لا خيار إلا الإنسحاب
ما يجري اليوم من تطورات متسارعة وانفراجات بين دول منطقة غرب آسيا خاصة التقارب الايراني السعودي وتاثيراته الايجابية على سائر دول المنطقة وهكذا الانفتاح العربي على دمشق كان مثار قلق وانزعاج للادارة الاميركية و في نفس الوقت كان بمثابة كابوس يؤرق الكيان الصهيوني ومشروعه التطبيعي الذي اخذ ينحسر بشدة. وبالطبع ان هذه التطورات لم تكن اعتباطية بل هي ثمرة صمود وتضحيات جبهة محور المقاومة وانتصاراتها على المحور الاخر في عموم المنطقة.
وما زاد من اقتدار جبهة محور المقاومة هو الدرس البليغ الذي لقنه هذا المحور مؤخرا للعدو الصهيوني في الجبهتين اللبنانية والغزاوية مما دفع العدو الصهيوني ان يستسلم في اقل من 24 ساعة وهي اقصر فترة مواجهة بين العدو وفصائل المقاومة الفلسطينية في تاريخ الصراع خلال العقود الاخيرة.
وفي ظل هذا الواقع التي تشهده المنطقة نرى ازديادا ملحوظا في الهجمات التي تتعرض لها القواعد الاميركية سواء في سوريا او العراق من قبل المقاومة في هذين البلدين وهذا ما يضيق الخناق على واشنطن ويدفعها للاسراع في الانسحاب من المنطقة قبل ان يكلفها اثمانا لاتستطيع تحملها.
ولا شك ان الهجمات المتتالية التي تتعرض لها القوات الاميركية في قواعدها خاصة في سوريا من قبل المقاومة الشعبية السورية جعلها تعيش اليوم في مأزق وانهيار نفسي وهذا ما بدأت تتحسسه دوائر القرار ومؤسساته في واشنطن مما دفع بمجلة نيوزويك مؤخرا ان تتحدث بشكل علني وتطالب اصحاب القرار باتخاذ خطوات ضرورية لاعادة توجيه السياسية الخارجية واهمها اخراج القوات الاميركية من سوريا. وقد كتبت نقلا عن الجيش الاميركي بان هناك 23 عسكريا اميركيا يعانون اليوم من صدمات دماغية جراء هجمات تعرضوا لها في قواعدهم بسوريا في مارس الماضي.
وبالطبع هذه ليست المرة الاولى التي تتعرض لها القوات الاميركية في المنطقة لمثل هذه الصدمات. فقد سبق وان اصيب اكثر من 100 عسكري اميركي لصدمات دماغية في قاعدة عين الاسد الاميركية في العراق عندما تعرضت لهجوم صاروخي ايراني عام 2020 انتقاما لاغتيال القائد الشهيد قاسم سليماني.
فبعد تعرض 23 عسكريا اميركيا لصدمات دماغية في مارس الماضي في سوريا قدم النائب الجمهوري "مات غوتير" مشروع قرار للكونغرس يدعو فيه لسحب القوات الاميركية من سوريا والذي يبلغ عددهم 900 عسكري الا ان هذا القرار لم يحصل على الاغلبية. وقد دلل على موقفه هذا بان اعضاء الكونغرس يقسمون اليمين للحفاظ على الشعب الاميركي وليس السوري او الاوكراني.
وخلال هذا الاسبوع عادت مجلة "ذا ناشيونال انترست" الاميركية لتكرر هذا الموقف محذرة ادارة البيت الابيض من العواقب الوخيمة لعدم انسحابها من سوريا بالقول: "الهجمات في سوريا تذكير مؤلم بضرورة الانسحاب الاميركي، لذلك يحتم على واشنطن سحب هذه القوات قبل ان تدفع المزيد من جنودها الثمن".
وما يؤرق المسؤولين الاميركيين اليوم قبل كل شيء هو الوضع المأزوم والمهزوز في الكيان الصهيوني الذي بات يقترب من نهايته وهم اعجز من ان يفعلوا له شيئا لذلك سيضطرون عاجلا ام آجلا للانسحاب من المنطقة على مضض وعينهم على هذا الكيان الذي قدره هو الفناء وقدرهم المغادرة التي هي خيارهم الوحيد.. وما ذلك على الله ببعيد.