kayhan.ir

رمز الخبر: 163610
تأريخ النشر : 2023January11 - 20:33

الرسالة المبطنة لـ "دا سليفا"

 

ما حدث قبل ايام من محاولة انقلابية فاشلة في البرازيل من قبل انصار الرئيس جايير بولسونارو الذي خسر الانتخابات وفر الى اميركا بعد اسبوع واحد من تنصيب الرئيس الفائز دا سيلفا، اكد بما لا يقبل الشك ان اميركا تقف وراء هذه المحاولة وهذه ليست المرة الاولى التي تقود فيها انقلابا في هذا البلد وفي سائر بلدان اميركا اللاتينية كفنزويلا والاكوادور وبوليفيا والبيرو والارجنتين وغيرها. فسجلها الاسود حافل وطيلة العقود الاخيرة بمثل هذه الانقلابات لاجهاض التيار اليساري الذي يهدد مصالحها ويعارض هيمنتها على هذه القارة. فالمصلحة الاميركية تقتضي ان لا تتشكل حكومات ديمقراطية في هذه البلدان لانها ستكسر الهيمنة الاميركية وتعرض مصالحها الى الخطر وهذا مالا تتحمله اميركا بالمطلق وتحاربها بكل ما اوتيت من قوة.

ووفقا لكل المؤشرات ان اقتحام انصار الرئيس المهزوم بولسونارو للقصر الرئاسي والبرلمان والمحكمة العليا كان بتحريض من الاخير وهذا ما اكد عليه الرئيس دا سليفا ايضا، فيما اشار بعض المراقبين بانها رسالة اميركية مبطنة للرئيس دا سليفا بان يبتعد عن تزعمه للتيار اليسارى في اميركا اللاتينية ضد المصالح الاميركية التي تعتبر هذه المنطقة حديقة خلفية لها.

ومادامت شعوب اميركا اللاتينية تعارض الهيمنة الاميركية وسطوتها سيكون هذا الامر مبعث قلق وخطر يهدد المصالح الاميركية التي لا ترضى بأقل من الانبطاح لها وان لا تخرج على طاعتها.

فمسلسل الانقلابات التي تقودها اميركا في اميركا اللاتينية هو سيفها المسلط على هذه الدول لئلا تفكر باستقلال قرارها بل تبقى على الدوام خاضعة للارادة الاميركية التي لا تنفك عن روحها الاستكبارية الخبيثة في الهيمنة والسطو على مقدرات الشعوب ونهب ثرواتها. فاميركا لا تريد لشعوب هذه المنطقة وغيرها ان تنهض وتقف على قدميها لان ذلك سيعزز سيادتها ويصون استقلال قرارها وهذا ما ستعارض تماما مع المصالح الاميركية التي تؤمنها الحكومات المستبدة وغير الديمقراطية التي تستقوى بالخارج.

فردة فعل الرئيس بايدن تجاه المحاولة الانقلابية في البرازيل هي نفاقية للهروب الى الامام بهدف التملص عن المسؤولية لفشلها. فالجميع يعلم ان الاستراتيجية الاميركية تجاه دول اميركا اللاتينية الصاعدة بوجود التيار اليساري ثابتة ولا تتغير ولا تختلف بين جمهوري وديمقراطي لان المصالح الاميركية هي فوق كل شيء ولا يمكن لاي رئيس ان يفرض وجهة نظره في مثل هذه الامور التي ترتبط بالمصالح الاميركية العليا.

فما حصل في البرازيل مؤخرا ليس امر جديدا او مستغربا فاميركا وعلى طول الخط اعتادت ان تحكم سيطرتها على اميركا اللاتينية من خلال تدخلاتها السافرة وانقلاباتها المفضوحة لكن عليها ان تعلم ان زمن هذه المحاولات البائسة قد ولت وان الشعوب قد وعت بجد خطورة التدخلات الاجنبية في شؤونها ومضاعفاتها وتداعياتها اللاحقة على مصالحها وثرواتها واستقلال قرارها لذلك فهي لا تسمح من الآن فصاعدا بالتدخل في شؤونها بأي شكل من الاشكال لان ذلك يمس استقلالها وسيادتها الوطنية التي لا تساوم عليه.