kayhan.ir

رمز الخبر: 169688
تأريخ النشر : 2023May22 - 22:32

مسودة قانون الحجاب أم إطلاق اليد للتبرج

 

 

حسين شريعتمداري

1 ـ يُقال انه في احدى ليالي الشتاء القارص هطل الثلج  بكثافة على ا سطح المنازل، فما كان من احد الاشخاص أن إشتكى  من جاره لافراغه ما تجمع من ثلج على سطح منزله أمام دار هذا الجار الشاكي حتى صار يتعذر عليه التردد ودخول البيت، وبعد ان تم التحقيق من قبل المحكمة قضت بصحت الشكوى واصدرت حكمها على الجار  أن يزيل الثلج الذي رماه امام باب بيت الشاكي، ولكن الحكم كان متأخرا اذ حل الصيف وذاب الثلج لحاله! ... فما كان من الشاكي إلا وتقديم شكره للمحكمة لسرعة عملها (!) معلنا انه قد سحب شكايته وكأن شيئاً لم يكن!

2 ـ السلطة القضائية اصدرت مؤخرا مسودة قانون للحجاب، وقدمته الحكومة الى مجلس الشورى الاسلامي. ونظرة الى نص مسودة القانون ومقارنة المواد المقترحة مع القوانين الموجودة يجعلنا نستحضر كأن المسودة المذكورة ليست لمواجهة التبرج بل تستهدف (ولو من غير قصد) شطب الموانع القانونية المسجلة والتحضير لاطلاق يد هذه الظاهرة المشينة السيئة!

3 ـ على سبيل المثال ـ وهو نموذج من عشرات النماذج ـ فان المادة الاولى للمسودة تقول؛

"ان قيادة قوى الامن للجمهورية الاسلامية الايرانية مسؤولة بارسال رسالة نصية للنساء اللواتي يرتكبن سلوكا يتطابق  وموضوع المادة الثانية لهذا القانون، اذ في الوهلة الاولى تتم اشعار المتخلفة باعتماد التقنية الحديثة والمنظومة الذكية كارسال رسالة نصية. واذا ما تكرر هذا السلوك ففي المرحلة الثانية وعن طريق نفس المنظومة  يتم مقاضاتهن بواقع عشر الغرامة النقدية للمستوى الثامن، وللمرحلة الثالثة يتم مقاضاتها  بالخمس كغرامة نقدية للمستوى الثامن، وفي المرحلة الرابعة يتم  اشعار  المتخلفة والغرض الملاحقة الجزائية واعمال العقوبة ضمن الموضوع المنصوص في المادة الثانية بان تدرج على قائمة الجهات المخولة في القضاء لاتخاذ اللازم ضدها، من هنا فان الاعلان عن التنبيه ومن ثم الغرامة وبعدها تخويل الجهة القضائية لمتابعة الامر، كل ذلك ينبغي ان يعتمد الادلة والشواهد الكافية"!

وارجو الالتفات  الى انه حسب القوانين الموجودة، فان كشف الحجاب في الاماكن العامة يصنف ضمن "الجرم المشهود"  وان المواجهة مع هذا الفعل  مسؤولية قانونية مشخصة لمنفذي القانون (اعم من قوى الامن والتعبئة و...). مع الايضاح ان الجرم المشهود يطلق على الجرائم التي يتم ارتكابها (وهنا  كشف الحجاب) في الاماكن العامة، او ان تكون بشكل ان يشهده المواطن او قوى الامن، او ان وقوع الجرم والمتهم  به بشكل محروز وعلني.

وحسب القوانين المطبقة (وبديهي حصولها) فان على عناصر الامن وبمجرد العلم بوقوع  الجرم المشهود ان يهبوا للردع والحؤول  دون وقوع الجرم، واذا لزم الامر، استصحاب المجرم بمعية ادلة الجريمة وتسليمه للمصادر القضائية.

