kayhan.ir

رمز الخبر: 166705
تأريخ النشر : 2023March12 - 20:26

وعلام نصبتم مأتما ؟!

 

حسين شريعتمداري

1 – عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران والسعودية اشبه بالقنبلة الخبرية فاحدث الجمعة الماضية صدى مهيبا في ارجاء العالم ليتحول الانفجار الى الخبر الاول لجميع وسائل الاعلام العالمية فالزم المسؤولين الرسميين وذوي الاختصاص في علم السياسة لترجيحه على سلم الاولويات في التصريح والبحث .

فكان القلق المصحوب بالامتعاض لاميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول الاوروبية جراء هذا الحدث واسعا وشاملا لدرجة لايمكن مشاهدة مثيل له .

وفي مقالنا هذا نشيرلمسألة تم التأكيد عليها في السياسة الخارجية للحكومة ، اذ من خلال الالتفاف اليها ستكون حلالة للعقد في المستقبل !

2 – ان حكومة روحاني وجميع لحكومات التي ترأسها ادعياء الاصلاح ، كانت تربط اي اجراء وتحرك على مستوى السياسة الخارجية بلفت انتباه اميركا وحلفائها الاوروبيين ، ولطالما اعلنت وبصراحة انه دون لفت نظر وكسب ود " المختار" ! ( وهو اللقب الذي اطلقه روحاني على رئيس جمهورية اميركا ) فلا يتم التوصل الى اي حركة في المنطقة  ! والاتفاق الاخير بين ايران والسعودية ليس لم يؤخذ فيه رضا اميركا وموقفها وحسب بل تم في هذا الاتفاق شطب اميركا وحلفائها من الساحة وهي الحقيقة التي اطلق عليها اميركا واوروبا والكيان الصهيوني بالضربة الكبيرة لمكانتهم في المنطقة ، ولانجد اي مسؤول حالي اوسابق من الاميركان او من الاسرئيليين الا واعتلاه الامتعاض لاستدارة السعودية باتجاه ايران وشطب اميركا من مشاهد المنطقة . اذيكفي ان نسلط انظارنا للكم الهائل من التقارير الخبرية التي تناولتها وكالات الانباء العالمية بهذا الخصوص لنقيم مدى شدة الضربة التي وجهت من ناحية الاتفاق لمكانة اميركا في المنطقة .

3 – ان بعض ادعياء الاصلاح والذين تماهو في امتعاضهم من الاتفاق الاخير مع اعداء ايران الاساسيين ، فقرنوا ترحيب الصحيفة ( كيهان ) من هذا الاتفاق بالاعتراضات السابقة ، خلال حكومة روحاني فتوصلوا لنتيجة مفادها بان صحيفة كيهان قد احدثت تعديلا في اصولها السابقة ، وهذا الاستنتاج ورغم سذاجته ، وفي احسن الاحوال ناجم عن قلة دركهم لحقيقة القضية ، والتقريب الطفولي لظاهرالامر بدل الخوض في جوهره ، الا انه رغم ذلك سنشير الى امور بهذا الخصوص لاتخلو من الفائدة . ان ادعياء الاصلاح كانوا يقترحون في الاتفاق مع السعودية موافقة اميركا اولا، والقبول بشروط السعودية ثانيا ! وبعبارة ثانية ، تحييد قدرات ايران الصاروخية ، وسحب الدعم عن قوى المقاومة في المنطقة ومنها ، القبول بالهيمنة السعودية والاماراتية على اليمن !والتخلي عن حق ايران في السيادة على الجزر الثلاث ، تنب الكبرى ، وتنب الصغرى ، وابوموسى ! والانضواء مع رؤى الدول العربية الرجعية بخصوص موجودية الكيان الصهيوني و ........

وفي هذه الحالة فمن الطبيعي بمكان ان تكون معارضة صحيفة كيهان الشديدة للاتفاق المقترح من السعودية ( ولنقل اميركا واسرائيل ) ، وكذلك من المنطق والوطنية تكون موافقة ادعياء الاصلاح للشروط المذكورة كارثة فجيعة .

وفي الاتفاق الاخير فان اميركا ستشطب من مناسبات المنطقة وهذا اولا ، وثانيا ، فان السعودية قد توصلت الى هذه الحقيقة بانه من غير الممكن كتابة الخواطر على حائط اميركا وعلى العكس من نهجها السابق لجأت الى شطب اميركا من احداث المنطقة ، وثالثا ( وهو الاهم  ) انها توصلت الى مطالب مشتركة ومنطقية بالاتفاق مع ايران بسحب الشروط التي امليت من قبل اميركا ، ورابعا فانها اعطت ظهرها للمشروع الاسرائيلي المعروف بـ (ابراهام ) في التحالف مع اسرائيل في قبال ايران ، حتى ان صحيفة احرونوت الصهيونية كتبت بالامس " ان السعودية قد القت بماء فمها على وجه اسرائيل في اتفاقها مع ايران ) ! فيما علق موقع فوكس “ vox  ”  الاخباري باكناية " اهلا بزمن مابعد اميركا في الشرق الاوسط " وهنا يطرح التساؤل الاتي بانه لماذا يمتعض ادعياء الاصلاح   من هذا الاتفاق ولماذا يحملون على صحيفة كيهان بسبب تأييد الاتفاق ؟!

