kayhan.ir

رمز الخبر: 165339
تأريخ النشر : 2023February13 - 21:08

ايران ... دلالات بناء المنشآت العسكرية والاستراتيجية في جوف الارض

 

فريد عبدالله

ازاحت القوات المسلحة الايرانية يوم امس الثلاثاء الستار عن منشأة عسكرية هامة وهي قاعدة جوية في جوف الارض تسمى قاعدة "عقاب 44" .

وهي قاعدة تجثو فيها الطائرات المقاتلة والقاذفة وتنطلق منها لتنفيذ عملياتها وترجع اليها ليتم الاحتفاظ بها في مكان آمن ومحصن من الرصد والقصف المعادي.

وهذه ليست أول منشأة استراتيجية ايرانية تبنى في جوف الارض او تحت الجبال ويبدو انها لن تكون الاخيرة ايضا ، فقبل اشهر من الان ازاحت ايران الستار عن قاعدة استراتيجية للطائرات المسيرة بنيت ايضا تحت سطح الارض واعلنت في حينها انها فقط احدى القواعد العديدة المماثلة والمنتشرة في انحاء جغرافيا ايران.

وخلال السنوات الماضية ايضا كشفت ايران عن مدن صاروخية في جوف الارض فيها عدد كبير من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وكان المشهد حينها مرعبا لاعداء ايران وخاصة الكيان الصهيوني ، وقد اعلن القادة العسكريون الايرانيون ان مدن الصواريخ موزعة في مناطق مختلفة من البلاد في جوف الارض والجبال.

اما المنشآت النووية مثل نطنز وفوردو فهي منذ البداية بنيت في جوف الجبال لكي تكون محصنة والسبب هو التهديدات المعادية بقصفها .

والسؤال المطروح الآن هو ما الهدف والغاية من تحصين المواقع والقواعد العسكرية والمنشآت العلمية والتكنولوجية بهذا الشكل ؟

الحقيقة هي ان ايران قد درست اساليب العدوان الذي ينتهجها اعداؤها كالاميركيين والصهاينة والحلف الاطلسي خلال العقود الماضية في منطقة الشرق الاوسط ورأت بأن هؤلاء الاعداء غير ملتزمين بأية قواعد وقوانين ومعاهدات دولية وما شابه بل انهم في حال اقتضت مصلحتهم وقوتهم فانهم يشنون عدوانهم على البلدان ومن ثم يبررونها كما يحلو لهم ، مثل العدوان الثلاثي على مصر وعدوان الصهاينة في عام 1967 على مصر (ضربة جوية مفاجئة في بداية العدوان حيدت القوات الجوية المصرية) والغارة الصهيونية على مفاعل تموز العراقي والغارة الصهيونية على ما قيل بانه منشآت نووية سورية في شرق سوريا قبل اعوام وكذلك غزو العراق وافغانستان ، وكان السلاح الاهم لهؤلاء الاعداء في عدوانهم هو سلاح الجو.

يقول رئيس هيئة الاركان في القوات المسلحة الايرانية اللواء محمد باقري في مراسم ازاحة الستار عن قاعدة "عقاب 44" بعد  الاشارة الى أهمية القواعد العسكرية تحت الأرض والتي لا يمكن الوصول إليها، "إن العدو يعتقد أنه باستعمال قوته الجوية واستغلال تفوقه الجوي يمكنه تدمير القواعد الجوية والملاجئ والمدارج الجوية في البلاد وتنفيذ عدوانه بسهولة، أي مثل ما فعله في العدوان على أفغانستان والعراق وبعض الدول الأخرى، والحل هو أن تكون هناك قواعد سرية آمنة لا يمكن اختراقها ولا يمكن الوصول إليها أو تدميرها بالإضافة إلى الدفاع النشط".

ويضيف اللواء باقري إن إيران لن تكون هدفاً سهلاً للعدو، كما في الثمانينيات، بعد غزو العراق وأفغانستان واحتلال هذين البلدين بسهولة نسبيًا، ويتمنى تكرار هذه الحادثة في إيران ويتحدث عن هدف سهل ، ولكن بعد الدراسة والبحث، أدرك حقيقة أن الوقوف في مواجهة الشعب الإيراني والقتال مع القوات المسلحة المقتدرة للجمهورية الإسلامية ليس بالمهمة السهلة، لقد وهبنا الله أرضاً شاسعة ذات مرتفعات قيمة ومميزات جيواستراتيجية فريدة وموارد طبيعية ضخمة.

نعم ، لقد غيرت ايران الان قوانين الاشتباك ، كما يؤكد على ذلك رئيس منظمة الدفاع المدني الايرانية العميد غلام رضا جلالي والذي صرح يوم امس الثلاثاء ان القوات المسلحة الايرانية لم تستهن ابدا بتهديدات الاعداء الذين بات يجب عليهم من الان فصاعدا اعادة النظر في حساباتهم العسكرية، وان القوى الاستكبارية كاميركا لن تستطيع بعد الان رسم المعادلة في الشرق الاوسط بالاتكال على قدراتها التكنولوجية، مضيفا بأن حيازة الاسلحة الحديثة وتصميم البنى التحتية الهجومية والدفاعية قد اوصل "الردع العسكري" في ايران الى مستوى جيد الآن.

وهكذا بامكان المرء ان يستنتج بان سبب بناء المنشآت الحساسة في ايران تحت الارض وفي جوف الجبال هو ان اصحاب القرار في ايران يعتبرون المواجهة مع قوى الظلام مواجهة حتمية وهم يستعدون لها بشكل حقيقي وبمنتهى الواقعية ، فعلى الاعداء ان يعلموا بأن ايران عندما تحذر المعتدين من بأسها فان تحذيرها ايضا حقيقي بالكامل، والامر ليس مجرد كلام.

عندما تكون قاعدة أو منشأة مبنية تحت الأرض وبغض النظر عن تحصينها امام الضربات الجوية والصاروخية فانها تكون ايضا في درجة عالية من المناعة ايضا امام الهجمات الارهابية أو التخريبية بواسطة الاجسام الطائرة أو ارهابيين دربتهم الجهات المعادية ايضا.