حكومة العنصرية والتطرّف00 الصورة الحقيقية للعدو الإسرائيلي
زهراء جوني
لا شيء جديد في حكومة الاحتلال الأخيرة سوى أنها تستعرض صورة العدو الإسرائيلي الحقيقية. وإذا كان الحاخامات وبعض رجال الأمن والسياسة المتطرفين في حكومة العدو يظهرون أقصى تطرفهم عبر بعض السلوكيات والتصريحات، فإنها جميعها ليست سوى صورة خلفية لحقيقة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي يترأسهم جميعاً ويتفوق عليهم بالخطاب العنصري والتطرفي، دون أن يعني ذلك تغيّراً كبيراً في مشهد المواجهات ومعادلات الردع التي أرستها المقاومة، لكنه يعني حتماً المزيد من التحريض ضد الفلسطينيين ورفع سقف الخطاب.
ولعلّ آخر أشكال التطرّف هو ما ورد في الكتاب الذي أصدره الوزير السابق في كيان العدو ورئيس جهاز الأمن العام ــ الشاباك عامي أيالون تحت عنوان "نيران قواتنا: كيف أصبحت إسرائيل عدوًا لها وأملًا في مستقبلها"، والضجة الكبيرة التي أثارها الكتاب عقب تخصيصه لأحد الفصول لتوثيق لقاء طويل عقده مع الحاخام "يتسحاق شابيرا"، أحد مؤلفي كتاب "توراة الملك"، والذي أفتى بقتل الفلسطينيين والعرب وغير اليهود، بمن فيهم الأطفال الرضع وكبار السن والمدنيون بغرض حماية الجنود الإسرائيليين بحسب تعبيره، وهو ما يشير بلا أدنى شكّ إلى اتساع رقعة الخطاب الدموي الإرهابي الذي يسعى لشرعنة استباحة دماء الفلسطينيين، ومن خلال قوانين رسمية هذه المرة.
ولم تتوقف أجواء العنصرية وكراهية الفلسطينيين عند هذا الحدّ، بل تعدّتها إلى مستويات غير مسبوقة من خلال صدور دعوات من أعضاء الكنيست الذين يطالبون بقتل الفلسطينيين علانية، ودون تردد. وبدأ هذه الدعوات الدموية عضو الكنيست من حزب الليكود "هانوخ ميلبيتسكي"، خلال النقاش حول قانون حرمان المقاومين من فلسطينيي 48 والقدس من الجنسية، والإقامة داخل فلسطين المحتلة، عندما قال بشكل وقح وعلني "إنني أفضّل القتلة اليهود على القتلة العرب، بل إنني في الدولة اليهودية أفضّل اليهود على العرب غير الموالين". وهو ما تناقلته الصحف العبرية معتبرة أنّ ما حملته جلسة الكنيست وبعض التصريحات لأعضاء فيها إنما يعبر بكل وضوح عن شعار المرحلة الحالية بالنسبة لكيان الاحتلال، لذلك خرجت "ليمور سون هار ميلخ" عضو الكنيست من حزب العصبة اليهودية أيضاً لتقول: "من قتل يهوديا يجب أن يموت، ومن قتل عربيا فليكن في السجن، لأن مفاهيم المساواة ليست ذات صلة في هذه الحالة، فهي ليست متشابهة"، ثم أضافت: "إنني في الدولة اليهودية أفضّل اليهود على العرب غير الموالين".
في المقابل، تخرج دعوات من داخل كيان الاحتلال أيضاً محذرة من عواقب الخطاب التطرفي وتوجهات الحكومة الجديدة التي يمكن أن تؤدي إلى اشتعال الأراضي المحتلّة، وأن تساهم في "تعريض مستقبل المجتمع الإسرائيلي ومستقبل "إسرائيل" ومستقبل كل اليهود للخطر" بحسب تعبير أحد الكتاب الإسرائيليين في صحيفة "هآرتس" العبرية. ويوافق على ذلك كاتب آخر في صحيفة "معاريف" العبرية، ويدعى شلومو شامير، مؤكداً أنّ "الحكومة الجديدة تنذر بمزيد من الصعوبات والمتاعب لإسرائيل، والنتيجة ملحوظة ومهينة على الساحة الدولية، من خلال الاستفزازات غير الضرورية والخطيرة التي يقوم بها وزراؤها".
أما حصّة العرب، وتحديداً الأنظمة العربية التي شاركت في اتفاقيات التطبيع "أبراهام" فتبدو محرجة في الرد على السياسات التطرفية العنصرية كما يقول محللون في الشأن الإسرائيلي، ما يطرح تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الأنظمة ستتأثر ولو لمرة واحدة في حقيقة هذا الاحتلال وسياساته اتجاه الفلسطينيين وتعيد النظر في علاقتها مع الكيان، وهو ما يبدو بعيداً حتى الان.