أعيدوا الحياة والسلام إلى اليمن السعيد…
سارة السهيل
اليمن بقعة طاهرة من أرضنا العربية شهد حضارة خالدة، وشعبه من أطيب الشعوب واكثرهم رقة، وعلماؤه الأعظم فقهاً، ومع ذلك ابتلوا بالحرب، عقب “ثورات الربيع العربي”، فجأة ومن دون سابق إنذار تحولت أرضه الطيبة التي دعا نبيّنا محمد لها قائلاً: “بارك الله في يمننا”، الى ساحة حرب…!
وطبعا عمل أباطرة السلاح على استمرارها تحقيقاً لمكاسب مالية على حساب شعب بأكمله وأطفالٍ عزل فقراء ومنكوبين، واستمرار هذه الحرب طوال هذه السنوات قضى على مصادر الطعام، فالمصائد السمكية لا تعمل إلا بطاقات محدودة وكذلك المناطق الزراعية تأثرت بفعل هذه الحرب وكارثيتها ومآسيها، مما جعل اليمن يحتلّ المركز الثاني عالمياً في قائمة الدول الأكثر معاناة بسبب انعدام الأمن الغذائي والمؤسسات الدولية هي التي رصدت هذه الأزمة، مؤكدة انّ أكثر من 16.2 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي بحسب “WFP”، وأنّ حوالي 3.2 مليون طفل يمني دون سنّ الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد بحسب “OCHA”، ورصدت منظمة “إنقاذ الطفولة”، في تقرير لها ديسمبر/ كانون الأول 2022، انعدام الأمن الغذائي في اليمن بما في ذلك سوء التغذية الحادة وارتفع هذا العدد في العامين الماضيين إلى 6 ملايين شخص من 3.6 مليون، بزيادة قدرها 66 بالمئة”.
وكشفت المنظمة نفسها حقيقة أنّ أطفال اليمن يواجهون سوء التغذية والموت بسبب ضعف أجسامهم وتعرّضها للإصابة بالأمراض، فضلاً عن أنّ سوء التغذية يترك على الناجين من الأطفال آثاراً تدوم مدى الحياة، بما في ذلك ضعف النمو البدني والنمو المعرفي.
ولا يوجد مبرّر منطقي لأزمة الجوع في اليمن او غيرها من البلدان سوى غياب العدالة الدولية والمحلية أيضاً، هذا الغياب جعل أكثر من 80% من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي فإنّ سوء التغذية سيضع جيلاً بأكمله من أطفال اليمن على المحك، بعد أن بلغ سوء التغذية الحاد أعلى مستوياته وأهل معظم الأطفال سيقعون في شرك الجوع، والمجتمع الدولي يتحمّل مسؤولية جوع أطفال اليمن بفعل نقص تمويل الدعم المالي والغذائي، ونهب التبرعات او توزيع المساعدات على غير مستحقيها خاصة الأطفال، ولم تجد منظمة “اليونيسيف” المختصة بالطفولة سوى مطالبة هذا المجتمع زيادة الدعم المالي لإعادة المشاريع الإغاثية المتوقفة والمساعدات الغذائية والصحية لأطفال اليمن.
وللأسف فإنّ الفساد داخل المنظمات الدولية جعل المتاجرة بمعاناة اليمنيين وهدر التبرّعات لسدّ نفقاتها إلإدارية، بحسب ما أكدته جريدة “الوطن” اليمنية، حين كشفت عن فضيحة لبرنامج الغذاء العالمي تجسّدت بوصول شحنة دقيق تالفة “مسوّسة” الى عدن، مما جعل هيئة المواصفات وضبط الجودة اليمنية تحتجز الباخرة لإتلاف الحمولة الفاسدة.
وبحسب منظمة “سياج” لحماية الطفولة، في بيان لها عام 2018 فإنّ المجاعة تجتاح أغلب محافظات اليمن وتحصد أرواح مئات الأطفال، وتهدّد مئات الآلاف بالموت جوعاً، بفعل انعدام سبل المعيشة ونهب أموال المساعدات الإنسانية.
فالمساعدات الإنسانية الدولية تتعرّض لعمليات نهب منظم، وما يعلن عنه منها إعلامياً تذهب غالبيته إلى غير مستحقيه الفعليين، وأنّ متوسط من يحصلون على مساعدات إنسانية حقيقية لا يتعدّى 10% تقريباً من إجمالي المستحقين الفعليين.
أمام هذه الكارثة، فلا بدّ من الإسراع في مراجعة السياسات المعمول بها في توزيع المساعدات على شعب اليمن وأطفاله الجوعى، وكشف شبكة المنظمات المحلية والدولية والمسؤولين الحكومين باليمن التي تنهب المساعدات الإنسانية لهذا الشعب المنكوب، ومحاسبة المسؤولين عن سرقة ونهب المساعدات الدولية لليمن.
ونأمل تخصيص مسؤولين شرفاء محايدين يتولّون توزيع المساعدات الإغاثية للأطفال بعيداً عن “أجندات” خاصة بأطراف الصراع او أصحاب المصالح والتصنيفات المذهبية أو السياسية.
أما على الصعيد العربي والإسلامي، فإنّ منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدولة العربية مطالبتين على وجه السرعة بتدشين حملة لإنقاذ أطفال اليمن، وفتح باب التبرّعات لجمع الأموال السريعة وكلّ أشكال المساعدات الغذائية والصحية من أثرياء العالمين العربي والإسلامي ومن المؤسسات الاقتصادية الكبرى المنتشرة في بلادنا ومن كبار الفنانين والشخصيات الاعتبارية الثرية.
والأهمّ هو تخصيص جهة شريفة تتولى توزيع هذه المساعدات على منكوبي اليمن خاصة الأطفال، وعلى كل ّالدول العربية إرسال قوافل طبية عاجلة لإنقاذ أطفال اليمن من أمراض سوء التغذية الحاد والجوع.