وهنا نمعن النظر في نص المادة الاولى لمسودة قانون الحجاب. اذ جاء فيها انه على عناصر قوى الامن في حالة مشاهدة سيدات لم يلتزمن بالحجاب (الجرم المشهود) فانه؛ "ان الجهات المسؤولة تقوم بارسال رسالة نصية للواتي يرتكبن كشف الحجاب باعتماد التقنية الحديثة والمنظومة الذكية، لاشعارهن بمخالفتهن القانون.  واذا ما تكرر  هذا السلوك ففي المرحلة الثانية وعن طريق نفس المنظومة يتم مقاضاتهم بواقع عُشر الغرامة النقدية للمستوى الثامن، وللمرحلة الثالثة، يتم مقاضاتهن بالخمس كغرامة نقدية للمستوى الثامن، وفي المرحلة الرابعة يتم اشعار المتخلفة ولغرض الملاحقة الجزائية واعمال العقوبة ضمن الموضوع

 

المنصوص في المادة الثانية بان تدرج على قائمة الجهات المخولة في القضاء لاتخاذ اللازم ضدها"!

وبعبارة ثانية، اولا فان التكليف المصرح لمواجهة الجرم المشهود قد سلب من عناصر الامن! وثانياً؛ فان جزاء كشف الحجاب قد شطب من دائرة الجرائم الجزائية لتحول الى جرائم من نوع "خرق القانون"! ومع ان الغرامة النقدية لا تمثل شيئا! وثالثا؛ انه بالامكان التعامل مع هذه الظاهرة المشوهة للعفة استلالها من سائر المنظمات الحافظة للقضاء مثل؛ التعبئة وحرس الثورة الاسلامية، فيما إن تعاملهم مع الجرم المشهود هي مهمة قانونية مما صادق عليه مجلس الشورى الاسلامي، وقيادة قوى الأمن! رابعا؛ ان المواطن ليس منع من انجاز وظيفته الدينية والقانونية بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسب بل ان الاهتمام بهذه الوظيفة ضمن هذا الاطار بمثابة عمل اجرامي يحاسب عليه! فعلى سبيل المثال لا يحق للمواطن منع تردد المتبرجة في الطرق العامة بشكل صريح !

4 ـ ولنلق نظرة الان على بيت القصيد واعني المادة الاولى للمسودة! فما نرى؟! فحسب هذه المادة، لا يحق لقوى الامن في حالة مشاهدة الجرم المشهود في كشف الحجاب اي تدخل وردع ! حسناً فما عليهم فعله؟ عليه قبال تصرف كشف الحجاب ان يرسل رسالة نصية لاجل تنبيه المتخلفة! واذا لم تلتزم فما العمل؟ رسالة نصية ثانية! وان لم تستجب... رسالة ثالثة! و... والحكم إليكم.

أليس لهذا النسق المقترح في المسودة المذكورة معنى آخر سوى ادارة الظهر للظاهرة المدمرة للعوائل والماحقة للعفة وهي كشف الحجاب، وذلك بترغيب الاعداء باستغلال النساء المخدوعات للمضي في هذا المسار القذر؟! أليست هذه المادة مضحكة؟! وبالطبع ليست مضحكة وانما لابد من البكاء على حال الامة ودماء الشهداء وعلى مفهوم الشهادة والجهاد لـ 44 عاماً قضاها هذا الشعب و...!

5 ـ وجاء في الملاحظة الاولى من المادة رقم واحد؛ "واذا ما تم ارتكاب السلوك المشار اليه في موضوع المادة الثانية خلال قيادة وسيلة نقلية من قبل السائق ذاته فانه في المرحلة الثالثة اضافة لاعمال الاجراءات المذكورة في هذه المادة ينبغي حجز الوسيلة النقلية لمدة اسبوع توقيفا الكترونيا، وفي المرحلة الرابعة وحسب قرار المحكمة يتم حجز المتلبسة شهراً".

والسؤال الذي يثير نفسه هو، هل السائق للعربة غير مسؤول حيال كشف الحجاب من قبل الركاب في عربته؟! واذا تم استجواب السيدة المتبرجة الراكبة في هذه العربة، فلماذا في الملاحظة المذكورة لم يتم الاشارة إليها؟ واذا كانت الاجابة بالسلب! فهذا يعني ان السيدات المتبرجات بامكانهم المضي في كشف حجابهن ما دمن لا يقمن بقيادة السيارة! وفي هذه الحالة ما فائدة هذه الملاحظة ومدى تأثيرها؟! ... لا شيء!

