مسيرات "الحصار حرب".. تذكير وتحذير
علي الدرواني
انتهت الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة قبل تسعة أشهر، ولم تقبل صنعاء تمديدها منذ ثلاثة أشهر مطالبة بتطبيق التزامات العدوان ببنود الهدنة وباستحقاقات توسيعها، لتشمل رفعًا كاملًا للحصار، وصرفًا للمرتبات المنقطعة منذ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى مدينة عدن المحتلة، ولأكثر من ست سنوات متوالية.
يصر تحالف العدوان ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية على أن تلك الشروط المتعلقة بصرف رواتب الموظفين هي شروط تعجيزية ومتطرفة، رغم أنها لا تزال في أدنى المطالب المشروعة للشعب اليمني، والمتعلقة بالحريات والحقوق المكفولة وفقًا لكل القوانين والشرائع، حق العيش، وحق التنقل، وما يقوم به تحالف العدوان بمنع تلك الحقوق، ما هو إلا جريمة حرب موصوفة، فالحصار واستخدام لقمة العيش لفرض التنازلات، مجرم في القانون الدولي الإنساني، وسقوط مدو للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بقبوله وصمته عن هذه الجريمة.
سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها الغرب المتوحش بين اليمن وأوكرانيا واضحة للغاية، شروط الغرب للبدء بمفاوضات والوصول إلى تسويات، هو خروج القوات الروسية من الأراضي التي "ضمتها" إلى سيادتها في القرم وإقليم الدونباس، ونسمع حديثًا عن التعويضات، وإصلاح الاضرار وتحميل موسكو إعادة اعمار البنية التحتية.. الخ. بينما في اليمن يسيرون عكس طريق السلام، ويضعون العربة قبل الحصان، ويشترطون ان يذهب اليمنيون الى طاولة المفاوضات، تحت ضغط الحصار، ومع بقاء قوات الغزو والاحتلال تسيطر على جزء كبير من الوطن في المحافظات الجنوبية والشرقية، ويرفضون مناقشة التعويضات وإعادة الاعمار ولا يريدون أن تتحمل السعودية وتحالفها مسؤولية ما حصل بالبنية التحتية اليمنية، ركونًا الى الإمساك بورقة الحصار واستخدام القضايا الإنسانية لفرض شروط الاستسلام على الشعب اليمني وقيادته.
يخطئ تحالف العدوان عندما يعتقد أنه يمكن أن يحصل بالضغط والحرب الاقتصادية التي لم تتوقف يومًا على الشعب اليمني، وكانت ورقة أساسية منذ أول غارة في السادس والعشرين من مارس 2015، وفرض الحصار البري والبحري والجوي، على ما لم يحصل عليه بالحرب العسكرية، والقصف والغارات والقتل والتدمير.
على تحالف العدوان أن يعيد النظر في الأيام التي سبقت اعلان الهدنة والعمليات الدقيقة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية، في عمليات "إعصار اليمن"، و"عمليات كسر الحصار"، فالإمارات حسب ما نقل عن مسؤوليها، في مجالس خاصة، كانت 11 سبتمبر إماراتية، نظرًا لدقتها وحساسية الأهداف التي قصفتها، والنتائج التي ألحقتها، وإن كانت أبو ظبي قد حاولت التقليل حينها من فاعلية الضربات، وفي "عمليات كسر الحصار"، لا ينسى المسؤولون السعوديون أعمدة اللهب والدخان التي خيمت على منشآت أرامكو في جدة، حينها نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية قوله: لن نتحمل مسؤولية نقص إمدادات النفط في الأسواق العالمية.
مسيرات الحصار.. حرب، وبيانها الختامي، والتحذير بعمليات عسكرية لفرض رفع الحصار، تعيد التذكير بأن اعلان الهدنة لم يكن الا لتجنب المزيد من العمليات، واذا تناست الرياض وأبو ظبي، فعليهما أن تستعدا لعمليات قادمة لا محالة، فصوت الشعب اليمني مرتفع، وعبارات البيان واضحة، وتحذيرات القيادة لا تقبل التأويلات، فالحصار حرب، والرد على الحرب بالحرب، والنار ترد النار، وقد أعذر من أنذر.