جرائم الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب
ملفين غودمان
وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، تولي اهتماماً متزايداً بقضية جرائم الحرب، لكن في أوكرانيا فقط، ولا تثيرها ذكرى 20 سنة للحرب على العراق، التي هي في الأساس جريمة ضد السلام، كما حدث في محاكمات نورمبرغ في عامي 1945 و 1946.
لا يوجد ما يشير إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، أو وزارة العدل الأميركية، ستولي جرائم الحرب التي ارتكبتها الولايات المتحدة، خلال حربها العالمية على الإرهاب، عقب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الشهيرة. فالمحكمة المذكورة، ركزت عملها على مدى العقدين الماضيين في قارة أفريقيا، وهي اليوم منكبة على أصدار مذكرات توقيف كان أخرها ببحق الرئيس الروسي فلاديمير وتين. كما تدرس وزارة العدل الأميركية، إصدار لائحة اتهام فيدرالية لقادة ومسؤولين سوريين.
وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، تولي اهتماماً متزايداً بقضية جرائم الحرب، لكن في أوكرانيا فقط، ولا تثيرها ذكرى 20 سنة للحرب على العراق، التي هي في الأساس جريمة ضد السلام، كما حدث في محاكمات نورمبرغ في عامي 1945 و 1946، حيث وجهت هذه التهمة ضد ألمانيا. ما حدث في العراق، كان أكثر من ذلك، من برنامج الاعتقالات والتسليم السري لوكالة الاستخبارات المركزية، إلى برامج التعذيب والانتهاكات السادية، والتي لم يحاسبب عليه أي مسؤول أميركي على الإطلاق. بل على العكس كوفئت إحدى قادة البرنامج، جينا هاسبل، في أن أصبحت مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في عهد رئاسة دونالد ترامب.
تم اعتقال الأفراد المشتبه في تورطهم في عملية 11 أيلول/سبتمبر، ولم يتم اتهامهم بارتكاب أي جريمة على مدى 20 عامًا و تعرضوا لأشكال فظيعة من التعذيب وسوء المعاملة. وكان نائب الرئيس ديك تشيني هو الذي أقنع الرئيس جورج دبليو بوش بتحديد موقع السجن في خليج غوانتانامو في كوبا، لجعله بعيدًا عن متناول القوانين الأمريكي.
ولا تزال الأوساط القانونية الفيدرالية تجادل في ما إذا كان سجناء غوانتنامو، يتمتعون بحقوق الإجراءات القانونية الواجبة بموجب الدستور الأميركي، ولكن معظم ما يجري في الداخل لا يتم الإفراج عنه بحجة أنه يحتوي على معلومات سرية، لنشهد مرة جديدة على تطبيق التصنيفات الأمنية لإخفاء معلومات محرجة.
جاء الدفاع الأكثر غرابة عن برامج التعذيب لوكالة المخابرات المركزية، من المديرالتنفيذي الوطني الحالي للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، ديفيد كول، الذي وصف التقرير الشامل للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ حول التعذيب وسوء المعاملة، بأن "المخابرات المركزية عوملت بشكل غير عادل" في التقرير. ولم يذكر كول ما يسمى بمذكرات التعذيب التي "أقرتها" وزارة العدل الأميركية، مخفية تفاصيل البرامج تلك حتى على البيت الأبيض، لا سيما استخدام التقنيات المروعة في التنكيل الضاري.
ولم يذكر كول أبداً الجوانب غير المعقولة في التعذيب وإساءة المعاملة، بحق متهمين في معظم الأحيان يكونون أبرياء. ولم تعترف وكالة المخابرات المركزية بأن الأساليب المشينة التي استخدمتها في التحقيقات، تؤكد ادعاءات المتهمين بأنهم تعرضوا للاغتصاب. ولم يذكر كول، أن مدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان، برر هذه الجرائم بأن رئيس الولايات المتحدة: "قال لنا أن نفعل ذلك، وقد فعلنا ما قيل لنا".
لا شك أن هذه القضايا تحتاج إلى محكمة نورنبرغ، خاصة وشفافة تطال معظم قادة وكبارالضباط حول "تقنيات الاستجواب المعززة" التي استخدموها. وتعبير"المعززة"، أختير بعناية مفضوحة لتلطيف جرائم التعذيب الوحشية، التي أكدتها الدراسة الموثوقة للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، والتي حاول معظم مدراء وكالة المخابرات المركزية طمسها على التوالي.
خلال التحقيقات استخدمت "الوكالة" وسائل اعلام واعلان كي تؤثر على الرأي العام الأميركي، وتغطي على أفعالها، بانتهاكه جديد لميثاق وكالة المخابرات المركزية، الذي لا يسمح لها بهذا النوع من الحملات الدعائية. مع ذلك، أنشأ جورج تينيت، موقعاً إلكترونياً ، وكتب نائب المدير السابق ل "الوكالة" مايكل موري،ل كتابًا بعنوان "الحرب العظمى في عصرنا" للدفاع عن التعذيب وسوء المعاملة. و مستشارة الأمن القومي كوندي رايس هي الوحيدة التي اعترضت على إحدى تقنيات وكالة المخابرات المركزية التي لا يمكن استخدامها لأنها "تجاوزت الخط الأخلاقي للبيت الأبيض، وقالت: "أرتجف عندما أفكر في ما حدث".
بالإضافة إلى التهم التي كان من الممكن توجيهها ، فإن العقوبة المناسبة لهؤلاء المسؤولين السابقين في وكالة المخابرات المركزية كانت ستشمل إجبارهم على مشاهدة 92 شريطًا للتعذيب سجلت الأساليب السادية التي تم استخدامها. لكن مدير التحقيقات خوسيه رودريكيز، خالف أوامر البيت الأبيض لحماية الأشرطة، وأمر بتدميرها، بالتواطؤ مع مسؤولي "الوكالة".
نقله إلى العربية: حسين قطايا