ابين مؤتمر دعم وتنميه الأقتصاد المصرى والقمه العربية القادمه..
محمود كامل الكومى
إفتتح بمدينه شرم الشيخ الجمعه 13\3\2015 المؤتمر الإقتصادى لدعم وتنميه الأقتصاد المصرى, قبل أسبوعين من القمه العربية المزمع انعقادها بالقاهره, والذى يجيىء بعد أربع سنوات, أنهكت فيها البنيه التحتيه و الأقتصاديه في مصر وفى أعقاب ثورتين تخللهما صراع بين الشعب المصرى وفلول نظام مبارك تاره, وبين الشعب ومليشيات جماعه الأخوان تاره اخرى, أنفرط خلاهما عقد الأمن وتشرذم احيانا مابين الولاء للقبضه الأمنيه التى رباها كل وزراء الداخليه المتعاقبين خلال الفتره التى قادها الحزب الوطنى في الحكم, والتى كادت تنقاد الى حكم الأخوان لولا أكتشافها أن النظام الاخوانى كاد يستعيض عنها بمليشياته المركوز في طبائعها العنف والغلظه والقضاء على كل من هو حليف بهدف التفرد وتحقيق الردع والدمار لكل من يحاول الأقتراب او حتى ممارسه حق النقد لمفهوم دوله الخلافه التى لاتقوم الا على انقاض الدوله الوطنيه.
والإقتصاد المصرى عانى من أنكسار أدى الى تحقيق مجتمع ال1\2% فأهدرت العداله الأجتماعيه وصار الشعب المصرى ضحيه الإستعمار وأعوانه من النظام الملكى وحكومات ماقبل ثوره 1952 المتعاقبه و الأقطاع والرأسماليه المستغله, وانعدم العدل الأجتماعى وسرقت أمواله وعرقه وفائض القيمه الذى يقوم بأنتاجه.
وتفجرت ثوره 23يوليو (تموز) بقياده الزعيم جمال عبد الناصر 1952, وكان من اهم أهدافها القضاء على الاستعمار واعوانه والقضاء على الاحتكار وسيطره راس المال على الحكم والقضاء على الأقطاع والرأسماليه المستغله
لكن الأهم كان إقامه عداله اجتماعيه, ومن أجل تحقيق هذا الهدف وزعت الأراضى الزراعيه على صغار الفلاحين والمعدمين منهم وإقيمت آلاف المصانع لتشغيل ملايين العمال وأصبح العمال أعضاء في مجالس ادارات المصانع وصار الأنتاج المصرى يُصدر الى المنطقه العربية كلها و العالم الخارجى, ونص الدستور على الا يقل نسبه أعضاءالمجالس الشعبيه والنيابه من العمال والفلاحين عن 50%, وأقيم قطاع عام قادر وقوى قاد عمليه التنميه في مصر وحفظ الآقتصاد المصرى وصان معدلاته خلال خلال 3 حروب فرضت على مصر في 1956, 1967, 1973 وحقق امن وأمان الطبقات الشعبيه الفقيره ومول حقها في التعليم والصحه وكافه الخدمات التى جعلت من ابناء الفقراء علماء تفوقوا على ابناء اصحاب الدخول المرتفعه ومن يملكون الثروه.
بعد إتفاقيه السلام بين السادات وإسرائيل, وقد كان من ضمن بنودها القضاء على مجتمع الكفايه والعدل الذى حققه جمال عبد الناصر للشعب المصرى, وأستبدال الأشتراكيه بالرأسماليه المتوحشه وحريه العرض والطلب لتنهش في الطبقات الفقيره حتى تخرج احشائها بعد مص دمائها, صار عصر الأنفتاح "السداح مداح” وتحررت الحكومه من كل الالتزامات تجاه الفقراء ورفعت كل الأعباء عنها, بل الأدهى أنها بدأت مرحله تدمير القطاع العام الذى حمى مصر في حروبها وقاد عمليه التنميه في الخمسينات والستينات و كان ضمان أمن وأمان الطبقات الكادحه من الشعب.
وخلال فتره حكم مبارك " كان القطاع العام جثه هامده – بعد ان دمره نظام السادات بتبويره وتجريفه من كوادره لصالح شركات الرأسمالين الجدد والقابعين في مؤسسه الرئاسه, بل وسرقة ماتبقى من كيانه – ولم يتبقى اِلا دفن جثه القطاع العام وألاف المصانع والتى انبعثت رائحتها تزكم الأنوف من خلال سرقات النظام واتباعه لها وتجريدها من كل مقوماتها, وهو ما أدى الى بيعها بأبخس الأثمان للقضاء نهائيا على أى التزام للدوله تجاه الشعب, ولتكون قربانا للراسماليه المتوحشه والأمبرياليه الأمريكيه والصهيونيه العالميه, وليتماهى الحكم المصرى في عهد مبارك مع أنظمه الخليج الفارسي العميله للأمريكان والصهيونيه, والتى ظلت تحارب بفوائض دولاراتها البتروليه وبأيعاز من الاستعمار والصهيونيه ومن خلال حكم آل سعود كل اتجاه قومى يريد أن يجعل من البلدان العربيه سوقاً عربيه مشتركه قادره على أن تستقل بأرادتها بعيدا عن الاستعمار والصهيونيه.
