kayhan.ir

رمز الخبر: 164139
تأريخ النشر : 2023January21 - 20:14

سوريا.. إيران تناصر وأميركا تحاصر

 

خليل نصر الله

لا تفوّت وسائل إعلام غربيّة وعربيّة فرصة للتصويب على طهران ودمشق من بوابة اختلاق أخبار تستهدف الرأي العام، وتحاول زرع الشكوك في العلاقة الاستراتيجية القائمة بين طهران ودمشق، خاصة أن البلدين يعانيان من حصار أميركي تتفاوت نتائج تأثيراته نتيجة ظروف كلا البلدين.

مؤخرًا، أعلن وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارة إلى دمشق التوصل إلى اتفاق تجديد وثيقة التعاون الاستراتيجي بين البلدين، كاشفًا أنّ "التعاون بين طهران ودمشق مستمر في كافة المجالات ولا سيما في مجال الطاقة"، وأنه أجرى "مباحثات بشأن إنشاء محطات للكهرباء في سوريا".

في ذات المؤتمر الصحفي، تحدث وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن العلاقة بين البلدين، متسائلًا: "تصوروا لو لم يكن لسوريا بلد حليف كالجمهورية الإسلامية.. ماذا كان سيحصل؟"، في إشارة الى تطور العلاقة ومدى متانة التحالف الاستراتيجي بين بلاده وطهران في شتى المجالات ومنها المسائل الحيوية المتعلقة بالطاقة.

تزامنًا مع الزيارة، خرجت صحيفة "وول ستريت جورنال" الغربية بخبر مفاده أن مسؤولين إيرانيين "أبلغوا سوريا بأنه يتعين عليها الآن دفع المزيد مقابل شحنات النفط الإضافية"، ونسبت إلى أشخاص قالت إنهم مطلعون على الأمر قولهم إن "إيران رفضت أيضا تسليم شحنات جديدة بالدفع المؤجل، وطلبت من سوريا الدفع مقدما مقابل إمدادات النفط الجديدة". وتقول الصحيفة إن طهران لا تساعد حلفاءها.

في الواقع، نشر الخبر الذي لا وقائع له أو مؤشرات، لسببين، أحدهما سياسي مرتبط بزيارة عبد اللهيان والآخر مرتبط بسياسة تحريف الحقائق عبر تجهيل أسباب الأزمة الاقتصادية والمعيشية في سوريا والتعمية على مسؤولية الولايات المتحدة الأميركية عن الأمر، فالأخيرة هي من تشدد الحصار الذي تفرضه سوريا، وتحتل أرضها وتنهب نفطها وتصدّره لحساباتها عبر شركات يدير بعضها رجال أعمال من الكيان الاسرائيلي.

سياسيًا، أرادت الصحيفة عبر الخبر الذي تبنته جميع وسائل الاعلام المناوئة لدمشق وطهران أن تشوش على زيارة الوزير الايراني إلى سوريا، خاصة أن الحديث هناك دار عن تجديد لاتفاقية التعاون الاستراتيجي وكذلك التعاون في مجال الطاقة والبحث في انشاء محطات لتوليد الكهرباء، وتنفيذ اتفاقيات وقعت مسبقًا وأخرى سيتم توقيعها في المستقبل القريب، ربما خلال زيارة مرتقبة للرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيس الى دمشق.

اعلاميًا، إن مراجعة بسيطة لواقع العلاقة بين دمشق وطهران خلال الحرب، يبين حجم ما قامت به طهران لأجل حليفتها دمشق، والذي وصل الى حد المخاطرة أحيانًا. على سبيل المثال: إرسال طهران بواخر نفط الى سوريا، رغم امكانية توقيفها، وهو أمر حصل عام 2019 عندما أوقفت إحداها في جبل طارق، مما اضطر طهران إلى توقيف ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز خالفت قوانين الملاحة الدولية. في حقيقة الأمر إن تلك الناقلة الايرانية كانت تتوجه الى سوريا بعد قطع مسافات مضاعفة في البحر والمحيط قبل الدخول الى المتوسط. وبالمناسبة، حتى لحظة كتابة هذا المقال، فإن ناقلات النفط الايرانية لا تتوقف عن الابحار نحو سوريا. أما الأسعار فهي عرضة للمتغيرات حسب السعر العالمي، لكنها لا توازيه، أي أن طهران لا تبيع حليفتها نفطا بسعر السوق إنما بأسعار أقل حتما، وهذا أمر تؤكده الجهات المعنية في الدولتين.

في الوقائع، إن الاعلام الغربي بشكل عام، ومعه الاعلام العبري والعربي، لا ينفك عن محاولاته لتجهيل الوقائع، وحرف الأنظار عن الأسباب التي تقف خلف معاناة السوريين قاطبة، وعلى رأس هذه المسببات الحصار الذي تفرضه واشنطن على دمشق.

تؤكد أوساط متابعة للعلاقات القائمة بين أركان محور المقاومة، من دول وقوى مقاومة، أن المحاولات الإعلامية الغربية تهدف إلى تصوير أن طهران هي من يحاصر سوريا وليس الولايات المتحدة وحلفاؤها، وهو ما تدحضه الوقائع، بل ويثير الدهشة، فيكفي وضع خارطة وتحديد مناطق تموضع الأميركيين كقوة احتلال في سوريا، لمعرفة من يحاصر. وتتساءل تلك الأوساط، من يعطل مشاريع المساعدات في مجلس الأمن؟ ومن يعمل على إخافة النازحين واللاجئين ومنعهم من العودة إلى ديارهم؟ ومن يفبرك ملفات كملف الكيميائي مثلًا لتشريع استهداف سوريا؟ وتجيب: أليست واشنطن وشركاؤها؟

وتؤكد تلك الأوساط أن المشهد في واقعه وواقعيته وهو يحدث عن نفسه، أن طهران تناصر سوريا، فيما واشنطن تحاصرها وتزيد من خنق الشعب السوري، وأن ما لم يحصّلوه في الحرب العسكرية عبر الارهاب أو الاستهداف المباشر، لن يحصّلوه في الحرب الاعلامية.