واشنطن تندحر ثانية في دمشق
ما اغضب الادارة الاميركية الحالية بشدة هو ان زيارة الرئيس رئيسي التاريخية لسوريا جاءت في وقت ان اميركا وبسبب سياساتها الخاطئة وعنجهيتها وسطوتها قد فقدت ثقة حتى حلفائها ولم يكن امامها مخرجا سوى مغادرة المنطقة لانها اصبحت من جهة ثانية منبوذة للغاية من قبل شعوبها وهي بالتالي لا تريد لدول المنطقة الاستقرار والازدهار لان ذلك يضر بمصالحها التي اعتادت ان تأمنها من خلال اشعال الازمات والخلافات بين دول المنطقة والايقاع بها لتكون ذريعة للبقاء فيها على انها حريصة على استتباب الامن فيها.
فزيارة الرئيس رئيسي لدمشق والتي تبشر بتدشين مرحلة جديدة ينبثق منها نظام اقليمي جديد يعتمد على ابنائه، ازعج الولايات المتحدة الاميركية واقلقها لدرجة يعجل برحيلها من المنطقة ويقضي على مصالحها اللامشروعة ومن حسن الحظ ان ضربات محور المقاومة ومحاصرته للكيان الصهيوني الذي بدأ يتآكل من الداخل كذلك انتصارات هذا المحور المتتالية في ساحات محور المقاومة الاخرى وانسحابها الفوضوي من افغانستان كل ذلك اضعف موقفها وهشاشة قدرتها بشكل بان بوضوح تفلت حلفائها من قبضتها.
وما صرح به المتحدث باسم الخارجية الاميركية عن زيارة الرئيس رئيسي لسوريا اتضح مدى انزعاج للولايات المتحدة الاميركية وغضبها من هذه الزيارة حيث اكد المتحدث باسم الخارجية الاميركية ان واشنطن لا تريد عودة علاقات طبيعية بين سوريا وجيرانها وقد اتهم البلدين ايران وسوريا بان لديهما نوايا خبيثة ليس تجاه المنطقة فحسب بل العالم ايضا مضيفا على دول المنطقة ان تكون قلقة من هذا التقارب وهذا ما اشارنا اليه اعلاه بان واشنطن عدوة شعوب المنطقة واستقرار دولها وهي تصر باستمرار ان يبقى التناحرو الخلاف قائما بينها لانها تعتاش على ذلك.
فالقلق الاميركي من هذه الزيارة ليست الاولى من نوعها فقد سبق وان ثارة ثائرتها عام 2010 عندما قام الرئيس احمدي نجاد بزيارة سوريا ولقائه الثلاثي مع الرئيس الاسد وقائد المقاومة الاسلامية السيد حسن نصر الله.
وما ازعج الادارة الاميركية الحالية بشكل اكبر ان هذه الزيارة قد تخطت تمتين العلاقات الدبلوماسية بل ذهبت لارساء علاقات استراتيجية متقدمة تناولت قطاعات الطاقة والبنى التحتية والدفاع والامن وغيرها اضافة الى تقديم المزيد من الدعم لسوريا في المجالات الاخرى لكسر الحصار حولها وتوجيه ضربة قاصمة لقانون قيصر الظالم واذا ما استعادت سوريا لعافيتها ستتفرغ لمواجهة الكيان الصهيوني وهذا ما يقلق اميركا بشكل اكبر ويؤرقها من تداعيات ذلك.
ولا شك ان الوساطة الصينية الناجحة بين ايران والسعودية قد فتحت ابواب الانفراجات في المنطقة وزادت من تسارع الدول العربية باتجاه دمشق والعودة اليها بعد ان ضغطت سابقا على النظام العربي الرسمي للابتعاد عنها. ولو لا سرية الوساطة الصينية بين ايران والسعودية واعلان الاتفاق بين البلدين لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما بشكل مفاجئ لفشلت هذه الوساطة ولما اضطرت الولايات المتحدة الاميركية ان تنافق وتقول بانها كانت على علم بذلك لكن ردة فعلها الغاضب والمازوم تجاه هذا الانجاز وعلى يد الصين فضح كذبها ونفاقها واغتضاضها من هذا الانجاز السياسي غير المسبوق للصين على الصعيد الاقليمي.
واليوم ان ردة الفعل الهيستيرية الاميركية تجاه ما تطور في العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وايران والذي يتجاوز حدود البلدين يؤكد مدى انزعاج الولايات المتحدة الاميركية وغضبها من اي خطوة تهدف الى تعزيز الامن والاستقرار في دول المنطقة خدمة لمصالح شعوبها وتقدمها وازدهارها.
لكن لا حيلة لاميركا اليوم لهوانها وضعفها وقد تلجأ للدبلوماسية للخروج من مأزقها خاصة وهناك تسريبات عن وساطة عما نية بين واشنطن ودمشق لترتيب العلاقات بين البلدين واذا ما صح ذلك فانها تعتبر هزيمة ثانية للسياسة الاميركية واندحارها من المنطقة بعد اندحارها الاول على مراهناتها في المجموعات التكفيرية في سوريا.