هل السيسي بطل تحرير مصر من التبعية للاميركيين؟
لكي نحكم على النظام أنه بدأ يأخذ خطوات جدية للخروج من التبعية نحتاج إلى علامات أكثر وضوحا وتكون علامات فاصلة وكلية , لا أمور جزئية قد تفسر بألف تفسير و قد يكون وراء هذه التصرفات الجزئية دوافع عديدة لا علاقة لها بنية الاستقلال و إن تشابه الفعل ظاهرا مع هذا الأمر.
وقد قلنا من قبل أنه من أحد أهم العلامات الفاصلة والمواقف الكلية التي تدل على الخروج من التبعية واستقلال القرار المصري:
١- إلغاء اتفاقية كامب ديفيد...
٢- عودة العلاقات المصرية الإيرانية...
٣- عدم الإعتماد على قروض وشروط صندوق النقد الدولي...
أما غير ذلك فهو مجرد لعب دور محدد في النظام العالمي.
- سيقول البعض أن هذا الفعل أو ذاك قد حدث بدون تنسيق مع النظام العالمي وبالتالي يدل على أننا نأخذ خطوات جدية و صريحة للخروج من التبعية لهذا النظام.
- أقول ربما يكون ذلك دليلاً على العكس يعني يكون دليلا على الانصياع الكامل للنظام العالمي , بمعنى أن هذا النظام وقائده الشيطان الأكبر بعد أن يثقوا في بعض الدول و يضمنوا أنها منصاعة تماماً لسياساته وأدواته بحيث يصعب الفكاك منها بسهولة, يُعطي بعض الحرية في التصرف لهذه الدولة أو تلك ما دامت لن تمس أي خطوط حمراء أو ثوابث كلية يعرفها جيداً قادة هذه الدول التابعة.
ألم تر أن هناك محوران يتصارعان في المنطقة محور تركيا قطر مقابل محور السعودية الإمارات وكلاهما تابع للنظام العالمي و كلا المحورين لا يستطيع تجاوز هذه الخطوط الحمراء؟؟
- بل نستطيع أن نقول أن هذه المحاور تبدو متصارعة في الظاهر ولها حرية التصرف إلا أنها تلعب في دور المسموح به وتحت السقف المرسوم, بل لو تعمقنا أكثر نجد أن المحوران يكملان بعضهما البعض والعملية ما هي إلا تنوع أدوار فمحور مهمته احتواء الجماعات الإسلامية كلها وتوجيهها في مكان بعيد عن الخطوط الحمراء ولا يسمح لها بتجاوز هذه الخطوط ومحور يقوم باحتواء الأنظمة الديكتاتورية العسكرية في المنطقة وعدم السماح لهم بتجاوز هذه الخطوط ثم أن أمريكا تلعب على استمرار هذا الانقسام في المنطقة فتؤيد الطرفين فهو أفضل وضع لأعداء المنطقة, فالاستراتيجية البديهية والقديمة (فرق تسد ) ما زالت فعّالة إلى يومنا الحاضر.
إذن حرية التصرف التي نعنيها هي حرية تصرف في بعض الأمور الجزئية بعد الاتفاق على الكليات والثوابت والخطوط الحمراء بل وعلى دور كل دولة في المنطقة ولو بشكل كلي.
- سيقول قائل ولماذا يُطلق النظام العالمي أيد بعض التابعين له في حدود معينة ولو جزئية , أليس من الأفضل تكبيلها تماما والسيطرة على كل قرار؟؟
- أقول لأن تكلفة السيطرة التفصيلية أعلى بكثير من وضع بعض الخطوط الحمراء الهامة جدا لدى النظام العالمي و أعلى من وضع استراتيجية كلية يسير عليها الجميع بحيث لا يحتاج الأمريكي بعدها إلا إلى التوجيه أو الإنذار عندما تمس إحدى الدول هذه الخطوط الممنوعة , أوليس التفويض أفضل إداريا مع الثقة وأقل كُلفة في علم الإدارة الحديث؟؟؟
خاصة لو أضفنا إلى ذلك أن قائد النظام العالمي أخذ ضربات موجعة عندما باشر وتدخل بنفسه في أكثر من موضع, كما أن الشيطان الأكبر منذ فترة فطن أن اسلوب التبعية المباشر مُضر جدا بقادة الدول الحليفة ويظهرهم بمظهر العملاء المباشرين , وهو عنده مشاكل أهم و أخطر من ترتيب أوضاع شعوب هذه الدول مع قادتها كل فترة, مشاكل تتعلق بالمواجهة الحامية والمستمرة مع محور المقاومة في العالم, بالإضافة إل مشاكله الداخلية الكثيرة التي لم تنتهي ولن تنتهي بسهولة على المدى القريب.
لذلك حتى تعلم أنك تسير على الطريق الصحيح نحتاج إل تجاوز أحد هذه الخطوط الحمراء وأما اللعب في حدود ما هو مسموح فهو قد حدث من قبل وسيحدث كثيرا وهو أمر طبيعي ولا يعد استقلال او خطوات على طريق الاستقلال..
