kayhan.ir

رمز الخبر: 165733
تأريخ النشر : 2023February21 - 20:17

فلسطين في موازين «الصحوة العسكرية»

 

 نمر أبي ديب

شكلت «صفقة القرن الأميركية» في أبعادها السياسية، ونتائجها الاستراتيجية إلى جانب «قانون قيصر» وغيره من عناوين المواجهة العالمية، مقدمة أميركية «غير ناجحة» لشرق أوسط جديد مُفَرَّغ من عناوينه الأساسية وأيضاً من مجمل القضايا التاريخية في طليعتها القضية الفلسطينية ضمن سلسلة المحاولات الدولية الهادفة إلى إحداث متغيّرات جوهرية، في بنية «الصراع العربي ـ الاسرائيلي»، واستحداث فراغات وجودية تحاكي في أبعادها الاستراتيجية جملة الخيارات السياسية والبدائل التي قامت عليها وما زالت «صفقة القرن» لتكريس واقع احتلالي جديد، يُحاكي في أبعاده «الاستعمارية»، تأقلم الأجيال الناشئة داخل فلسطين المحتلة، والعالم العربي مع «الحالة الإسرائيلية»، مع كيان عنصري عابر للحقيقة التاريخية، وأيضاً لجملة الروابط المفقودة على المستوى الثقافي والاجتماعي، يُكرِّس بشكل دائم وعلني واقعية الاحتلال في «الجغرافيا الفلسطينية»، ويؤكد في مجمل القراءات الاستراتيجية المبنية على توازنات دولية، ومعايير وجودية، حاجة أميركا الدائمة، ومعها «إسرائيل» ومجمل المعسكر الغربي لـ «صفقة القرن» للاستثمار السياسي في مفاعيل الصفقة الأميركية، ومخلفات الحصار الاقتصادي الذي فرضه «قانون قيصر» نتيجة التحوّلات العالمية من جهة، وامتهان سياسة الأبقاء على الظروف الإقليمية/ الدولية المناسبة، والمساهمة اليوم وحتى إشعار آخر، في تعميم ثقافة الاحتواء والاستثمار السياسي العسكري والنفطي في مساحات النفوذ العربي لصالح مشاريع عالمية وأخرى إقليمية من بينها «التطبيع»، أحد أبرز العناوين المطروحة اليوم على لائحة الأولويات الأميركية، ضمن سلسلة الخيارات المتاحة والمحاولات الدولية الهادفة إلى ترجيح كفة المحور الداعم والمؤيد للسياسة الأميركية من جهة، وتسجيل اختراق سياسي أمني وعسكري في جدار المناعة العربية، الحاضنة على المستوى الشعبي والحضورين «الاجتماعي والثقافي».

أحزاب وحركات المقاومة المرتبطة أخلاقياً وعقائدياً بـ»القضية الفلسطينية»، بموازين استراتيجية نجحت في إسقاط الجزء الأول من أهداف الصفقة الأميركية، المتمثل في إخراج «الصراع العربي الإسرائيلي» من بيئته الحاضنة، وأيضاً من حلبات النزال الشرق أوسطية التي دخلت مع الخطاب العربي الجديد، مع فكرة الحياد والمطالبة بـ «ناتو عربي» مراحل متقدّمة من الترهّل والابتعاد عن القضية الأساس، وتلك حقيقة ميدانية اختصرت المشهد العربي لسنوات، بالرغم من «توازنات قوة» عسكرية وسياسية أرستها المقاومة في بعديها «اللبناني والفلسطيني» على مراحل عديدة، ومحطات مختلفة، من بينها حرب تموز 2006 ـ معركة سيف القدس ـ حرب غزة ـ معادلة المتوسط الجديدة (الترسيم البحري) ـ إضافة إلى استراتيجية «الأسود المنفردة» التي كتبت بمفاعيل العمليات النوعية داخل فلسطين المحتلة، فصلاً جديداً في مسار الصحوة العسكرية.

ما يجري اليوم على الساحة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من «استراتيجية الوعي المقاوم» المدرك بقدسية عطاء الدم، متطلبات المرحلة الحالية، ومستلزمات الصحوة التي باتت قاب قوسين أو أدنى من استنهاض الشارع الفلسطيني، بجميع ومكوناته الداخلية وأطيافه الحزبية. ما يجري اليوم أكثر من عاصفة «تحرّرِية» في الشكل وأعمق من معادلة «تحريرية» آخذة في التشكل، وأيضاً في التدحرج على مسار «الوعي المقاوم» المدرك بشكل قاطع استحالة التعايش مع واقع احتلالي جامع ما بين الاستعمار المدني من جهة، والتهويد ضمن بيئة ممانعة، وجغرافيا حاضنة بمقوماتها السياسية ومكنوناتها الاستراتيجية للقضية الأساس لكنيسة القيامة والمسجد الأقصى.

انطلاقاً مما تقدَّم قد تكون العمليات العسكرية «عَيِّنِة» أكثر من عفوية، لما يمكن أن يكون عليه الوضع الداخلي في فلسطين، بعد الصحوة الشعبية والاستنهاض العسكري الكامل والشامل، لمعادلة الأسود المنفردة، وما يليها من مواجهات باتت في حكم المؤكد نتيجة المتغيّرات الإقليمية الدولية من جهة الصحوة العسكرية وفشل الرهان الأميركي الإسرائيلي، على تأقلم المجتمع الفلسطيني مع الحالة الإسرائيلية، مع ما تمثله اليوم من واقع احتلالي تخطى في مفاعيله السلبية «الجغرافيا الفلسطينية» إلى الجولان السوري وأيضاً الجزء اللبناني من قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، نتحدث عن نتائج استثنائية فرضتها موازين القوى الجديدة داخل محور المقاومة، وتحديداً الجبهة «اليمنية»، وهنا تجدر الإضاءة على جملة المؤثرات الاستراتيجية والمقدرات الاستثنائية القادرة على فرض متغيّرات جوهرية في بنية «الاشتباك الإقليمي الجديد»، متغيّرات تحاكي في أبعادها السياسية، ونتائجها الأمنية مفاعيل الانتقال الساخن من ميادين «الحروب المنفردة» حرب تموز 2006، وحرب غزة، إلى ساحات المواجهة المشتركة، التي تتخطى في أبعادها العسكرية متدرّجات «التحوّل الذي بلغته الحرب السورية نتيجة المشاركات الخارجية من كلا المحورين، إلى تعدّد الجبهات وتفعيل استراتيجيات التكامل العسكري داخل «فلسطين ومحور المقاومة»، في أيّ حرب إقليمية مقبلة.