6 ـ وفي مختلف الحالات المطروحة في هذه المسودة تم تخفيف العقوبات المفروضة على كشف الحجاب في قوانين البلد المعمول بها لتتحول الى غرامة نقدية. وان الغرامة النقدية المقترحة في المسودة وان كانت قليلة جدا ولكن حتى ان كانت كبيرة تبقى كذلك دون اثر وغير رادعة!

لماذا؟! اذ يبدو ان القائمين المحترمين على تدوين المسودة لا يعلمون ان العدو استغل ظاهرة التبرج كآلية مؤثرة لمواجهة العفة العامة، ولهدم العائلة وبالتالي التصدي لاصل النظام والهوية الاسلامية للشعب في هذا البلد. وبعبارة اخرى فان تبرج النساء وارتداء الرجال لالبسة مقززة بمثابة حرب تركيبية، ومن البديهي ان العدو لاجل دفع نفقة ذلك لا يتردد حتى في اعلى الارقام. فحين تم القاء القبض على بعض النساء المتبرجات وهن اجيرات من الدرجة المتدنية عديمات الاهمية فاعترفن انه لكل ساعة يتجولن في الشارع يتلقين ثلاثة دولات كاجور، تصل عند بعضهن الى خمسين مليون تومان. وبذلك نتوصل الى مدى الاجر الذي يحصله العناصر الاساس ورؤوس خيوط هذه الظاهرة؟!

ان القائمين المحترمين على هذه المسودة اذا تصوروا بامكانهم ان يقضوا على ظاهرة التبرج بالغرامة النقدية، فيمكن القول بجرأة انهم غافلون عن اولويات حيل الاعداء ومكائدهم!

7 ـ وهنا لابد من الاقرار بان غالبية النساء والفتيات المتبرجات سليمات القلوب ولكن الامر غير واضح لهن، وكما قال سماحة قا ئد الثورة:

"ان كشف الحجاب، هو حرام شرعي وحرام سياسي؛ فالكثير ممن تبرجن لا تعلمن القضية، اذ لو علمن من يقف وراء هذا الامر الذي يقمن به، فمن المؤكد انهن لم يفعلنه، وانا اعلم ان الكثير منهن متدينات، وداعيات ويصمن شهر رمضان، عابدات الا انهن لا يعلمن من هو وراء سياسة نزع الحجاب ومناهضة الحجاب انهم جواسيس الاعداء، واجهزة تجسس العدو، هم من وراء هذا الامر، فلو عرفن فمن المؤكد ان لا يقمن بذلك".

ان انقاذ هذه الفئة من النساء والفتيات، اللواتي حسب قائد الثورة هن "بناتنا" هي مسؤولية اكيدة لنظام الجمهورية الاسلامية المقدس.

من هنا فان المسودة بدل ان تحول دون نزع الحجاب ستسهل من هذا العمل المشين والمضر، وهو جفاء كبير لا يغتفر بحق هذه الفئة من ابنائنا المخدوعين. فحين يقوم العدو باستغلالهن فمن البديهي ان يكون الردع ومنع استغلال الاعداء تكليف لا نقاش فيه للنظام وجميع افراد الشعب.

8ـ وحول اضرار هذه المسودة المذكورة، هنالك المزيد من الكلام نؤجله لمناسبة اخرى، الا ان امرين مهمين ومصيريين ينبغي الاشارة لهما؛ الاول؛ من المستبعد ان هذه المسودة المقدمة من السلطة القضائية قد اطلع على متنها السيد اجئي الرئيس المحترم والمضحي للسلطة القضائية وهي الشخصية الورعة والثورية والمحنكة وما نعرفه عن خصوصياته اللامعة، وسجله المملوء فخراً لهو افضل شهادة على عدم اطلاعه على نصوصها. من هنا استميح سيادته ان يعيد مطالعة المسودة بدقة و... مع الاعتذار ـ ان لا يكتفي برؤية المستشارين.

الثاني؛ ان النواب المحترمين لمجلس الشورى الاسلامي من اي مشرب سياسي كانوا، متفقون قطعا بالالتزام بمبادئ الاسلام العزيز ورعاية العفة وسلامة المجتمع والعائلة. فان راجعوا المسودة هذه يمكنهم بوضوح ودون ادنى شك من رفضه نهائيا لما يتمتعوا به من تمثيل للشعب باخلاص.