إذن هل يمكن تفسير المواقف التي ذكرناها وفق هذا التحليل ؟؟
- بداية نقول أن هناك عملية تهويل وبروباجندا تتم لأي فعل يحدث بحيث يُخيل للبسطاء أن هناك تغييرا حقيقيا في التوجهات , إلا أن المدقق يجد أنها أمورا عادية ليست بجديدة ولا تدل على شيء , ولنبدأ بزيارة بوتين , فهل لم يكن الرؤساء الروس يزورون القاهرة أو العكس منذ أن أصبحت مصر تحت المظلة الأمريكية؟
يكفي أن نعرف أن هذه الزيارات لم تنقطع وكان آخرها في عهد حسني مبارك.
"آخر زيارة قام بها رئيس روسي إلى مصر كانت زيارة الرئيس السابق دميترى ميدفيديف، التي استغرقت يومين (٢٣ و٢٤ يونيو عام ٢٠٠٩)، ووقعت مصر وروسيا خلال زيارة الرئيس الروسى إلى القاهرة ٥ اتفاقيات للتعاون الثنائى".
إذن الزيارات المتبادلة بين مصر وروسيا لم تتوقف والعلاقات بين البلدين ظلت مستمرة والتعاون العسكري كان لا يزال موجودا ومصر ما زالت تمتلك أسلحة روسية وكل ذلك لا يعني أننا كنا مستقلي الإرادة., ثم أصلا وبنظرة أعمق وأكثر وعيا هل الاستقلال معناه أن نترك دولة عظمى لنتعلق بأخرى أو يمعنى أدق نتبع أخرى ؟وهل روسيا أفضل حالا من أمريكا في مبادئها ومنطلقاتها الأساسية؟؟
- أما تفسير صفقة الطائرات رافال فبغض النظر عن اللغط الكثير حول الصفقة فلو افترضنا أنها صفقة محترمة ومتميزة وأنها خالية من العيوب إلخ , فهل أصلا مصر لم تكن تشتري سلاحا إلا من أمريكا؟
ألسنا من الدول الأولى التي اشترت الميراج ٢٠٠٠ ؟؟أوليست فرنسا جزء من النظام المستكبر والمستعمر؟؟
- أما الضربة المنفردة لليبيا فلها عندي مئات التفاسير ولكني أعلم أنه لا داع لذكرها فالمسألة واضحة وأهم التفاسير هو الدعاية والبروبجاندا التي يحتاجها النظام بعد أن نزلت شعبيته إلى درجات غير مسبوقة ونحن نعلم أن دق طبول الحرب أفضل شيء لرفع شعبية الحكام والتغاضي عن أخطائهم وعن المشاكل الداخلية الكثيرة وهي أيضا أفضل سلاح بأيد الدكتاتوريات العسكرية لكتم أصوات أي معارضة , فحالة الحرب تُعسكر كل شيء في المجتمع.
ملاحظات:
- هناك فرق بين من يقاتل الإرهاب لأنه أذرع صهيونية في المنطقة ويعرف تماما من يحركه ومن يموله ولأي سبب وبين من يقاتله لأسباب كثيرة أخرى , من ضمنها الجهل والخلط بين الإرهاب والإسلام السياسي فتكون محاربته للإهاب من ضمن معاداته الفكرية المتأصله للإسلام السياسي ككل , فرق بين السماء والأرض.
- حتى في الحرب على الإرهاب نرفع نفس شعارات أمريكا بل و نحارب مثلما يحاربون تماما بالاعتماد على الضربات الجوية من اجل الدعاية مع أننا نعلم أن مثل هذه الضربات من المستحيل أن تحقق تقدماً أو نصراً على التكفيريين الذين يعتمدون طريقة حرب العصابات , هذا التقليد في كل شيء مرعب لأنه بدل على التشبع بالفكر الأمريكي.
- حتى بافتراض أن هناك إختلافات جزئية بين الإدارتين المصرية والأمريكية فإن هذا لا يعني أن النظام ليس خطرا عل محور المقاومة أو أنه لا يحمل روح العداء له.
- حتى لو افترضنا أيضا أن مصالحه لا تلتقي حاليا مع أمريكا فهذا سيكون بسبب إختلافات حزئية خاصة بطريقة إدارة أوباما مثلما يختلف الكيان الصهيوني ونتنياهو أحيانا مع طريقة إدارة أوباما فهي كلها خلافات لا تفسد للود قضية !! ومن المعلوم أنه يمكن الإختلاف في التفاصيل وطريقة التنفيذ مع الاتفاق على الثوابت والمبادئ.
- أقصى ما يمكن أن نطمح إليه من هذا النظام أنه يمكن أن يضطر لأن يتعامل مع محور المقاومة لمصلحة وقتية.وكنتيجة للتغييرات التي تحدث باستمرار في المنطقة.
اسلام تايمز