لعبة الإعلام الأميركي على سورية تفضح استمرار الهمجية…
رنا العفيف
الولايات المتحدة الأميركية تخصّص أموالاً ضخمة لمواجهة أصوات الإعلام السوري الوطني، وأصوات شعوب روسيا والعالم العربي، وإيران، وكلّ من يقف في وجه الهيمنة الغربية ولا تنصاع لإرادتها. فما أهداف سياق المنحة الفدرالية البالغ قدرها خمسة عشر مليون دولار؟ وما هي الجهات التي تريد واشنطن استهدافها من خلال هذا الدعم؟
تحت وطأة الحرب الهمجية التي تشنّها الولايات المتحدة الأميركية والغربية وحلفاؤها على سورية، توارب واشنطن الحديث عن أهدافها، بتعزيز أولويات السياسة الأميركية في سورية، من خلال منحة فدرالية وقدرها خمسة عشر مليون دولار للإعلام المستقلّ في سورية، والإعلان عن تأسيس وزارة إعلام في ادلب!
من الواضح أنّ لهذا المشروع خلفيات وغايات كبيرة، تتبع للمصالح الأميركية من خلال ذرائع موسادية منحازة لها، أيّ تقوم الولايات المتحدة الأميركية، بتوظيف أجنداتها لخدمتها، لا سيما أنها تربط هذة الخطوة بدعم الإرهاب في سورية، لتكثيف هجماتها الشرسة عبر تنظيم القاعدة، وتحديداً هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة في إدلب، وغيرها من التنظيمات التابعة لها، والتي تعدّ أهمّ الذرائع الرقمية للآلة الإعلامية التابعة لها، وبالتالي موسم تخصص الأموال الضخمة للهجوم الدعائي الذي تتبناه الولايات المتحدة من أجل مواجهة أصوات الإعلام السوري الوطني، الذي عملت جاهدة الدول الغربية وواشنطن على إسقاطه وفشل في عدة محاولات، كما حجبه عن الأقمار الصناعية، كي لا تعرف شعوب العالم العربي والاسلامي، وبين مزدوجين في الجنوب العالمي، جرائم الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها في سورية ولبنان والعراق وفلسطين واليمن،
لذا هي اليوم تقوم بكشف تفاصيل أهدافها بكلّ وقاحة دون خجل، وبـ «مهنية» على الدوام مئات الآلاف من الأكاذيب التي تتراكم فوق بعضها البعض، ليتمّ تقديمها بلمسات مثالية، وعبارات منمّقة جذابة، تستهدف الحاضر والماضي والمستقبل، لغايات أهمّها التلاعب بالجماهير والشعوب…
ولعلّ فبركات وسائل الإعلام الغربي حول ما جرى في سورية، وتحديداً في بداية الأزمة، عبر الصورة الإعلامية التي قدّمتها وسائل عالمية ساذجة في تضليل الرأي العام العالمي والإقليمي والدولي، جعل بعض الصحافيين والسياسيين وأصحاب الرأي والتأثير في العالم، بعد أن كشفوا مزاعم اللعبة الإعلامية التي تصطف إلى جانب سلسلة الحروب العسكرية والسياسية والميدانية والإعلامية والفكرية والثقافية وغيرها، جعلهم يتساءلون عن حقيقة ما جرى في السنوات العشر الماضية كنوع من الصحوة المهنية ولكن بعد فوات الأوان! وبالتالي الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص والغرب بشكل عام لا يريدون أن يرى العالم سوى جهة واحدة من الحقيقة، لأنها لا تستطيع مواجهة الرأي العام في العالم العربي والإسلامي والشعوب الأخرى، لا سيما أيضاً أنها تريد إخفاء معالم جرائمها عبر السماح لأجنداتها الذين لا يمكنهم أن يعملوا إلا بإذن منها، بين قوسين أجندات إخبارية، وهي من صنع الحكومات الغربية، لتلعب دوراً جديداً ومتخصصاً في مجال الإعلام التابع للمسلحين في شمال شرق سورية…
ولكن، مهما كانت سذاجة النظام الغربي والولايات المتحدة قوية في تضليل الرأي العام، تبقى الحقيقة أقوى منها، لأنّ دمشق استطاعت كشف زيف الادّعاءات الغربية بسهولة ومستمرة بذلك لليوم رغم توصيفها لها بالضعف وعدم التأثير في المجتمعات، وماضية في رسالتها السامية بعناوين واضحة وبمهنية عالية وبمصداقية كبيرة جداً، قادرة على التأثير، بعكس ما تراهن واشنطن وحلفاؤها، والأهمّ من ذلك، كيف يمكن لمن يقتل ويذبح ويحضّ على الكراهية، ويأخذ سياسة العنصرية نهجاً له، أن يوصف نفسه بالمستقلّ، وجميعنا نعرف ما هو مصطلح المستقلّ، وبطبيعة الأحوال المشروع الأميركي سيسقط كما سقط غيره ولا خوف على سورية وحلفائها من الهمجية الأميركية…