kayhan.ir

رمز الخبر: 163930
تأريخ النشر : 2023January17 - 20:21

روسيا تضرب والصين تربح هجرة مصانع ألمانيا إليها ومركز ثقل العالم يتتقل شرقاً

 

محمد صادق الحسيني

وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت تعلن استقالتها من منصبها..

هذا الخبر الأول الآن في أوروبا رغم محاولات الأطلسيين، المرور عليه مرور الكرام، أو حتى محاولة طمس أهميته وتداعياته على تصدّع، ليس فقط الطبقة السياسية الحاكمة في برلين بل أيضاً تلك الحاكمة في عواصم أوروبية أخرى.

وحتى نعرف حجم المشكلة التي تعيشها أوروبا في ظلّ صراع بين الميول “الوطنية” الأوروبية والنفوذ الأميركي الطاغي على السياسات الأوروبية لا بد من معرفة سبب هذه الاستقالة…

انّ وزيرة الحرب الألمانية (الأميركية الهوى) تقدم استقالتها، احتجاجاً على منع المستشار الألماني لها من تقديم دبابات ليوبارد للنازيين الأوكران، كما هي تعليمات الأميركان والأطلسيين للطبقة السياسية الحاكمة في برلين…

والمستشار لم يوافق ليس شجاعة منه وإنما وقوعه تحت ضغط حزب المعارضة الديمقراطي الاشتراكي المسيحي القوي، الذي يضغط مع قوى اجتماعية وازنة أخرى باتجاه وقف الحرب في أوكرانيا وتالياً وقف العقوبات على روسيا.

وكلّ ذلك من أجل إنقاذ ما تبقى من اقتصاد وصناعة ألمانية.

هذا الأمر ينطبق ليس فقط على ألمانيا، بل هو عام وشامل على كلّ الساحة الأوروبية، حيث يشتدّ الصراع الداخلي بين ذيول أميركا وبقايا وطنية او قومية أوروبية.

وإذا كان هذا في السياسة، فدعونا نقرأ ماذا في الاقتصاد حتى نعرف مستوى الكارثة التي تمرّ فيها أوروبا، بعيداً عن الأضواء..

فقد نشر موقع “ذي ناشيونال انتريست” الأميركي، تقريراً، بتاريخ 15/1/2023 ٣، حول هجرة المصانع الألمانية الى الصين، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في الدول الأوروبية.

أهمّ ما جاء في التقرير ما يلي:

1 ـ قرّرت شركة BASFالألمانية العملاقة نقل إنتاجها من المانيا الى الصين، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير جداً في الدول الأوروبية.

علماً انّ الشركة المذكورة هي شركة صناعات كيماوية وكانت تعتمد بنسبة 100% على الغاز الروسي الرخيص لتغذية مصانعها العملاقة، التي يعمل فيها نحو خمسين ألف عامل. وهي أكبر شركة صناعات كيماوية في أوروبا، وقد استهلكت سنة 2021 ما حجمه أربعة في المائة (4%) من مجموع استهلالك الغاز في عموم ألمانيا.

2 ـ وعليه فإنّ هذه الشركة الألمانية تقوم حالياً ببناء مصنع ضخم لها، في مدينة: غوانغ دونغ Guangdong الصينية، وهو المصنع الذي سيكلف إنشاؤه عشرة مليارات دولار.

3 ـ ويتابع التقرير انّ شركة BASF الألمانية ليست الشركة الوحيدة، التي بدأت بنقل مصانعها الى الصين، وإنما هناك تسعة في المائة (9%) من الشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا قد قرّرت نقل مصانعها الى الصين ايضاً.

4 ـ انّ زيارة المستشار الألماني، في شهر 11 / 2022، الى الصين قد مهّدت الطريق لهجرة الصناعات الألمانية الى ذلك البلد الآسيوي، وذلك الى جانب نجاحه في إقناع المسؤولين الصينيين، بتنفيذ صفقة تجارية مع شركة إيرباص الأوروبية العملاقة (منافسة شركة بوينغ الأميركية) لصناعة الطائرات، بشراء مائة وأربعين طائرة تجارية من شركة ايرباص، لصالح الشركات الصينية.

علماً انّ شركة إيرباص تملك مصنعاً في الصين، ينتج مجموعة طائرات من فئة: إيرباص 320، وهو يعمل منذ عدة سنوات هناك.

5 ـ انّ شركة BASF ليست الوحيدة، التي تعامل باهتمام شديد مع الأسواق الصينية، وإنما هناك عملاق السيارات الألماني، شركة فولكسفاغن، التي سجلت أربعين في المائة (40%) من أرباحها سنة 2021، في الأسواق الصينية. لذلك فهي أيضاً تخطط لنقل المزيد من خطوط إنتاجها، من ألمانيا الى الصين، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة اللازمة لتشغيل مصانعها في ألمانيا.

من يقرأ هذا التقرير، يتبيّن له بكلّ وضوح مدى حجم الكارثة الاقتصادية التي يتركها القرار الأحمق الأميركي ـ الأطلسي على الاقتصاد الوطني للأقطار الأوروبية ما يجعلها تستنجد بالسوق الصينية، طبعاً وتالياً العودة الى دورة اقتصاديات الشرق الصاعد والواعد بقيادة الصين الشعبية، الحليف الاستراتيجي لروسيا الاتحادية، وإضعاف أوروبا…

فماذا تكون نتيجة كلّ هذا، عملياً غير:

“وكأنك ما غزيت با أبو زيد”…

والأهمّ المزيد من الدفع باتجاه تفعيل السنن الكونية التي تفعل فعلها اليوم بقوة:

انتقال مركز ثقل العالم من الغرب الى الشرق.

بعدنا طيبين قولوا الله…