لماذا ألغى الرئيس بوتين مشاركته في معاهدة ستارت؟
في الظاهر قد يبدو إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحاب بلاده من معاهدة ستارت للحدّ من الأسلحة النووية، وروسيا في ذروة الانخراط في حرب أوكرانيا في مواجهة مفتوحة مع حلف الناتو، اشارة على نية استخدام السلاح النووي في هذه الحرب، أو إشارة بالحد الأدنى لفتح سباق تسلّح جديد على المستوى النووي.
الخبراء الروس يؤكدون أن الخيار النووي في الحرب ليس على جدول أعمال الرئيس بوتين، وهو في الأصل خيار دفاعي لن يكون إلا رداً على لجوء أعداء روسيا لاستخدامه، وهو ما لا يبدو في الأفق، أما سباق التسلّح النووي فإن روسيا تعتقد أنها خاضته وربحته، وأنها تتفوق اليوم على الصعيد النووي على حلف الناتو مجتمعاً، خصوصاً بالصواريخ الرادعة التي وضعتها في الخدمة، وأهمها الصواريخ الفرط صوتية.
يقول الخبراء الروس إن القيادة في موسكو تتصرف على قاعدة أن التعامل الغربي الأميركي والأوروبي المتوحش مع العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا أطاح بكل معادلات النظام القديم السياسي والاقتصادي والعسكري، الذي كان يدير النزاعات الدولية، فتمّت إطاحة النظام المصرفي والضوابط التي تحكم استقلاله فجرت مصادرة الأموال الروسية، وتمت إطاحة قواعد منظمة التجارة العالمية ومُنعت روسيا من حق المتاجرة الحرة، وأطيح بحرية التعبير وأقفلت مؤسسات الإعلام الروسي بما في ذلك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجرت إطاحة التفاهمات التي حكمت توسّع الناتو في الجوار الروسي في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي، ولم يبق إلا ما يعتقد الغرب أن إلغاءه لصالح روسيا فأبقى عليه ومن هذا الذي بقي معاهدة ستارت لأن روسيا متفوقة بصورة لا تقبل الجدل على المستوى الاستراتيجي.
يعتقد الخبراء الروس أن القيادة الروسية تتعامل مع نهاية الحرب في أوكرانيا كنقطة تحوّل عالمية ستشهد صياغة قواعد جديدة في العلاقات الدولية. وهي ترى أن من حقها ان يشمل هذا الجديد كل ما شهد تغييرات لصالح روسيا ولم يتم تكريسه في القواعد المعتمدة. وهذا هو الحال في المجال الاستراتيجي، والنووي خصوصاً.
البناء