اميركا لن تدعن للحق ما لم تتهشم هيبتها
بعد ان تيقنت اميركا ان رهانها على احداث الشغب في ايران وهكذا رهانها على الازمة الاوكرانية قد فشل تماما ولم تعد تملك نقاطا لطرحها على طاولة المفاوضات النووية في فيينا عادت الى عادتها القديمة بتحريك ملف الوسطاء باحثة عن مخرج لازماتها المتفاقمة فطلبت من قطر التحرك في هذا المجال وارسلت عبرها رسالة الى طهران تطلب منها الدخول في المفاوضات النووية وهذا ما اعلنه الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني بعيد وصوله الى طهران. فطهران الخبيرة بالشيطنة الاميركية ونفاقها وازدواجيتها لا يمكن ان تثق برسائلها التي تكررت كثيرا سواء عبر الوسيط القطري او قبلها العماني مع تقديرنا، لطرفين اللذين يسعيان بجد لازالة التوتر وعدم الاستقرار من المنطقة وعودة الهدوء اليها لكن المشلكة هو في الطرف الاميركي الذي لا عهد ولا ميثاق له.
وما جاء هذه المرة في الرسالة الاميركية التي حملها الشيخ عبدالرحمن آل ثاني الى طهران هو اجراء مفاوضات مباشرة مع ايران بعيدا عن الاطراف الاوروبية ضاربة بذلك شركاءها الاوروبيين عرض الحائط ولم تعر لهم اي اهتمام وهي تثبت بذلك للرأي العام الاقليمي والعالمي ان هذه الدول التي تعد نفسها دول كبرى هي مجرد ادوات تحت الطلب الاميركي متى ما ماشاءت جاءت بهم الى طاولة المفاوضات ومتى ما استغنت عنهم لفظتهم، فهل تعي الدول الاوروبية الثلاث مدى الاحتقار الاميركي لها.
وبالطبع هذه ليست المرة الاولى التي تطلب فيها اميركا اجراء مفاوضات مباشرة مع طهران فان ادارة ترامب وقبلها اوباما اجريا مفاوضات مماثلة لكن المشكلة الاساسية في الطرف المقابل "الاميركي" الذي يريد المفاوضات من اجل المفاوضات وهذا ما ترفضه طهران تماما لكن هذه المرة طلبت من الوسيط القطري ابلاغ واشنطن ترجمة ما تقوله عمليا اي ان تفي اولا بالتزاماتها وعهودها التي قطعتها في الاتفاق النووي ومن ثم البت في القضايا الاخرى.
والامر الاخر الذي طلبته طهران من واشنطن تعويض خسائرها جراء الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي اضافة الى اعطاء الضمانات الكافية لئلا تكرر اميركا انسحابها ثانية من الاتفاق النووي كما فعل الرئيس المعتوه ترامب والذي صنف من قبل اكثر من مسؤول اميركي بانه "اكبر خطأ استراتيجي في السياسة الخارجية الاميركية خلال السنوات الاخيرة".
واشنطن المجبولة على النفاق والازدواجية تحاول هذه المرة تبرير مواقفها هذه على انها كانت في سياق الاستهلاك المحلي، وهي مضطرة لذلك لكن هذه المرة وحسب قولها تختلف الامور وهي تطرح قضية الطاقة عبر الوسيط القطري لان العالم بحاجة الى الطاقة الايرانية وهذا ما يدفعها لابرام اتفاق مع طهران.
ومع كل الصلف والتعنت الاميركي تعترف واشنطن في رسالتها الاخيرة الى حقيقة طالما كانت ترفضها وهي انه لا يمكن حل مشاكل المنطقة دون مساعدة ايران واننا نعى جيدا انه لا حل لمشاكل المنطقة دون اشراك ايران فيها.
فما عبرت عنه اميركا من مواقف عديدة في رسالتها الاخيرة الى طهران هي محل تساؤل او هل انها في الواقع نفاقية ام تسويف للوقت ام هي جادة حقا لحل الملف النووي مع ايران الذي انسحبت منه واذا كانت كذلك فعليها اولا ودون اتلاف للوقت تنفيذ بنود الاتفاقية النووية كاملة وفورا ومن ثم تعويض الخسائر التي تحملها ايران جراء انسحاب ترامب من الاتفاق واخيرا اعطاء الضمانات الكفيلة بعدم تكرار الانسحاب ثانية.