أسئلة في ملف النازحين السوريين
هل يفترض بالقيادات والشخصيّات والقوى التي جاهرت بالدعوة للمزيد من النزوح السوري الى لبنان ونظّمت مؤتمرات ولقاءات تحت هذا العنوان، خصوصاً في مرحلة الرهان على إسقاط الدولة السورية، قبل أن تنتقل الى خطاب الدعوة لعودة النازحين، وبعيداً عن توظيف لغة الكراهية والحقد العنصري، أن تعتذر علناً من اللبنانيين لتوريطهم بهذه الكارثة التي استفاقت عليها متأخرة، ومن السوريين الذي ورّطتهم بالوعود الكاذبة؟
هل يمكن الابتعاد عن الكلام المفذلك والدخول في الموضوع مباشرة، والقول إنه بالأرقام هناك 80% من السوريين المقيمين في لبنان لا ينطبق عليهم مفهوم النزوح أو اللجوء لأنهم يذهبون ويعودون إلى سورية، والمتاجرة بالحديث عن عودة طوعيّة لهؤلاء مجرد كذبة لأن لا حاجة للحديث عن ضمانات بعدم تعرّضهم للأذى بحال العودة لأنهم فعلياً وعملياً وواقعياً يذهبون الى سورية ويعودون منها دون التعرّض للأذى، وقد بات جزء كبير منهم موجوداً بالتسلل خلسة لأن الدخول القانوني مقيد بشروط للأمن العام وليس لأن المعنيين من السوريين مجبرون على مغادرة بلدهم لظروف أمنية، وأغلبهم يأتي إما لإغراءات التسجيل لدى وكالات الأمم المتحدة وجمعيات المجتمع المدني كنازحين بالعائد المالي لصفة النازح، أو للقيام بنشاط اقتصادي لدى لبنانيين يوظفونهم ويستخدمونهم بأجر أقل من الأجر الموازي الذي يتقاضاه اللبناني، ومعالجة ملف هؤلاء لا علاقة له بالنزوح، وعلى الدولة اللبنانية الاتفاق مع الحكومة السورية من جهة ومع الجهات المانحة للنازحين من جهة مقابلة، على آلية ثلاثيّة لشطب هؤلاء من لوائح المستفيدين من النزوح، وتحديد حجم ونوعية المسموح بدخولهم إلى لبنان بنية العمل الاقتصادي وضمن أي شروط.
هل يمكن حصر البحث بتعويض النازحين بالذين بقوا في الأراضي اللبنانية منذ مغادرتهم بلدهم سورية، والبحث بآلية اختيارية تعرض عليهم لتلقي هذه المساعدات في سورية بصيغة مساعدة عودة بدل تعويض نزوح، لاكتشاف حقيقة أن نسبة تزيد عن ثلاثة أرباع هؤلاء مستعدّة لقبول هذا العرض الاختياري.
لماذا لا يجري ذلك؟
لأن هناك مستفيدين يعطّلون هذا الجدول، أولهم اللوبي اللبناني الدولي الذي تمر عبره الأموال الطائلة التي تخصص تحت عنوان النزوح، والتي تقدر بملياري دولار سنوياً، تعليماً واستشفاء ومقاولات ومشتريات، وكلها تتضمن عمولات وعمولات لا تنتهي داخل مؤسسات حكومية وغير حكومية، وصولاً لتمسك حاكم مصرف لبنان ببقاء تدفق العملات الصعبة لملف النازحين، وتسديد بدلاته بالليرة اللبنانية، ضمن السياسات المالية التي يتعامل من خلالها مع الأزمة المالية اللبنانية، ووجود وزارات غير متحمّسة لإقفال الملف منها وزارتا التربية والشؤون الاجتماعية، لأن جزءاً من موازنة كل منهما التي تنفق ضمن ملف النزوح تغطي نفقات توضع ضمن سياسات الوزارتين في قضايا بعيدة عن النزوح، فتصير سياسة الحكومة المالية معاكسة لإنهاء ملف النزوح.
البناء