اميركا في نهاية النفق
وفقا للاحصائيات التي قدمتها وزارة الطاقة الاميركية عن عائدات ايران من النفط خلال الاشهر السبعة الاخيرة من عام 2022 والتي بلغت 34 مليار دولار، هو اقرار اميركي صريح بفشل الحظر النفطي الاميركي على ايران الذي لم يعد فاعلا وسيبقى دون جدوى، هذا في وقت ان معلومات منظمة الاوبك هي الاخرى تؤكد ان ايران لازالت واحدة من اكبر الدول المنتجة للنفط في العالم حيث بلغ انتاجها من النفط في الربع الثالث من العام الحالي 566/2 مليون برميل يوميا حيث تاتي في المرتبة الخامسة لانتاج النفط.
وبالمجمل فان تقريرا وزارة الطاقة الاميركي اوبك يؤشران الى ان ايران قد استعادت وبقوة مكانتها النفطية الى ما قبل الحظر وهي اليوم ضربت الحظر النفطي الاميركي عرض الحائط والذي استمات وجند كل قواه لتصفير النفط الايراني ولم يفلح وبقى حلما يتغنى به.
وبالطبع هذه هي الصفعة الثانية والقوية التي تلقتها الولايات المتحدة الاميركية من ايران بعد ان استطاعت قبله ان تجبرها على رفع الخيار العسكري من فوق الطاولة وانزاله الى تحت الطاولة بفعل قدراتها الرادعة التي يشهد لها الجميع وما يؤكد ما نقوله هو تصريحات الجنرال مكينزي رئيس اركان القيادة المركزية الاميركية خلال العام الجاري في الكونغرس الاميركي حين سأله سناتور اميركي هل تتعرضون لحرس الثورة في العراق؟ فاجابة مكينزي ليس هناك امكانية للتعرض لحرس الثورة نحن نسعى للحد من ذلك ولا نريد اثارته ؟؟
وفي اجابته على سؤال آخر للسناتور كيندسي غراهام، حول امكانية شل الحرس في العراق، قال مكينزي لا توجد امكانية لهذا العمل فساله مرة اخرى اذا ماذا تفعلون مع ايران فاجابه في البداهة "دعم مطالبي الديمقراطية"وهو في الواقع يقصد مثيري الشغب والعنف الذين لفظهم الشعب وهذا ما ترجم على الارض خلال احداث الشغب التي شهدها خلال سعبين يوما.
غير ان الجنرال مكينزي علل موقفه من الدعم باننا لا نستطيع شل ايران من خلال الاجراءات من خارج الحدود، اما في الداخل فهناك قوى تستطيع اثارة الفوضى والقلاقل لاشغال ايران من الداخل.
واليوم وبعد ان سقط الخيار العسكري نهائيا بفضل قوة الردع الايرانية وهكذا فشل الحظر النفطي والعقوبات الاقتصادية اللتان ثبت عقمهما بعد استعادة ايران دورها في الاوبك كأحد المنتجين الرئيسيين في هذه المنطقة، وهكذا توسيع علاقاتها الاقتصادية وتوسيع تجارتها الخارجية مع دول الجوار خاصة والبعيدة عامة وكذلك التحاقها بمعاهدتي شنغهاي وبريكس باتت ايران في موقف مريح تمتلك اليد الطولى وتتفاوض مع الاطراف الاميركية الغربية من موقع القوة هذه الاطراف المتخلفة والجاهلة بالواقع الايراني عولت على احداث الشغب وبتصور واهي وحسابات خاطئة جر الملايين من ابناء الشعب الى الشارع لاشعال ثورة عارمة لا نستطيع ان نتصور ذلك الا في "الفضاء المجازي" لاسقاط مثل هذه الثورة.
مساكين هؤلاء الجهلة والاغبياء ان يتبنوا افكارهم الصبيانية وفق تصورات واهية بل هي مجرد اضغاث احلام ان تحدث مرة اخرى ثور في ايران ضد من ومن اجل من لماذا وما هي اهدافها وتطلعاتها لقد تحرر لشعب الايراني قبل اربعة عقود من سلطة اميركا والغرب المستبد والهاينة، في اعظم ثورة لم يشهد لها نظيرا لا في التاريخ الحديث ولا القديم. اي انها ثورة اسلامية فريدة من نوعها ضد ضربت بزغ فجرها وسط اجواء كانت القوتين الكبيرتين اميركا ولاتحاد السوفييتي تهيمنانت على العالم لكن الامام الخميني (قدس سره) قال لا للشق ولا للغرب اننا مدرسة جديدة تستمد وجودنا ونظامنا وفقا للمبادئ الاسلامية وثوابتها.
فبعد كل الذي جرى بين ايران واميركا من مد وجزر السؤال الذي يطرح نفسه على ارض الواقع بعد كل هذه الانكسارات والهزائم والعداوة وفشل المشاريع والدسائس والمخططات وسقوط الخيارات المتعددة واقرار واشنطن بذلك ماذا تريد اميركا من ايران؟ اليس في اميركا بقية متبقية من العقلاء والحكماء ممن يريدون انقاذ بلدهم من السقوط الاخلاقي والانساني وربما السقوط الحتمي بسبب تعاملها الاستكباري والاستعلائي مع دول العالم.
واذا ما اعتبرنا الحرب الاخيرة التي قادتها اميركا ضد ايران عبر بقايا المنافقين والنظام الشاهنشاهي والمتضررين من الثورة حربا ثقافية فانها رأت رأي العين كيف خسرت هذا الميدان ايضا واضافت سجلا مخز آخر لسجلاتها السوداء في ايران.