ما اشبه اليوم بالبارحة يا واشنطن
مهدي منصوري
وقبل اربع سنوات ونيف وفي فترة زوبعة الانتفاضات في بعض الدول العربية والتي اتضح مغزاها وهدفها بعد حين حاولت واشنطن وبعض الدول الخليجي استقلال هذه الاجواء لتصفية حساباتها مع الحكومة السورية التي اسبت ان تكون ضمن المحور المشؤوم الاميركي ــ الصهيوني.
وعند اندلاع الازمة من خلال اندلاع التظاهرات في بعض المحافظات السورية والتي كانت في ظاهرها المطالبة ببعض الحقوق للمدنيين وبدورها استجابت الحكومة السورية لتنفيذ بعض المطالب المشروعة الا ان واشنطن وجدت في هذه التظاهرات خير وسيلة يمكن ان تستغلها من اجل تحقيق اهدافها في تغيير الاوضاع في سوريا وحسب ما كانت تريده. ولذلك غيرت مسار هذه التظاهرات واخرجتها من سلميتها من خلال اغراء البعض بالمواجهة المسلحة لانها اعتبرته الطريق السريع لتغيير النظام القائم.
وقد حشدت واشنطن وذيولها سواء كان من بعض الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية وقطر او الدول الاخرى كتركيا والاردن وبعض الدول الغربية كفرنسا وبريطانيا وقد كان قصب السبق في الموضوع ايضا للكيان الغاصب للقدس الذي وجد في هذا الامر فرصة الذهبية ان يزيل عقبة كاداء في طريق سيطرته على المنطقة.
ولكن غاب عن ذهن هؤلاء ومن خلال حسابات خاطئة وغير دقيقة ان الشعوب لايمكن ان تقهر بقوة السلاح ولايمكن ان تنصاع وبسهولة لارادات الاخرين. وهذا الذي حدث سوريا اذ وقف الشعب السوري وقفة رجل واحد مع حكومته في خندق الدفاع عن البلاد بحيث استعصى على المتآمرين والحاقدين ورغم كل الامكانيات الهائلة التي وضعتها الدول المعادية من اجل تحقيق اهدافها المرسومة ان تصل الى هذه الاهداف.
واليوم وبعد ان واجهوا الحقيقة المرة والمؤلمة انهم قد خسروا المعركة في سوريا وبامتياز لذلك بدأت خطوات التراجع تظهر وبصورة مخزية على لسان قادة واشنطن العسكريين قبل السياسيين لذلك جاءت تصريحات رئيس المخابرات الاميركية (سي أي ايه) بالامس من واشنطن لا نسعى لاسقاط الحكومة السورية لان باسقاطها ستكون دمشق نهبا للمجموعات الارهابية ولذلك جاءت الرغبة الاميركية هذه.
السؤال المهم والذي يطرح نفسه الا كان من الاجدد لواشنطن ان تدرك الامر منذ البداية خاصة عندما ارتفعت اصوات بعض الدول آنذاك وقبل اربع سنوات للجوء الى حل الازمة السورية سلميا لكي يتجنب هذا البلد والمنطقة كل الكوارث والمأسي التي حصلت والتي كان نتيجتها المزيد من ازهاق الارواح وتدمير البنى التحتية وغيرها والتي قد يكون من الصعب اعادتها الى ما كانت عليه.
ولذلك على واشنطن وبالدرجة الاولى والتي كانت السبب في كل هذه الكوارث التي مرت على الشعب السوري ان تجيب على السؤال المهم والاساسي الا وهو هل يكفي ان ينطلق تصريح من المخابرات الاميركية يعلن فيه ان الحكومة السورية يجب ان تبقى لتشفي جراح وغليل كل الذين نالت منه هذه الحرب المدمرة ما نالت؟.
اذن فعلى واشنطن اليوم وبعد اذعانها بالحقيقة ان تكفر عن كل مساومتها وجرائمها ضد ابناء الشعب السوري الصامد والذي اجبرها على هذا الاذعان ــ والا فان لعنة التاريخ ستبقى تلاحقها والى ابد الابدين.