سيناريوات الرّدّ الإيرانيّ على عدوان أصفهان
شوقي عواضة
في الثّاني من الشّهر الحالي حدّد رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو ثلاثة أهداف لحكومته الجديدة من بينها منع إيران من امتلاك سلاحٍ نوويٍّ. وفي حين طلبت وزارة (الحرب الإسرائيليّة) رفع ميزانيّتها تمهيداً للقيام بعمليّاتٍ تستهدف إيران التي أكّدت بأنّها ستردّ على أيّ اعتداء يقدم عليه العدوّ «الإسرائيليّ». في حين نقلت مصادر العدوّ حينها أنّها بصدد التّحضير لشنّ عمليّاتٍ عسكريّةٍ ضدّ إيران أكّد قائد أركان جيش العدوّ أفيف كوخافي أنّ قوّاته طوّرت قدراتها بشكلٍ كبيرٍ وأصبحت جاهزةً لتوجيه ضرباتٍ لأهدافٍ نوويّةٍ إيرانيّة. وهو أمر أوْصت به المنظومة الأمنيّة للعدوّ من خلال الحثّ على تكثيف النّشاطات العسكريّة ضدّ إيران على مستوى الملفّ النّووي بالإضافة إلى تحديد أهداف أخرى في سورية.
بالرّغم من كلّ التّصريحات يحاول الكيان الصّهيوني إبعاد تهمة استهداف المنشأة العسكريّة التابعة لوزارة الدّفاع الإيرانيّة في أصفهان بثلاث طائراتٍ مُسيّرة رغم تأكيد صحيفة «وول ستريت جورنال» (Wall Street Journal) أمس نقلاً عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ الغارة بالمُسيّرات التي استهدفت الليلة الماضية منشأةً عسكريّةً في أصفهان (وسط إيران) نفذتها (إسرائيل) وهو ما أكّده مسؤولٌ إيرانيٌّ مرجّحاً تورّط الكيان الصّهيوني في الهجوم على منشأةٍ عسكريّةٍ بإقليم أصفهان وسط البلاد بشراكةٍ أوكرانيّةٍ أكّدها تصريح مستشار الرّئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ميخائيل بودولياك الذي علّق على عمليّة استهداف المُسيّرات لمصنعٍ عسكريٍّ في أصفهان بالقول إنّ الحرب ستحاسب المتورّطين والمتواطئين بشكلٍ صارمٍ.
… تصريح أكّد وجود شراكةٍ وتعاون أوكراني (إسرائيلي) ضدّ إيران، في ظلّ تنامي التعاون الإيراني الروسي وتوقيع المزيد من اتفاقيات التعاون العسكريّ والاقتصاديّ بين البلدين، وهو أمر أزعج كييف وتل أبيب التي وضعت طهران ضمن دائرة استهدافاتها المباشرة، وهو ما أشار إليه أفرايم هيلفي الرّئيس السابق لجهاز الموساد ومجلس الأمن القومي (الإسرائيلي) خلال سؤاله في مقابلةٍ مع إذاعة العدوّ عن دور جهاز الموساد في الهجوم على المصنع العسكريّ بمدينة أصفهان مجيباً إنّ وحدة الاستخبارات (الموساد) قادرة على تنفيذ أيّة مهمةٍ تكلف بها وفي أيّ مكان.
وفقاً لهذه المعطيات على ما يبدو فإنّ العمليّة لم تكن نتاج تعاونٍ (إسرائيليّ أوكرانيّ) فحسب بل لربما تكشف التحقيقات في الأيّام المقبلة تورّط جهات ودول أخرى لا سيّما أذربيجان التي توجد فيها قاعدةٌ عسكريّةٌ للعدوّ «الإسرائيليّ» إضافة إلى تعاونٍ أمنيٍّ واستخباريّ لإقليم كوردستان العراق بالتعاون مع بعض دول الخليج وعناصرَ تخريبيّةٍ في الدّاخل. وبالتالي فإنّ ما ستكشفه التّحقيقات سيضع جميع المتورّطين أمام احتمالاتٍ مفتوحةٍ كما يلي:
1 ـ الرّدّ الإيرانيّ على العدوان وحجمه ونوعيته في عمق الكيان الصّهيوني أولاً وعلى كييف وشركاء العدوان ثانياً.
2 ـ تحوّل الرّد الإيراني إلى نقلةٍ نوعيّةٍ في المواجهة مع كيان العدوّ «الإسرائيليّ» وتطوير أساليب المواجهة في الدّاخل التي قد تتضمّن إدخال الطّائرات المُسيّرة كمنظومةٍ في المواجهة.
3 ـ تعدّد جبهات الردّ وتنوّعها وفرض معادلةٍ جديدة في المواجهة تجبر الكيان على الانكفاء ودفع ثمن حماقاته.
في التّقديرات العسكريّة يبدو أنّ الرّد الإيرانيّ المباشر وغير المباشر حتميٌّ ولا تراجع عنه تحت أيّ ظرفٍ لا سيّما على مستوى الرّد على الكيان الصّهيوني وبانتظار ما سيكشف عنه التحقيق فإنّ الآتي من الأيّام ينبئ بالمزيد من التّصعيد في عمق الكيان الذي تهشّمت صورته بعد عمليتي القدس اللتين نفّذهما الاستشهاديّ خيري علقم والفتى المقاوم محمد عليوات. فإذا كانت تلك العمليّات كشفت عن وهن العدوّ وفشله الأمنيّ والاستخباري وعجزه عن تحمّل نتائجها فهل بمقدوره أن يتحمّل الرّد الآتي من إيران الذي سيشكّل نقلةً نوعيّةً في أسلوب المواجهة مع العدوّ» الإسرائيلي» الذي لم يتحمّل إلى الآن جبهة جنين ونابلس فكيف به إذا تعدّدت سيناريوات الرّدّ وساحات المواجهة بدءاً من الدّاخل الفلسطيني المحتلّ وعلى امتداد فلسطين وخارجها، وهل ستكون حكومة نتنياهو قادرةً على امتصاص الضّربة في ظلّ تفاقم حركة الاحتجاجات على سياساته أم أنّها ستعمد إلى الدّخول في معركةٍ متعدّدة الجبهات هي أعجز عن خوضها أو اتخاذ قرارٍ بدخولها الذي إنْ تمّ فإنّه لن يكون سوى بدء العدّ العكسي لزوال الكيان الصّهيوني المحتلّ…