العوامية جرح الوطن النازف
علي ال غراش
إلى متى سيستمر التعاطي مع ملف العوامية والمعتقلين بسبب الحراك والمطالبة بالحقوق والحريات والإصلاح السياسي الشامل في الوطن، عبر فرض إرادة القوة البوليسية القمعية، ولغة الرصاص والقتل والتدمير، ونزيف الدم وسقوط أرواح عزيزة وغالية على الوطن، وترويع الأهالي كحل وحيد؟.
رغم المخاطر التي تمر على الوطن والمنطقة، مازالت السلطة في الرياض مصرة على وصف كل من شارك في المظاهرات السلمية والمطالبة بالحقوق والإفراج عن المعتقلين بانه إرهابي، ونصيب كل من يعتقل أو يسلم نفسه، التعرض للتعذيب البشع وللسجن، وتلفيق اتهامات كاذبة ضده، والحكم عليه باحكام قاسية، وصلت إلى حد الإعدام. وكل من لم يتم إعتقاله ولم يسلم نفسه - خوفا من التعذيب والحكم بالإعدام - يوضع أسمه في لائحة المطلوبين للجهات الأمنية، ويتم ملاحقته ومطاردته وتصفيته وحرقه، رغم عدم وجود دليل ضده، وان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، ورغم انه لا يمثل اي خطر ولا يمارس اي عمل، جريمته المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات السلمية.
لماذا لا يتم حل الازمات والملفات الداخلية ومنها ملف المعتقلين والمطلوبين بسبب الحراك والتظاهر السلمي والمطالبة بالإصلاح والتعبير عن الرأي بشكل سياسي وعبر الحوار الوطني، بعيدا عن الحل الأمني والقمعي والدم والقتل والتخوين؟.
الاعتقالات التعسفية، والسجن والرصاص والقتل والتدمير والترهيب، للنشطاء والحقوقيين وشباب الحراك والمطالبين بالحقوق والحريات والإصلاح الشامل في الوطن بشكل سلمي، لا تحل الازمات والمشاكل، بل العكس تلك الاعمال والدم والقتل يكرس حالة التحدي والانتقام والمظلومية واستمرار وتفاقم الأزمة، ولهذا نجد أهالي الشهداء والمعتقلين هم الأكثر اصرارا على مواصلة طريق المطالبة بالحقوق والإصلاح والإفراج عن المعتقلين وتقديم المزيد من الشهداء والمعتقلين، وانما الحل يكون من خلال الحلول السياسية والحوار الوطني والتفاهم على أساس الوطن للجميع.
ما جرى ويجري بين الفينة والاخرى، من هجوم على مدينة العوامية وسقوط شهداء واعتقال بعض الشباب، يعبر عن عجز السلطة من معالجة الازمات بعيدا عن التصعيد والأستعراض الأمني، بل هو فشل ذريع، ويمثل حالة استغراب من فتح أزمة داخلية عبر اقتحام بلدة هادئة العوامية في ظل الطروف الخطيرة في المنطقة ومنها فتح حرب مع اليمن.
ان ما قامت به السلطة من اقتحام مدينة العوامية 15/4/2015 م. يعبر عن الفوضى والعبثية والتخبط في إدارة البلاد والعباد، من خلال الإعتداء على اليمن وشعبه، دون أن يقوم اليمن باطلاق اي حجر أو رصاصة على الوطن، وانما بحجة ضربة إستباقية نتيجة الشعور بالخطر، مما يعني ادخال الوطن في حرب طاحنة عبثية هي بمثابة فخ.
المواطنون في شرق وغرب وشمال وجنوب الوطن، شركاء في الوطن، ومن حقهم معرفة حقيقة ما يجري في العوامية وفي غيرها من قيام السلطة الأمنية باعتقال من تريد وإلصاق التهم الكاذبة، وإنتهاك حقوق الإنسان، نحن في عصر التقنية والمعلومات، لا يكفي ما تنشره وزارة الداخلية من روايات على المواطنين دون تقديم اي اثبات حقيقي، والسماح لوسائل الإعلام المتنوعة بنقل الحقائق من موقع الحدث كما هو، بل على المواطنين وغيرهم ان لا يسلموا عقولهم لغيرهم ولا يصدقوا كل ما يقال، بل عليهم البحث عن الحقيقة.
لماذا الجهات الأمنية منذ بداية أحداث الربيع العربي وانطلاق المظاهرات للمطالبة بالحقوق والإصلاح الشامل في الوطن لم تقم - الجهات الامنية - بنشر ما تقوم بتصويره أثناء مهاجمته للعوامية وغيرها؟.
وللحقيقية؛ من المثير خلال هذه السنوات من عمر الحراك السلمي المطلبي 2011، ان الشهداء الذين سقطوا خلال المظاهرات برصاص القوات الأمنية، هم شباب - مسالم - لا يحملون ولم يستخدموا أسلحة نارية أو غيرها، ولكن السلطة وصفتهم بالإرهابيين، وانها ردت على مصدر النار بهتانا، لتشويه سمعة الشهداء الأبرياء، ولم تقدم تلك الجهات الأمنية اي دليل على ذلك!!.
أين العقلاء والحكماء وبقية المواطنين مما يحدث في التعامل مع الازمات الداخلية وضرورة معالجتها بشكل حكيم ووطني بمشاركة المواطنين، ملف الاصلاح الشامل لتشييد دولة القانون والمؤسسات حسب دستور شعبي، وملف المعتقلين، وايقاف الجرح النازف في العوامية لدماء غالية جدا علينا من جسد الوطن الحبيب، لحماية الوطن من المخاطر؟.