kayhan.ir

رمز الخبر: 17036
تأريخ النشر : 2015April03 - 22:02

هل تشتعل الجبهة في القلمون قريباً؟

شارل أبي نادر

بعد السّيطرة شبه الكاملة للجيش السّوري وحلفائه على منطقة القلمون و”طفيل”، ومع فصل جرد الزّبداني عن جرود بريتال وعرسال، وبعد نجاح الجيش اللّبنانيّ في السّيطرة على تلال ومواقع مهمّة أتاحت له فصل جرود رأس بعلبك عن جرود عرسال من داخل الأراضي اللّبنانيّة، حوصرت مجموعة من مسلّحي تنظيم القاعدة في بلاد الشّام - جبهة النّصرة وداعش ومشتقاتهما) حوالي 3000 - ما بين جرود القلمون الفوقا وجرود عرسال وانقطعوا عن قرى القلمون بالكامل وبالتالي انقطعت سُبُل التموين لهؤلاء الإرهابيّين من الأراضي السّوريّة ولم يتبقَّ لهم إلّا المعابر نحو عرسال لتأمين كافّة متطلّباتهم اللّوجستيّة.

في دراسة لانتشار قوى الجيش السّوري وحزب الله في القلمون أو لوحدات الجيش اللّبناني في عرسال ورأس بعلبك أو لعناصر حزب الله في بريتال أو في جرود القاع، يتبيّن أنّه يوجد إمكانيّة مقبولة من النّاحية التكتيّكية أو من ناحية الجهوزيّة العملانيّة لكلّ من القوى المذكورة أعلاه لتنفيذ هجوم ناجح على مجموعة الإرهابيّين المُحاصرين لتتحكّم في ذلك، ولدى كلٍ منهم الاعتبارات التالية:

الجيش اللبناني

بالنّسبة للجيش السّوري، الأولويّة الآن لإبعاد خطر المجموعات المسلّحة عن الطرقات الرئيسة في الدّاخل السّوري، ومنعهم من إقامة حُصون قتاليّة متماسكة ومُتّصلة بعضها مع بعض، ويمكن عرقلة تحرّكات الإرهابيّين في جبهة القلمون بالتّحديد عبر الغارات الجويّة الدوريّة وعبر القصف المدفعيّ والصاروخيّ ولا أولويّة الآن لزجّ آلاف الجنود في معركة دمويّة شرسة لا تعود بفائدة ميدانيّة مهمّة من النّاحية الاستراتيجيّة، وحيث يُمكن توظيف هذا الجهد في استثمار فاعل ومنتج للمعركة في مكان آخر.

بالنّسبة لحزب الله، فهو يدرس الجدوى الاستراتيجيّة والتكتيّكية في شن هجوم مُكْلِف بشريّاً وسيقدّر الموقف بعد إجراء مُقارنة بين تكلفة العمليّة الهجوميّة وتكلفة الاستنزاف ونوع المخاطر حاليّاً.

الجيش اللبناني جاهز للرد

بالنّسبة للجيش اللّبناني، وفي غياب قدرته على التنسيق أقله العلني مع الجيش السّوري وحتى مع حزب الله لأسباب معروفة أو غير معروفة، وفي غياب القرار السياسيّ الواضح بتنفيذه هجوماً واسعاً، سيواصل عمليّة القضم المدروس والحَذْرِ لتلال ومواقع مهمّة على تخوم أماكن تواجد الإرهابيّين وسيتابع تحصين الخط الدّفاعيّ وقصف مراكزهم بشكل دوري ومتواصل لمنعهم من إيجاد فرصة لتحضير بقعة تجمّع وقاعدة انطلاق لقيامهم بعمليّة هجوميّة خاطفة في أيّة لحظة مناسبة لهم.

من هنا، وبالعودة إلى الحصار المفروض على الإرهابيّين في البقعة المذكورة من الجهة السوريّة، تبقى المعابر غير الشّرعيّة نحو عرسال وتحديداً مع مخيّمات اللّاجئين السّوريّين الواقعة خارج حواجز الجيش اللّبناني والتي تصلها الإمدادات اللوجستيّة كاملة هي الخط شبه الوحيد في تأمين كافّة متطلّباتهم اللّوجستيّة، فالأسلحة والذّخائر تؤمن لهم بشكل متواصل وعبر بلدة عرسال والمُخيّمات المذكورة حيث تدلّ اعترافات موقوفين كثر أمام الأجهزة الأمنيّة والمحكمة العسكريّة على ذلك، ولأهداف ماديّة تجاريّة أو كشركاء ومتدخّلين في أعمال المسلّحين الإرهابيّة، ويتمّ مدّهم بالتغذية والمحروقات بطريقة دوريّة ومتواصلة عن طريق التسلّل والتهريب أو عن طريق مواكب الوسطاء الإقليميّين أو اللبنانيّين في قضيّة العسكريّين المخطوفين، ويعمدون أيضاً إلى إخلاء المرضى والمُصابين إلى مستوصفات داخل عرسال كمستشفى الرّحمة للحالات العاديّة وإلى مستشفيات مُعيّنة في البقاع الغربيّ للإصابات الخَطِرة والحسّاسة حيث وضعت أجهزة مخابرات الجيش اللّبناني يدها على غير حالة في هذا الإطار وأوقفت الإرهابيّين المُصابين.

من هنا، ومع استبعاد أيّة عمليّة هجوميّة حاسمة على المسلّحين أقلّه في المدى المنظور مبدئيّاً، وحيث أنّ التاريخ العسكريّ يشهد ونتيجة لتجارب عديدة، أنّ اللّوجستيّة تلعب دوراً أساسيّاً في نجاح أو فشل المعركة وحيث أنّ الوقائع أثبتت في غير مواجهة مع هؤلاء الإرهابيّين المحاصرين مدى الأهمّيّة التي يعطونها لحصولهم على حاجاتهم اللّوجستيّة المختلفة، يبقى الضّغط والتشدّد لمنع حصولهم على ذلك من أنجح الأسلحة المناسبة في الوقت الحالي.