رغم التقدم طريق السلام في اليمن لا يزال شائك
طالب الحسني
سقف التفاؤل بعودة السلام إلى اليمن بعد 8 سنوات من الحرب مرتفعة اثر التواصل الذي يجري الآن ، وتحديدا السعودي اليمني ، لكن لا يزال طريق السلام أيضا شائك وثمة تعقيدات كبيرة وكثيرة ، وقد يحتاج لأعوام حتى يسود ، وهناك احتمالات ايضا في المقابل بعودة الحرب.
وبخلاف ما يعتقد الكثير أن أحد الاسباب في الاتجاه نحو السلام يعود للتواصل السعودي والايراني برعاية صينية ، هناك خلفيات أخرى أقوى واكثر إلحاحا ، من بين ذلك الرغبة السعودية في إنهاء الحرب ضمن استدارة نحو تصفير المشاكل مع عدد من دول المنطقة والتفرغ لخطط اقتصادية تتعلق بـ20-30 اذ تحتاج الرياض ظروف مختلفة تماما عن الظروف الحالية، خاصة تلك المتعلقة باليمن.
المقاربة السعودية للحل في اليمن متباعدة بشكل كبير عن طموح العاصمة صنعاء ، فالوصول إلى مرحلة انتقالية بالكيفية التي تريدها الرياض ستنصدم بتعقيدات لا يمكن تفكيكها دون الوصول إلى اتفاق بين التحالف وصنعاء يشمل تنفيذ خارطة السلام التي يتمسك بها المجلس السياسي الاعلى في العاصمة صنعاء التي تعمل على محورين:
ـ اولا: تفكيك الحصار بصورة نهائية والاتفاق على معالجات اقتصادية تشمل تسليم عائدات النفط الغاز لدفع رواتب الموظفين مقابل تمديد الهدنة لفترة جديدة.
ـ ثانيا: اخراج اليمن من حالة الحرب والحصار ودفع القوات الاجنبية بعيدا عن اليمن ، وبالتالي توقيع اتفاق مع السعودية كقائدة للتحالف ، قبل الحديث عن اي فترة انتقالية جديدة من خلال مفاوضات يمنية يمنية .
تنفيذ هذه الخارطة سيعني ببساطة شديدة اعلان انتصار لصنعاء ، دون اي ضمانات كيف يمكن ان تكون المفاوضات اليمنية اليمنية بعد ذلك والتي قد تعني عودة الحرب مع تفوق صنعاء العسكري على القوى المحلية التي تعمل مع التحالف ، والتي ستصبح في حالة ضعف شديدة عسكريا وسياسيا ، ومن هنا يمكن رؤية الخوف من تحقق ذلك بالنسبة لتلك القوى التي ربطت مصيرها بمصير التدخل العسكري الخارجي ما يعمل عليه المجلس السياسي الاعلى في العاصمة صنعاء الآن هو التالي:
ـ اولا: الصبر الاستراتيجي في التفاوضات التي تجري دون التسرع إلى تقديم تنازلات بما في ذلك التعامل مع السعودية كوسيط واشراكها في بناء عملية انتقالية جديدة.
ـ الثاني: الحفاظ بشكل كبير على المكتسبات السياسية والعسكرية التي تحققت طوال الفترة الماضية وأبرزها ، التمسك بالتغيير الذي أحدثته ثورة 14 سبتمبر 2014 ، ومن يتابع الملف اليمني بعمق سيدرك حجم المتغيرات في بنية اليمن الداخلية وشكل النظام وشكل التحالفات ورؤية صنعاء لمستقبل اليمن.
ليس هناك أي مؤشرات حتى الآن تخترق الفروق الجوهرية بين رؤية السلام التي تراها السعودية للحل السياسي الشامل ، وبين الأهداف التي تريدها صنعاء كنتيجة طبيعية للصمود والفوز بالحرب ما يتم التركيز عليه هو ان كان هناك امكانية لفتح طاولة مفاوضات يمنية يمنية بعد او قبل خروج السعودية من الحرب ، تشترط صنعاء العودة إلى ما قبل 26 مارس 2015 ، ورفض هذا الشرط يعني ان لا مفاوضات يمنية يمنية ، حتى وان حصل ذلك فإن على السعودية ان تنتظر سنوات لمفاوضات ستكون معقدة وغير مضمونة الثبات.
الامر الاكثر تعقيدا يتعلق بالمرجعيات ، فالتحالف لا يزال يضع مرجعيات من الصعب القبول بها من بينها القرار الدولي 2216 الذي يعني تسليم أنصار الله السلاح والانسحاب من المدن ، وهذا مستحيل ، في هذه الحالة على السعودية تجاوز ذلك والبحث عن مرجعيات اخرى ، لكنها ستخضع مرة اخرى لقاعدة البقاء للاقوى ، والاقوى مرة أخرى صنعاء والمجلس الائتلافي الذي يقوده انصار الله ، وبوضوح ادق فان لدى صنعاء رغبة شديدة في اخراج السعودية وأطراف خارجية اخرى من المشاركة في ترتيب فترة انتقالية ، وهذا يحدث لأول مرة منذ عام 1962.
عندما يتم التفكير فقط في الملف العسكري والجيوش التي تم تأسيسها منذ بدء الحرب ، فيمكن رؤية اليمن في اعقد صورة ولا يتطابق مع أي مرحلة سابقة ، ومن يشير إلى اتفاق الجمهوريين والملكيين في سبعينات القرن الماضي حين توافقت مصر والسعودية على اجراء حل سياسي يشمل دمج تلك القوات ، فان يجهل التعقيدات التي تكونت الآن .