جُرِفَ الأقتصاد المصرى كما لم يُجرف من قبل, وفرضت عليه سياسات أمبرياليه, وصار أسيراً للمعونه الأمريكيه خاصه العسكريه, والتى تربت على عفونتها مافيا عمولات السلاح " حسين سالم وجمال مبارك " وعملاء الشركات العملاقه الرأسماليه خاصه في الأدويه والتى دمرت صحه الشعب المصرى وساهمت في أنتشار الأمراض السرطانيه, وغدت الرأسماليه المحليه العفنه المتحالفه مع الراسماليه العالميه تشكل وجدان الشعب المصرى, من خلال الفضائيات التى أنشأتها, خصيصاً لتجريف الحياه الثقافيه والفكريه من كل قيمها ولمحاربه كل المقومات القوميه والعربيه والأنسانيه لتروج للفكر الامبريالى والصهيونى وأقتصاد السوق الترفى الاستهلاكى الذى يدمر الانتاج الوطنى واى خطه للتنميه قادره على ان تحفظ للبلاد أستقلالها الاقتصادى وتبعا السياسى, وكانت أنظمه الخليج الفارسي خير معين على ذلك وبأوامر أمريكيه.
وسط هذا الوضع الأقتصادى المتردى, والذى ازداد ترديا خلال الاربع سنوات الأخيره, خاصه وأن سكان مصر يمثلون ربع سكان الشرق الاوسط, ووسط محاولات الأرهاب الممول قطريا وتركيا وبالطبع صهيونيا أمريكيا والذى لف حدود مصر الشرقيه والغربيه وبالداخل صعد الاخوان من تفجيراتهم بغيه التأثير على أنعقاد المؤتمر, أنعقد المؤتمر الأقتصادى بشرم الشيخ رغم كل التحديات, والهدف أنقاذ مصر من خراب الديار الذى فرض على الشعب المصرى من السادات ومبارك و عملاء الداخل والخارج الخليجى والأرهاب الأخوانى ومشتقاته, وقدمت السعوديه والأمارات والكويت 12 مليار دولار ضخت بعضها في البنك المركزى المصرى كوديعه, وليكون مردودها سريعا في محاوله للتأثير على عواطف الشعب المصرى وقواه الناعمه,هذا الدعم السخى من حكام الخليج الفارسي المالكين لمحافظ أستثماريه في ربوع العالم تقدر بمئات المليارات التى تراكمت عبر السنين بفضل فوائض البترول والتحالفات الدوليه التى أمنت لها أستقرار هذه الفوائض, وقد أهتم حكام الخليج الفارسي بهذا التمويل السخى أملا في القضاء على اى أصلاح جذرى للخلل الأجتماعى الذى تمر به مصر منذ غياب جمال عبد الناصر.
في المطلق وداخل العولمه فأن أنعقاد مؤتمر شرم الشيخ الأقتصادى هو علامه أيجابيه في صالح القياده المصريه وهو يضع مصر على أولى درجات السلم لتنميه تعيد لمصر قدرتها الأقتصاديه واستقلالها السياسى وبالتالى أعاده دورها الأقليمى المفقود, ولن يتأتى ذلك الا أذا تمسكت و أدركت القياده المصريه وناضلت من اجل مايلى:
1- عدم التخلى عن دور الدوله في الحفاظ على الأمن والسلام الاجتماعى من خلال أقامه العدل الاجتماعى بالحفاظ على حقوق الطبقه الدنيا والوسطى في المجتمع في الصحه والتعليم وكافه الخدمات التى تهدرها الراسماليه العالميه ولا توفرها الا لم ينتسبون لطبقتها عن طريق استغلال الطبقات الدنيا.
2- أن الدعم الخليجى ماهو الا للحيلوله دون أى تقارب مصرى سورى للقضاء على الأرهاب في سوريا والذى تموله السعوديه وقطر وتركيا, وعلى القياده المصريه اَلا يغيم عنها أبدا أن الأمن القومى المصرى هنالك عبر الحدود السوريه, وكذلك على طول الحدود الغربيه المصريه مع ليبيا, وأن من هدد الأمن القومى المصرى سواء في سوريا او ليبيا هم حكام الخليج الفارسي والناتو.
3- أن الرخاء الذى سيأتى مع تلك الأموال لن يجد مردوده عند الطبقات الكادحه والمتوسطه من الشعب المصرى اِلا اِذا أتخذت الحكومه من التدابير والأجراءات التى تضمن رخاء المواطن المصرى,واِلا بقيت الأموال وفوائدها في الرخاء حكرا على فئه صغيره من رجال المال والأعمال, تاركه الشعب المصرى يغط في وضعه الأجتماعى التعيس.
