إن رأيته ولم تُقطّع يداكا...
حسين شريعتمداري
1 ـ "الصور الخيالية" هي صورة عن الواقع الخارجي ولكن ليست بالحقيقة. فيستفاد من "الصور الخيالية" عادة في الحرب النفسية لحرف الحقائق، مع بيان انه بدل الواقع الخارجي يتم إلقاء الصور الخيالية للمخاطبين، لتحصل لديهم فكرة خاطئة عن الواقع حين يتوهم انه هي نفسها الصورة الخيالية التي تطابقت مع الخارج.
ولاجل ان يتأكد هذا الايهام لابد ان تشبه الصورة الخيالية الحقيقة في الخارج، كما ان حالة السراب في الفلوات لها شبه ظاهري بالماء.
سماحة قائد الثورة في بيان انه لماذا اطلقوا على الامام الباقر (ع) "باقر العلوم" اي فالق العلوم، يقول؛ ان الامام عليه السلام قد ازال غبار التحريف الذي علق سماحة التعاليم الدينية والعقيدة الاسلامية وعلومها ليُظهر الوجهة النقية لها بما يطلق عليه (فصل الصور الخيالية عن الحقائق الواقعية)، ومن هنا أتت تسمية الامام الباقر(ع) بانه باقر العلوم، اي فالق العلوم، اذ في زمانه شاعت البدع وانتشرت الفرق الضالة والتحريف في الدين والعقائد الباطلة بين الشيعة، فتصدى الامام سلام الله عليه لهذه المهمة ليواجه اي انحراف للدين ويأد اي بدعة في مهدها ويطلع الناس على الاعتقادات الاسلامية الحقة.
2 ـ وكذلك نقرأ لسماحة القائد في وصف الامام الباقر عليه السلام، حيث يقول؛ "ان فترة امامة هذا العظيم التي قاربت ثمانية عشرة عاما، بمثابة الانموذج الكامل للجهاد والكفاح الذي لا يعرف الملل والكسل وما تمخضت من مشاكل فانبرى لنشر الدين وكلمة الحق وخط طريق فكري معبد في تلك الفترة. وهو الهدف الذي ينتهجه اليوم الشعب الايراني ساعيا ـ اي احياء كلمة الحق في عالم ملؤه الانحطاط والضلال وغارق في الفساد والماديات ـ المهمة التي نذر الامام الباقر عليه السلام نفسه لاجلها بمعونة ثلة من الاصحاب، في عالم وسيع لاسلام مرتهن بيد الانحراف في تلك الفترة". وهذا بالضبط هو "جهاد التبيين".
3 ـ إن كثيراً ممن يعارضون التعاليم الدينية، يحملون الصورة المحرّفة عن هذه التعاليم، ولما كان هذا الفهم الخاطئ اي نفس مقولة "الصورة الخيالية" هي السائدة، فسيحملون على الواقع الاسلامي الصحيح. وهو بالضبط ما ينقل عن الامام علي (ع): "الناس اعداء ما جهلوا"، وبعبارة ثانية، يعارضون ما يجهلونه.
ان الكثير من هذه الجماعات، لو كانوا على علم بالواقع لما كانوا يعارضونه، ولربما يضعونه موضع النموذجي .فنساء مصر عاتبن زليخا ان لماذا همت بعبد من اهل كنعان وشغفت في حب يوسف (ع)؟! فهيأت زليخا مجلساً جمعت فيه نساء مصر اللواتي وجهن لها العتاب، واعطت لكل واحدة سكينا صقيلا.
فعندما حضر يوسف (ع) هذا المجلس بأمر من زليخا، فما كان من النساء المصريات الجالسات إلا وقطعَّن ايديهن لما رأينه من جمال يوسف (ع) و... "فلما رأينه اكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم".
إن رأيته ولم تقطّع يداكا
فعاتب حينها زليخا على هواها