بغداد واستعادة مكانتها التاريخية
ما ميز مؤتمر بغداد ـ 2 الذي استضافته الاردن بمبادرة عراقية ـ فرنسية الهدف منها نزع فتيل الازمات التي شهدها دول المنطقة والتي لابد ان تختلف عن مؤتمر بغداد ـ 1 الذي عقد في العاصمة العراقية وهكذا عن مؤتمر بغداد ـ 3 الذي سيعقد في القاهرة مستقبلا. وهذا الامر طبيعي بسبب الظروف والتطورات التي تواكب مرحلة انعقاد المؤتمر.
مؤتمر بغداد ـ 2 في عمان الذي لا يخلو من الايجابيات لانها علمت بعض الاطراف المتضادة ويقال انها ستختلف تماما عما خرج عن مؤتمر بغداد ـ 1. لكن ما يؤخذ على مؤتمر بغداد هو الجانب الفرنسي الغريب والبعيد عن المنطقة وعادة ما تكون مثل هذه الدول سببا في توتر الاوضاع وتأزيمها وهذا خلافاً لما يروج له بانه عامل مساعد لتجميع دول المنطقة واقرب مثال لذلك هو استبعاد سوريا الدولة الشقيقة والجارة للعراق التي يجب ان تكون في مقدمة المدعومين.
والامر الثاني الذي يروج له خلافا للمواقع ان وجود فرانسة في المنطقة لملأ الفراغ عوضا عن اميركا التي تترك الحلفاء في اشد الازمات؟ والسؤال الذي يطرح نفسه من قال لك ان فرنسا لا تكرر نفس الموقف في الظروف الحرجة؟ وما يعزز هذا الموقف ان فرنسا ليس لها اي خلفية او دور مباشر في الساحة العراقية. الامر الاخر الذي اشير اليه بان فرنسا تنوب عن اميركا في المنطقة وهذا ما تدحضه الوقائع. فاميركا الا تسمح حتى لابرز حلفائها كفرنسا ان تنافسها على موقع استراتيجي او صفقات تسليحية وهذا ما شاهدناه في التعامل الاميركي مع صفقة الغواصات الفرنسية ـ الاسترالية وكذلك الغائها للعقود التي ابرمتها فرنسا مع الكويت بعد تحديرها واعطاءها للشركات الاميركية. لذلك من السذاجة ان يتصور المرأ ان الدول الغربية على وئام فهي تساوم او تتنازل بهذه السهولة عن ادوارها. فالمصالح هي الفصيل اولا واخيرا.
لكن في المحصلة النهاية ان مخارج هذا المؤتمر ان نفذت بشكل صحيح وهو يتلقى دعمه على اساس ان يعود بكامل قواه الى الساحة الاقليمية فهو امر ضروري ومطلوب ليلعب دوره وفقا لثقله الاقليمي وما لعبه من دور كبير في القضاء على داعش "الارهاب" الاعمى المصدر والمصنع هي الغرب، امر يستحق التقدير والاجلال.
ومن اهداف هذا المؤتمر الذي بادر اليه العراق بتنسيق مع جسم غريب اسمه فرنسا ذات الصيت الاستعماري السيئ لا يتلائم مع العراق الحضاري والثقافي الذي هو مهد الكثير من الانبياء وائمة اهل البيت (عليهم السلام) والحوزات العلمية التي تشع انوارها الى مختلف اصقاع العالم الاسلامي وغير الاسلامي اما ان يكون شريكا تجاريا كاي دولة في العالم فهو امر طبيعي ولا غبار عليه لكن ان يدخل كطرف مؤشر ويحشر نفسه لترتيب شركة استراتيجية على مقاساته فهو امر مرفوض لان دول المنطقة هي الاولى والاقدر على بناء شراكة استراتيجية دائمة تؤمن مصالح شعوب المنطقة وابنائها بعيدا عن الاملاءات الاجنبية وهذا نفس الشيء ينطبق على توفير الامن والاستقرار في المنطقة من قبل ابنائها لان اي تواجد لقوى اجنبية في هذه المنطقة لن يزيدها الا زعزعة وتوترا تخدم اعدائها.
فمشاركة ايران وعبر وزير خارجيتها عبداللهيان في هذا المؤتمر قد عزز هذا الموقف بشكل يعطي للعراق ثقله ومكانته المناسبتين وكذلك دوره التاريخي لما يشكله من رقم صعب في موقعه الاقليمي وموقفه المبدئي من الكيان الصهيوني والاحتلال الاميركي ووجوده في محور المقاومة كل ذلك يجعله كاحد اهم الدول المؤثرة في اتخاذ القرارات المصيرية على صعيد المنطقة.