طبول الحرب تُقرع في “إسرائيل” وليس اليمن
نبيل لطيف
تناقلت وكالات الانباء الكلمة التي القاها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يوم الثلاثاء امام مجلس الشورى السعودي، والتي جاءت لتؤكد اصرار السعودية على المضي قدما في عدوانها ضد اليمن حتى النهاية، دون الاكتراث بالنتائج الكارثية التي ستترتب على هذه الحرب في حال استمرارها، على اليمن والسعودية والمنطقة.
وكما كان متوقعا جاءت الكلمة متناقضة كما هي حال السياسة السعودية، فالامير فيصل الذي يبلغ من العمر الان 75 عاما، ومضى عليه 41 عاما وهو يرأس الدبلوماسية السعودية، لم تسعفه كالعادة تجربته الطويلة وتقدمه بالسن، في دفعه الى التصريح بحكمة ودراية، كما هو منتظر من مثل هكذا شخص وفي مثل هذه الظروف، فقال ما نصه: "إننا لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها”، بينما فات الامير ان الجميع يعرف ان السعودية لم تتعرض لهجوم من اليمن ولم يكن هناك في اليمن من يقرع طبول الحرب، بل ان السعودية هي التي اعلنت الحرب على اليمن من جانب واحد وارسلت اكثر من 180 طائرة حربية دمرت وقتلت وشردت الالاف من اليمنيين من منازلهم ومدنهم، بل انها طاردتهم حتى في المخيمات التي هربوا اليها من العدوان السعودي كما حصل يوم الاثنين 30 اذار / مارس عندما استهدفت الطائرات السعودية مخيم المزرق بمديرية حرض الحدودية في حجة، حيث سقط 45 شهيدا واصيب اكثر من 250 من النازحين معظمهم من النساء والأطفال.
اتصور ان الامير فيصل التبست عليه الامور، اما بسبب التطورات المتسارعة التي شهدها اليمن، والتي جاءت جميعها على النقيض مما تشتهي القيادة السعودية، او بسبب كهولة السن وعوارضها، فاصوات قرع طبول الحرب التي تناءت الى مسامعه لم تات حتما من اليمن، بل انها جاءت من "اسرائيل”، فهي تقرع منذ اكثر من ستين عاما، ويبدو ان السعوديين لم يكونوا جاهزين لها، ولن يجهزوا في المستقبل، حتى اذا وصل صوت قرع الطبول القادمة من "اسرائيل” الى عنان السماء.
اما حديث الامير سعود عن الرئيس "الشرعي” عبد ربه منصور هادي و "انقلاب الحوثيين”، وان الحرب المدمرة التي تشنها السعودية على الشعب اليمني لاعادة الامور الى طبيعتها، هو كلام لا يستحق الرد، فاين الشرعية التي يتملكها رئيس لايملك من امره شيئا، وقد استقال وهرب، وما قيمة مثل هذا الرجل الفاقد لكل شيء، ان تشن السعودية من اجله حربا شاملة مدمرة قد تحرق الاخضر واليابس في منطقة في غاية الحساسية.
اما "ايران” التي لا تفارق لا لسان الامير سعود الفيصل و لا اخيه الامير تركي، حتى لو تكلما عن طبقة الاوزون، فقد اتهمها الامير سعود الفيصل كالعادة بانها هي التي وراء ما يجري في اليمن، وسطر سلسلة من الاتهامات التي اصبحت مملة من كثرة تكرارها، وهي اتهامات يشاطره في تكرارها رئيس وزراء الكيان الصهيوني السفاح بنيامين نتنياهو.