4- وهنا نلقي نظرة الى نموذجين من تصريح لاحد المسؤولين السابقين في الجمهورية الاسلامية الايرانية حول شأن سعودي ، " ان الحكومة السعودية ولاجل ان تغطي على جريمتها بقطع رأس احد الزعماء الدينيين لديها اقدمت على امر مستغرب بقطع علاقتها السياسية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية ، في الوقت الذي لايمكن تغطية هذه الجريمة الفظيعة بهكذا اجراء دون شك " ( 5 كانون الثاني 2017 ) "ان مسار السياسة الاقليمية للسعودية طريقه الظلم والتطاول ونشر الارهاب وزعزعة امن واستقرار المنطقة ولذا نطلب من الحكومة السعودية ان تصحح اخطاء ها السابقة والتراجع عن هذا المسار الخاطئ الذي لاثمرة منه " 6 كانون الثاني 2017 .

هذا التصريح ممن صدر ؟! فهل تصدقون ان القائل هو جناب السيد روحاني رئيس الجمهورية السابق لبلدنا ؟! نحن نستشف تصريحات السيد روحاني في تلك الايام انها نابعة من الواقع حينه ونستغرب انه لماذا لما لم يحصل اي تغيير في مسار حركة السعودية يصر على اقامة علاقات مع السعودية وبالتالي يلقي اللوم على المعارضين لهذه العلاقة ؟!

والاستغراب الاخر انه لماذا ومع قبول السعودية شروط ايران الان، تتم مهاجمة صحيفة كيهان لترحيبها لهذه العلاقة ؟! فاعتبروا يا اولي الابصار !

5- ان بعض ادعياء الاصلاح غردوا على مواقعهم بان الحكومة الحالية قد قبلت بعد اللاتي واللتيا بضرورة اعتماد التفاوض ! وفي الرد على عنوان الصحيفة " على ادعياء الاصلاح ان يتعلموا كيفية التفاوض " كتبوا " لقد قلنا ذلك ( ضرورة التفاوض ) منذ البداية ، ويسعدنا انكم تعلمتم هذا الامر في النهاية " ! فيما لم يوضحوا ماهو قصدهم من المفاوضات التي على الحكومة الحالية ان تتعلمها ؟! فقد ضحوا لثمان سنوات بجميع الامكانات والميزانية واستعدادات الدولة عند منحر التفاوض مع اميركا على ان يتم الغاء العقوبات ، الا انه ليس لم يتم الغاؤها وحسب بل اضيفت مئات العقوبات الاخرى الى العقوبات السابقة ! وبعد كل تلك المكاسب المباشرة التي قدموها للخصم كان المكسب الوحيد – حسب قولهم  -" لاشيئ تقريبا"! فان كان قصد السادة من التفاوض تقديم المكاسب ، فان هكذا مفاوضات لاتستحق الفخر كي نتعلم منها ! واذا كان قصدهم تفاوض اشبه بالمفاوضات الاخيرة ، فان نتيجته ضمان المصالح القومية وتوجيه ضربة لاميركا واسرائيل ، وهوما كان يشير اليه سماحة القائد مرارا باننا لسنا طرفا في هكذا مفاوضات . الجدير ذكره ان الموافقة والمخالفة لموضوع يعود للنص ولمضمونه وليس لعناوينه واطلاقاته ، وحسب الشاعر مولوي :

لاتقرنوا بانفسكم عمل الصالحين       رغم كونه ليثا في التدوين

6- ورغم ان نص الاتفاق بين ايران والسعودية وبوساطة اولية للعراق ولعمان وانها ختمت بالصين ، لم ينشر بعد ، الا ان القرائن المتوافرة تعكس بوضوح بان ايران الاسلامية وفية لاصولها ومبادئها . على سبيل المثال فان واحدة من الامور البينية هي دعم ايران لجبهة المقاومة اذ ان رد جبهات المقاومة حيال الاتفاق المذكور يدلل على التزام الجمهورية الاسلامية الايرانية دعمها لهم . فقد قال امين عام حزب الله لبنان السيد حسن نصر الله بهذا الشأن : " ان التغيير الحاصل بخصوص علاقات ايران والسعودية يصب في صالح شعوب المنطقة وسيخلق افق جديدة في المنطقة وفي لبنان " فيما صرح المتحدث باسم حركة انصار الله في اليمن " محمد عبد السلام " " ان المنطقة بحاجة الى عودة العلاقات الطبيعية بين دولها ، كما ان على الامة الاسلامية ان تسترجع امنها المفقود بسبب تدخل الاجانب وعلى راسهم التدخل الصهيوني الاميركي " واللافت ان الشيخ نعيم قاسم مساعد الامين العام لحركة حزب الله اللبنانية قد قال :" ان الاتفاق الايراني السعودي بمثابة ضربة موجعة للكيان الصهيوني وامريكا "وهذا بالضبط تكرار لنفس عنوان صحيفة كيهان 11 مارس 2023 .

7 – وبالتالي فان تساؤلا اساسيا يطرح على ادعياء الاصلاح بانه لماذا في كل مرة  - كما هو حال الاتفاق الاخير – كلما يعتري اميركا وحلفاؤها الخشية ، تعربون عن قلقكم ؟! مع ان ما نشير اليه لايشمل جميع انصار جبهة الاصلاحات بالرغم من ميول الاشخاص الملتزمين في هذه الجبهة بالنظر لسيرة ومواقف الكوادر الاسلامية لجبهة الاصلاح وهومما يستغرب منه !