موقع اميركي :الاتفاق الإيراني السعودي يكشف تهالك نفوذ أوروبا في الشرق الأوسط
* الاتحاد الأوروبي فشل في حماية خطة العمل الشاملة المشتركة وإشراك جميع دول الخليج الفارسي فيها
*أفضل ما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي الآن هو الاستفادة من أي تطور يؤدي إلى قدر أكبر من الأمن والاستقرار في المنطقة
طهران-فارس:-كشف الإعلان عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، بوساطة صينية، حدود نفوذ الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، وفق موقع "responsible statecraft"الأميركي.
وفي حين كان الاتحاد الأوروبي حريصاً على تجنب نسب الفضل صراحةً إلى الصين، التي أشار إليها بوصفها "منافسته النظامية"، في هذا الانفراج، أعلنت بروكسل استعدادها للبناء عليه من خلال الانخراط "مع جميع الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط في نهج تدريجي وشامل بشفافية كاملة".
وفي الوقت الذي يُشير بيان الاتحاد الأوروبي إلى "نهجٍ عملي"، فإنّ السؤال المطروح هو: لماذا كانت الصين راعية الاتفاق، وليس الاتحاد الأوروبي؟
وعلى الرغم من انشغال الاتحاد الأوروبي بالحرب في أوكرانيا، فإنّ نفوذه المتضائل في الشرق الأوسط سبق الحرب. يرجع ذلك جزئياً على الأقل إلى فشله في نشر النفوذ الذي كان يتمتع به في تلك المنطقة.
في الشرق الأوسط، تؤدي الصين الآن الدور المخصص تقليدياً للأوروبيين، من خلال التحدث إلى جميع الأطراف ودعمها بقوّة اقتصادية.
ولفت الموقع إلى أنّ الاتحاد الأوروبي، على عكس الولايات المتحدة، كانت لديه علاقات دبلوماسية مع جميع اللاعبين في المنطقة، بما في ذلك إيران.
وبعد الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، اتفق الاتحاد الأوروبي وإيران على خارطة طريق طموحة لتطوير العلاقات الثنائية.
بعد ذلك، فشل الاتحاد الأوروبي في حماية خطة العمل الشاملة المشتركة وإشراك جميع دول الخليج الفارسي فيها بطريقة متوازنة حقاً.
أيضاً، أنشأت "E3" (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) أداة تجارية خاصة "INSTEX" مصممة لتسهيل التجارة المشروعة مع إيران. ومع ذلك، سرعان ما اصطدمت هذه المبادرة بجدار صلب، إذ كانت المؤسسات المالية الأوروبية مترددة في الانخراط في التجارة مع إيران، خشية أن تتعارض مع "العقوبات" الأميركية خارج الحدود الإقليمية.
في الواقع، تم تنفيذ ما مجموعه عملية واحدة عبر "INSTEX" التي تم حلها الشهر الماضي فقط. ولزيادة الأزمات، ألقى مبتكرو "INSTEX" الأوروبيون اللوم على إيران في فشلها.
أدى فشل "E3" في الامتثال الكامل لدورها في حماية "خطة العمل الشاملة المشتركة" إلى انهيار أي نفوذ ناشئ بنته مع طهران. كما لم يكن الاتحاد الأوروبي أكثر نجاحاً في رغبته في أداء دور استقرار في الخليج الفارسي.
وفي أعقاب اغتيال الولايات المتحدة الشهيد قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020، التزم الاتحاد الأوروبي مبادرات دبلوماسية للحد من التوترات في المنطقة، لكنه لم يتبع أبداً إستراتيجية مقنعة لتحقيق هذا الهدف.
أما بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، فإن الاتفاق لن يغير حقيقة أنها ترى نفسها قوة سيادية طموحة غير مقيدة بالغرب وحريصة على تنويع علاقاتها، وفق الموقع. ولا شكّ في أن تطبيع العلاقات مع إيران خير مثال على ذلك.
وعلى الرغم من أهمية الصفقة نفسها، فإن حقيقة أن الشريك الإقليمي الاسمي للغرب وافق على تسليم هذا الإنجاز الدبلوماسي إلى منافس الغرب النظير يدل على الكثير.
وتوضح الخطوة الجريئة التي اتخذتها الصين في التوسط في التطبيع السعودي الإيراني، والتي ساعدها بلا شك لاعبون إقليميون، ولا سيما العراق وعمان، التحولات الكبيرة نحو مزيد من التعددية القطبية والوكالة داخل المنطقة في الشرق الأوسط.
بيد أن صعود الصين كان سهلاً بسبب تراجع قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير في الأحداث في المنطقة.
ويختم الموقع قائلاً إن أفضل ما يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي الآن هو محاولة الاستفادة من أي تطور يؤدي إلى قدر أكبر من الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في وقتٍ سابق، إنّ زيادة نفوذ الصين في الشرق الأوسط دليلٌ ملموس على أنّ بكين مستعدة للاستفادة من نفوذها في النزاعات الخارجية، مشيرةً إلى أنّ الصين اقتربت من الشرق الأوسط الغني بالنفط، بعدما ظهرت في المرتبة الأولى في العالم كمستورد للطاقة، لكن دورها الآن أكبر بكثير.