4- أن الأنفتاح على الصين وروسيا أمر ضرورى في كل المجالات خاصه أعاده هيكله المصانع التى بناها ناصر ودمرها نظامى السادات ومبارك, وفى مجال الصناعات الحربيه والسلاح, لأن العالم الغربى لايمكن له أن يساعد مصر على أن تقوم بها صناعه سلاح ولا ان يكون لديها سلاح متطور حفاظا منها على تفوق جيش الأحتلال الصهيوني,وأن التبادل التجارى والأقتصادى بين مصر وهاتين الدولتين غير مشروط وبفوائد هى الأقل بالنسبه للمؤسسات النقديه والأقتصاديه الأمريكيه والغربيه.
5- وفى الأخير لابد من الإدراك أن الإقتصاد أخطر من يترك سدى للمستثمرين بشكل لم يحلموا به حتى في ظل إنفتاح السادات وسياسات مبارك على حساب الطبقات الدنيا والوسطى من الشعب المصرى, الذى قد يكفر بكل مافيا رؤس الأموال ليتعمق الصراع الأجتماعى والطبقى حتى يصل الى الذروه مهدداً السلم والأمن الأجتماعى في مصر والشرق الأوسط بل وفى اوروبا ذاتها.
هنا وهنا فقط.. ومع مراعاة كل ماسبق, سيحقق مؤتمر تنميه ودعم الأقتصاد المصرى المنعقد في شرم الشيخ غايته في الدعم والتنميه لينعكس اثرهما على جموع الشعب المصرى, وبدون مراعاه ذلك سنحرث في البحر.
ومع نهايه شهر مارس (آذار) ينعقد مؤتمر القمه العربى بالقاهره في دوره جديده تغلفها الشبهات وتتدنى الى العماله والإنغماس حتى النخاع في وحل التآمر الأمريكى من جانب حكام قطر والسعوديه لإبدال البند الأول من جدول اعمال المؤتمر والذى درج على مناقشه الأستيطان الصهيوني لفلسطين ومساعده شعبها على مقاومه الإحتلال الإسرائيلى, الى ما سوف تقدمه المعارضه العميله السوريه بإيعاز من حكومتى السعوديه وقطر من جعل البند الأول لجدول أعمال القمه العربية, مناقشه ما اسموه "الإحتلال الإيرانى” لسوريا ومساعده المعارضه العميله على مقاومه ذلك سواء لوجستيا و سياسيا ودوليا, ولو صار ذلك لكان المسمار الأخير الذى يدق في نعش جامعه الحكومات العربية والمسبوق بعده مسامير للتشييع الى مثواها الأخير, لأنها بذلك تكون قد حققت لأسرائيل أمنها وأمانها وهدفها نحو قياده الشرق الأوسط الكبير, وحلمها في إسرائيل الكبرى من النيل للفرات, وتكون بذلك قد قضت نهائيا على فلسطين عربيه وعلى حق شعبنا الفلسطسنى اللاجىء في المخيمات في العيش على أرضه.
وهنا يكون الرابط بين دور حكام الخليج الفارسي في دعم وتنميه الأقتصاد المصرى, ومحاوله جر مصر الى ماترمى اليه حكومات تلك الدول بأيعاز من حكومه أوباما التى جاء وزير خارجيتها (كيرى) يرقب أعمال المؤتمر من قريب, وما تريده من القمه العربية, من تدمير لسوريا, وأبدال المحتل الصهيوني لفلسطين بمحتل وهمى(هو في حقيقته صديق)أيرانى لسوريا, في مؤامره جديده على سوريا, بعد أن هزم الجيش العربى السوري كل محاولات أمريكا وتابعيها القطريين والسعوديين لتسعير نار الأرهاب على سوريا, في ظل صمت دول الخليج الفارسي المريب عن كافه الأعتداءات التى تقوم بها اسرائيل وتركيا على الأراضى السوريه.
أن مصر مطالبه أن تدرك حقيقه التآمر القادم من القمه العربية على سوريا- ولو بالحد الأدنى – بصفتها أمن مصر القومى, وعليها ايضا أن تدرك أنه لاينطلى عليها عدوا حقيقيا آخر على أمتنا العربية غير إسرائيل, وهذا يتطلب سياسه ودبلوماسيه عاليه المهاره, تدرك حقائق الواقع والتآمر, وجيش قوى واعد يدرك ان تسليحه الآن لابد ان يمر بعيدا عن السلاح الأمريكى, وتدرك أن الطبقات الدنيا والوسطى في المجتمع المصرى لابد أن تكون الأوجب بالعنايه والرعايه لأنها القادره على أن تشكل وجدان الأمه العربية مع مثيلاتها في كافه البلدان العربية, لتصوغ حياتها ومستقبلها وفق أمانيها ولا تستجيب لدواعى تآمر ملوك وأمراء القمه العربية.