لابد للخطين المتوازيين ان يتقاطعا !
حسين شريعتمداري
1 ـ انها معادلة هندسية لا يعتريها الشك بان؛ "الخطان المتوازيان لا يتقاطعان"، واحيانا يقال استمرارا "لربما الى لا نهاية" ولكن، هل ان الخطين المتوازيين في اللانهاية سيتقاطعان ام لا؟ ليس من صلب الموضوع، فكما قال الظرفاء؛ من سيكون موجوداً الى ما لا نهاية ليخبرنا بان الخطين المتوازيين سيتقاطعان بالتالي أم لا ؟!
وما هو مهم في هذا المقال، وجود خطين متوازيين في مجتمعنا اليوم ينبغي ان يتقاطعا، ولكن على العكس مما يتوقع يسير كل خط في طريقه متفرداً! فأحدهما المساعي المستديمة والجهود الحثيثة للسيد رئيسي وحكومته في المجال الاقتصادي والكم الهائل من المكتسبات غير المتوقعة التي تم التوصل اليها، فيما الخط الآخر وهو الغلاء المستشري بازدياد اسعار السلع والخدمات الضرورية للشعب والتي اذاقت حياة الناس لاسيما الطبقات المستضعفة وقليلة العائدات ـ اولاء الذين قال عنهم الامام الراحل (ره) انهم اولياء النعم ـ الامرين، ووجهتهم بالصعوبات. وهنا نشير الى عدة امور لابد منها.
2 ـ افترضوا شخصاً قد لاقى اضرارا بليغة خلال حادث مروري، وتصوروه في حالتين منفصلتين الحالة الاولى؛ ان يترك هذا الشخص دون عناية ولا احد يهتم به وبعلاجه! فمن البديهي في هذه الحالة ان يصيب اقرباؤه اليأس من شفائه وتعافيه. وفي الحالة الثانية؛ ان يتم نقل الشخص المصاب الى المستشفى بسرعة ويهتم به الاطباء الماهرون والكادر الطبي بكل جدية ودون اتلاف للوقت يهموا بعلاجه الا ان الجروح والكدمات التي تعرض لها الشخص على درجة من الخطورة بان يحتاج الى وقت كاف وظروف استثنائية لفرض المزيد من العناية، وهنا وان كان الشخص المصاب يعاني من ا لالام الا ان ظروفه تختلف عن الفرض الاول، وندرج احتمالا ثالثا في القضية!
3ـ ياتي خواص واقرباء الشخص المصاب ليستفسروا من الطبيب المعالج عن وضع قريبهم الصحي. فيرد الطبيب انه راقد وبحاجة الى عناية فائقة. وبعد ايام يعيد ذوو المريض نفس السؤال، ويجيبهم الطبيب بان قريبهم راقد تحت العناية، وفي هذه الحالة يعترض اقرباء المصاب على الطبيب ويقولون له؛ لقد اجبت قبل ذلك بنفس الاجابة والآن تعيد الجواب نفسه؟ وهذا العتاب هو من حقهم ولكن اجابة الطبيب منطقية كذلك، بان المصاب وان مازال راقدا كما في السابق، الا ان الامور تختلف عن سابقاتها. فهو وان مازال راقدا في المشفى ويتلقى العلاج ولكنه في تحسن قياسا للسابق، وهو يتجه نحو الشفاء الكامل وان طول فترة علاجه يعود الى ما اصابه من جروح وكدمات بليغة ومعقدة.
4 ـ ان جميع الادلة المتوافرة والوثائق الدامغة تعكس ان ما سلمه السيد روحاني من شؤون الحكومة الى حكومة السيد رئيسي اشبه بذلك الجريح الذي يعاني الامرين.
اذ يقرب من 480 الف مليار تومان هو عجز الميزانية اي ان حكومة السيد رئيسي عليها ان تسدد كل شهر ما قدره 13 مليار تومان. كما وبلغت سندات القرض 500 الف مليار تومان. فيما الادارة غير العلمية تسببت في تلف 60 طنا من الذهب واضاعة عشرات المليارات من الدولارات، ففي الوقت الذي كانت الحكومة بأمس الحاجة لها تم سحب مبالغ ضخمة من صندوق احتياطي الميزانية لتصرف في غير محلها فتسبب بهبوط العملة الوطنية، وارتفاع اسعار السكن وبدل الاجار ثمانية اضعاف، وتصاعد العقوبات ضعفين بدل من الغائها، وافلاس مئات المعامل ومراكز الانتاج و... فيما يتفاخر وزير السكن في حكومة روحاني انه خلال فترة وزارته لست سنوات لن يتم بناء بيت واحد! كما وان وزير نفطه كان يعتبر بناء المصافي من مسببات القذارة! ووزير الطاقة يدعي بان بناء المحطات ليس اقتصاديا، حين قال: "ان بناء المحطة التي لا توفر في اعلى سقفها مائتي ساعة غير مبرر اقتصاديا"! و... وان الاضرار التي لحقتها حكومة روحاني الحادية عشرة والثانية عشرة لاساس اقتصاد البلاد اكبر بكثير مما نعده في هذه المقال.
