واشنطن - طهران.. المعادلة الصفرية ...!
* محمد صادق الحسيني
رغم صلافة نتن ياهو ووقاحته وموقفه النشاز امام الكونغرس وحديثه الممل والمكرر والسخيف حول التسلح النووي الايراني....!
ورغم بطولات "استقلالية " قرار البيت الابيض عن حماقات نتن ياهو وتشدده واشارات ادارة اوباما باهمية الاتفاق مع ايران حول النووي...!
ورغم وجاهة سرور وسعادة المفاوض الايراني بانه استطاع شق الصف الصهيو امريكي واحراج الامريكي لجره الى مزيد من التنازلات...!
الا انه لا افق لتوافق امريكي ايراني يتم الحديث عنه كثيرا ويسوق له كل من فريق ادارة اوباما وفريق ادارة روحاني على انه معادلة ربح - ربح....!
فكيف يربح الفريق الامريكي المفاوض في اطار توافق نووي مع بلد حصل على كل ما يريده من هذا النووي دون الحاجة الى اي عنصر خارجي مكمل...!؟
وكيف يربح الفريق الايراني المفاوض وهو العاجز عن انتزاع رفع كامل للعقوبات الاحادية والاتحادية الامريكيتين والاوروبية وتلك الصادرة عن مجلس الامن الدولي ، وهو السقف الذي وضعته القيادة العليا في ايران صاحبة الكلام الفصل في اي قرار ، كحد ادنى لنجاح المفاوضات...!؟
اذن لابد من خاسر ورابح في نهاية هذه المفاوضات الجارية منذ مدة بين مستكبر رضخ مكرها لها بسبب تبدل في موازين قوى اقليمية ودولية ، وبين مستضعف بات قويا بفضل صموده وصبره الاستراتيجي، فذهب الى المفاوضات المشروطة والتي وضعت سقفها مرة اخرى القيادة العليا في ايران بوضوح وصراحة :
بانها انما تقبل بها لغرض اتمام الحجة على المعتدي ولاظهار حيلته وخداعه ومراوغته امام الرأي العام الداخلي والخارجي...
وهي الخطوط العامة التي وضعتها القيادة الايرانية العليا لعلي اكبر صالحي وزير الخارجية السابق عندما استفتى القيادة لولوجه فيها او طلبها منها في النصف الثاني من عهد احمدي نجاد ، عندما كانت لاتزال سرية وتحت رعاية وضمانة جلالة السلطان قابوس بن سعيد....!
صحيح ان فريق اوباما بات في وضعية حرجة جدا لايستطيع معها التراجع بسهولة امام تعهدات علنية بانه قادر على حل موضوع النووي الايراني من خلال التسوية السياسية....!
تماما كما انه صحيح ايضا بان فريق روحاني بات هو الآخر في حرج من امره بعد كل هذه الجولات المكوكية وترويجه لمقولة رابح - رابح ، العودة للرأي العام الداخلي بخفي حنين من هذه المفاوضات...!
لكن الاكثر صحة والقدر المتيقن بين هذين الامرين هو ان المحور الصهيو امريكي الذي يظهر اليوم منقسما في الظاهر، سواء كان هذا الانقسام جديا او مجرد مسرحية ، لن يستطيع ان يسلم نهائيا لمطالبات ايران المشروعة في النووي ، حتى في الحد الادنى كما هو مشار اليه اعلاه ، لانه عندها لابد له ان يستعد لدفع اثمان باهضة اكثر في الميدان في اكثر من ساحة نزاع ومواجهة دائرة على اشدها بين الفريقين ، صار من الواضح والمؤكد ان الرابح فيها هو محور المقاومة والممانعة التي تشكل طهران النووية رأس حربته بامتياز...!
من هنا كان لابد من تفجر الصراع الداخلي في محور الاستكبار ، وهو الذي قد يكون الشماعة والملاذ الاخير لاوباما للخروج من محنة التراجع عن الوعود والعهود ، كما سيكون خشبة الخلاص لفريق روحاني الذي سيخرج بطلا من حلبة المصارعة ، باطحا خصمه ارضا ، كما تمنت له القيادة الايرانية العليا ذلك عندما شرحت معنى "الديبلوماسية البطولية" في منتدى اجتماع السفراء الايرانيين الدوري في العاصمة طهران قبل اشهر...!
نقول هذا لان الفريقين المتفاوضين باتا يعرفان جيدا بانه وفي في ظل التسارع الكبير في تحول موازن القوى في اكثر من ميدان ، لم يعد يسمح لهما بانجاز معادلة رابح - رابح الرغائبية في اطار اتفاق على النووي ، فيما الذي ينتظرهما على الارض معادلة رابح - خاسر بالتأكيد ، وان كان ذلك بالنقاط وليس بالضربة القاضية...!
اعرف انني قد اكون مغردا خارج السرب في مقاربتي هذه ، فالعالم كله يتحدث عن انجاز تاريخي يقول البعض انه انجز ولم يبق الا الارادة السياسية لتصادق بالتوقيع عليه ، فيما آخر يقول عنه انه في طريقه للانجاز شرط تقديم بعض التنازلات ، وان كل طرف سيقرأه انتصارا له وان العالم كله سيفرح به....!
ومع ذلك كله اسأل نفسي : وهل ثمة تسوية عادلة بين الذئيب والحمل الوديع..!؟
امران يمكن لهما ان يجعلا الذئب الامريكي الجريح اليوم يتراجع ويقبل بحقوق الاخرين علنا وامام الملأ في معادلة ربح - خسارة ولو نسبية :
١ - مزيدا من الضربات الموجعة في جولات المواجهة المستمرة في الميادين بما يجعله يعود الى رشده اكثر فاكثر ويذعن صاغرا للموازين المتغيرة بقوة اكبر لصالحنا....
٢- او اننا نصعد درجات اعلى من السلم بما يجعل ايدينا مبسوطة كل البسط فنصبح نحن من يفرض عليه شروطنا بامتياز وبالتالي نحن الرابحين وهو الخاسر ....
ما عدا ذلك سيظل حوارنا معه يراوح محله ، وتظل المفاوضات بيننا وبينه جعجعة بلا طحين...
وكل طرف محرج من جانب محازبيه ، لا هو قادر على تقديم انجاز قطعي واضح لهم ، ولا هو قادر على الانسحاب من المفاوضات بشرف...!