويل أمام مواقف مُحرجة له في الشارع الفلسطيني في الداخل والشتات. فالخطوة يجب أن تؤسس لإستراتيحية وطنية فلسطينية تقوم على عدة ركائز، أهمها ضرورة العمل من أجل إستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء ملف الإنقسام، وتطوير كل أشكال المقاومة.