5 ـ الشأن المتوقع منطقيا وطبيعيا ان تعترف الحكومة السابقة بتقصيرها وتتقدم بالاعتذار من الشعب لعجزها عن ادارة السلطة التنفيذية وما تسببته من خسائر جمة للشعب والنظام. ولكنها ليست تملصت عن واجبها ـ في الاقل ـ اخلاقيا وحسب بل تصر على موقفها، رافعة الشعارات ضد الظروف التي تسببت في خلق هذه الحالة ساعية لنسبة المشاكل التي هو اوجدها الى حكومة السيد رئيسي! وفي هذه المقالة نقرب المسألة، دون المساس لا سامح الله، وانما مراجعة لماضٍ ملؤه العبر مستلة من معركة الجمل بخصوص طلحة والزبير اللذين كانا من خواص صحابة الامام علي(ع)، ولكنهما نقضا العهود (ناكثين) ليخرجوا في حرب الجمل لمواجهة علي عليه السلام، بذريعة الثأر لدم عثمان، فيما كان قتل عثمان على ايديهم او شاركوا في ذلك بشكل مؤثر، بينما ارسل الامام علي(ع) ولديه الحسن والحسين عليهما السلام لكسر الحصار عن بيت عثمان لايصال الماء والغذاء لسكان البيت. فكان وصف امير المؤمنين لاصحاب الجمل: "انهم ليطلبون حقاً هم تركوه ودماً هم سفكوه".
6 ـ ونعود الى قضية الخطين المتوازيين اللذين اشرنا لهما بداية المقال، بان هذين الخطين ينبغي ان يتلاقيا، وليعلم الشعب بالمساعي الحثيثة للحكومة لمواجهة المشاكل الاقتصادية وليشهدوا المكاسب الجمة للحكومة، كي ترد وسوسة الخناسين في الخارج، والتحشيد الدعائي في الداخل ، في السعي لزرع اليأس بين فئات الناس.
ومن نافلة القول ان الحكومة المحترمة وللاسف الشديد، لم تبيّن للرأي العام المكاسب التي استحصلتها لـ 16 شهرا الماضية بالشكل المناسب، ولم توضح ما تسلمته من الحكومة السابقة، التي تشبه ذلك الشخص المجروح الذي قارب على الوفاة بانه وان لم يعالج بشكل كامل، فهو مازال راقدا مع تماثله للشفاء رويدا رويدا او قربه من الشفاء الكامل. وان بيان هذه الامور للشعب، اضافة الى وأدها لتحشيدات اعداء الخارج واذنابهم في الداخل، ستشجع في دعم الحكومة المنبثقة من نفس الشعب.
7 ـ كما ومن الضروري القول، ان السيد رئيسي قد شدد على انه إثر التوضيح بان المشاكل الموروثة ليست من الحكومة السابقة، وهذه رؤية تحوز التقدير، الا ان المسؤولين رفيعي المستوى للحكومة السابقة وبدل ان يعتذروا من الشعب عجزهم في ادارة السلطة التنفيذية وما جلبوه للشعب من اضرار، وظفوا اقلامهم وألسنتهم بالمقلوب بحرف الحقائق ومازالوا! فيما استقبلت وسائل الاعلام المعادية بالتصفير والتصفيق هذه المحاولة في قلب الحقائق! من هنا بات ضروريا التوضيح الموثق للقضية.
ورغم انه من البديهي اننا مازلنا على مسافة من النقطة المرجوة، الا انه في نفس الوقت ليس مبالغة وتدلل عليه الشواهد المتوافرة بوضوح بان حكومة السيد رئيسي قد اعملت كل قواها وامكانات النظام للوصول الى النقطة المرجوة، وبالطبع لايمكن تجاهل ضغوط الخارج، والمطبات التي توضع في الداخل والمشاكل العالقة من الحكومة السابقة، ومن جانب آخر لا يتم السير في طريق عكر، دون تأرجح فليست الحكومة الحالية مستثناة عن هذه القاعدة، والمهم ان تواكب في كثير من الحالات الكبوات والصحوات.