في اتهامه لايران، لم يسعف السن والتجربة الطويلة الامير سعود الفيصل، في هذه المرة، كما في المرات السابقة، و فات الامير ان التدخل السعودي في شؤون العراق وسوريا وليبيا ولبنان واليمن والبحرين ومصر وافغانستان وباكستان ومالي والصومال وعشرات الدول الاخرى، اصبح من البديهيات ولا يختلف عليه اثنان، فالجميع يعرف انه لولا تصدير السعودية ل”الوهابية”، الام الشرعية للحقد والكراهية والتكفير والعنف والتطرف والبغضاء والتخلف والرجعية، الى هذه الدول، بقوة دولارات النفط، لما كان حال هذه الدول ما هي الان، ويكفي ان يراجع كل من اراد ان يعرف حقيقة هذا الامر، مواقف حكومات هذه الدول، ازاء ما يجري فيها، ومن هي الجهة التي تتهمها بانها وراء كل الدمار والخراب الذي تعانيه؟، سيكون الجواب واحدا وهو: المجموعات التكفيرية الارهابية التي تحمل الافكار الوهابية، كما ان السعوديين هم العمود الفقري لهذه الزمر التكفيرية بالاسماء والارقام، هذا اذا ما اضفنا اليه الاتهامات الموثقة بالدلائل للحكومات والاجهزة الامنية للعديد من هذه الدول، لجهات سعودية تتصل بطريقة او باخرى بالعائلة المالكة السعودية.
لقد فات الامير سعود الفيصل، ان يراجع التقارير الاستخباراتية والاعلامية التي يتهم فيها حلفاؤه الوهابية، التي تعتبر المذهب الرسمي للسعودية، بانها وراء اغلب الاعمال الارهابية التي شهدها ويشهدها العالم، حتى في امريكا وكندا واستراليا واوروبا، بل ان العديد من هذه التقارير تتهم وبالاسم امراء، اشقاء للامير سعود الفيصل، بانهم وراء العديد من الجرائم الارهابية التي ضربت في اكثر من مكان في العالم.
اذا كانت دول مثل مصر وباكستان لم تسلم من فيروس الوهابية، واذا كانت دول بعيدة مثل مالي، افغانستان وحتى في اوروبا وامريكا لم تسلم من هذا الفيروس، ترى كيف سيكون حال اليمن الذي يشاطر مملكة ال سعود بحدود برية طويلة؟، من المؤكد ان حال اليمن سيكون اسوء بكثير من تلك الدول وهذا هو الذي حصل، فلم يتمكن اليمن ومنذ تاسيس المملكة السعودية ان يعيش يوما واحدا في راحة، فقد هجرت السعدة اليمن مع دخول الوهابية والدولارات النفطية، لا لاعمار اليمن، بل لشراء الذمم ونشر الوهابية.
نقول وبصراحة ان الامير سعود الفيصل لا يقول الحقيقة عندما صرح: بان عملية "عاصفة الحزم” ستستمر حتى تُحقق أهدافها ويعود اليمن آمناً مستقراً وموحَداً، لان الحروب لا يمكن ان تجلب امنا او استقرار، كما ان السعودية كانت لها اليد الطولى في اليمن منذ عقود، وهي التي رفضت انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي، وهي التي تعاملت مع اليمن باستعلاء ورفضت ان تتقدم بخطوة واحدة لتنفيذ مشاريع انمائية حقيقية في اليمن، يمكن ان تساعد اليمنيين في تحسين اوضاعهم، بل على العكس تماما، كانت السعودية، وهذه حقيقة تاريخية معروفة، اهم الاسباب في تدهور الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في اليمن.
نعود ونكرر، ان اليمنيين لم يقرعوا طبول الحرب ضد السعودية، لا اليوم ولا بالامس، ولن يقرعوها بالغد، الا انهم سيكونون جاهزين وعلى اتم الاستعداد، لتأديب كل من تسول له نفسه بالاعتداء على ارضهم، فاذا كانت السعودية استغلت ضعف اليمنيين في الحرب الجوية، عليها ان تجرب حظها معهم في البر، عندها سيتضح للعالم اجمع، من هم رجال الحرب حقا.