الكيان الصّهيوني: حروب ومناورات أم هروب من الهزائم والأزمات؟
شوقي عواضة
بالرّغم من تأكيدات رئيس المطار فادي الحسن ووكيل الشّركة في بيروت محمد دقدوق عدم صحّة الشائعات التي تحدّثت عن هبوط طائرة إيرانيّة في مطار بيروت تابعة لـ «معراج» ونقلها أسلحة إلى حزب الله في محاولةٍ لضرب الموسم السّياحي في شهر الأعياد من خلال بثّ مثل هذه الشّائعات وإرفاقها بتهديدٍ من كيان العدوّ الصّهيوني المؤقّت بقصف مطار بيروت بعد سلسلة التقارير الإعلاميّة التي عملت على طبخها مطابخ الغرف السّوداء من الإعلام الأميركيّ السّعوديّ «الإسرائيلي» التي تحدّثت عن محاولاتٍ إيرانيّةٍ لتهريب أسلحةٍ عبر رحلاتٍ مدنيّةٍ على متن طائراتٍ إيرانيّةٍ إلى مطار بيروت بعد تدشين خطّ طيران مباشر بين بيروت وطهران، ترافق ذلك مع إعلان جيش الاحتلال «الإسرائيلي» انطلاق مناورة (الشتاء السّاخن2) على الحدود الشّمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان بقيادة قائد شعبة التكنولوجيا واللوجستيك الجنرال ميشل ينكو، وتضمّ بحسب ما كُشف، كتائبَ وألويةً وفرقاً عسكريّةً.
بدأت المناورة ليل السبت الماضي بمشاركة 8000 جندي وضابط نظامي و5000 جندي احتياط جرى استدعاؤهم لهذه المهمة، في عمليّة تهدف إلى اختبار وتعزيز جهوزيّة جيش العدوّ «الإسرائيلي» لوجستيّاً وقدرته على إنجاح التّنسيق والتّعاون بين كافّة الوحدات العسكريّة من قوّات الرّصد والاستطلاع والقوّات الجويّة والبريّة في محاولةٍ لمحاكاة المواجهات المستقبليّة المتعدّدة السيناريوهات على الحدود مع لبنان.
النّاطق باسم الجيش «الإسرائيلي» أعلن أنّ قرار إجراء المناورة اتخذ سابقاً وأنّها تندرج ضمن خطّة الجيش لإعادة التأهيل والتّدريب للعام 2022. لكن بالرّغم من هذا الإعلان عملت وسائل إعلام العدوّ على تقديم المناورة ضمن إطار ارتفاع نسبة التوتر بين حزب الله وجيش الكيان الصّهيوني المؤقت في ظلّ ما تقدّم من تقارير أفادت عن تهريب أسلحةٍ عبر طائراتٍ مدنيّةٍ إيرانيّةٍ إلى مطار بيروت.
المناورة العسكريّة المفاجئة على الحدود الشّمالية مع لبنان ترافقت مع مناورةٍ بدأها جيش الاحتلال على حدود قطاع غزة، وسط حالة التوتر الميدانيّ التي تشهدها المناطق الفلسطينيّة التي من المتوقع تصاعدها مع وصول حكومة اليمين المتطرّف إلى الحكم في الكيان بالتزامن مع تحذيرات المقاومة الفلسطينيّة لقوّات الاحتلال من مغبّة الإقدام على أيّة عمليّةٍ عسكريّةٍ سيدفع الاحتلال ثمنها.
وفي ظلّ تفاقم الأزمة الدّاخلية لكيان العدوّ الإسرائيلي وحالة الانقسام التي باتت واضحةً وجليةً أكثر من أي وقت مضى بعد الانتخابات الأخيرة التي عمّقت الشّرخ داخل الكيان الصّهيوني حتى بات من الصّعب الوصول إلى حلٍّ يؤدّي إلى لمّ الشّمل داخل الكيان مع تصاعد وتيرة العمليّات لعرين الأسود في الضفة الغربيّة ممّا طرح العديد من التّساؤلات حول المناورات وتوقيتها وغاياتها وأهدافها وأهمّ تلك الأسئلة هو ما يلي:
1 – هل بات العدوّ بحاجة إلى ذرائعَ تخوّله الهروب من أزمات الداخل الصّهيوني ومواجهات الضّفة الغربية إلى خلق أزماتٍ خارجيّةٍ وتضخيمها وتقديمها (لمجتمعه) كمبرّرٍ بعد انكشافه أمام أبطال عرين الأسود في الضفة الغربيّة؟
2 – هل صورة (الجيش الذي يقهر) التي تحوّلت إلى نمر من ورق في الضفة الغربية وغزة والدّاخل وضعت القيادة العسكريّة في مأزق دفعتها للجوء إلى المناورات العسكريّة؟
3 – ماذا لو فتحت جبهات الدّاخل والشمال مع لبنان في آن معاً هل ستتحمّل قيادة العدو العسكريّة ثمن ذلك؟
4 – في حال تبنّى الكيان لأكذوبته بتهريب الأسلحة إلى مطار بيروت هل سيقوم باستهدافه؟
على مدى سنوات المواجهة القريبة جدّاً من معركة سيف القدس إلى معركة وحدة السّاحات أثبت الكيان الصّهيوني وهنه وضعفه قدرته التي تتهاوى عاماً بعد عام وقوّته التي باتت تتآكل بفضل ضربات المقاومين في فلسطين ولبنان وفوق ذلك أثبت عجزه عن المواجهة على عدّة جبهات بل إنّ مواجهته على جبهة غزة في معركة سيف القدس ووحدة السّاحات كشفت عدم قدرته ومجتمعه على احتمال المواجهة.
أمّا اليوم فإنّ قوّة الكيان تتآكل أكثر فأكثر وما يجري في الضّفة الغربية هو شاهدٌ حيٌّ على عجز (الجيش الذي لا يقهر) ووهنه وضعفه. أمّا في لبنان فالعدوّ يدرك يقيناً أنّ المعادلات التي أرستها المقاومة على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لن تتغيّر إلّا لصالح المقاومة التي تفرض ذلك وبالتالي فإنّ أيّة محاولة لكسر قواعد الاشتباك مع المقاومة في لبنان من خلال إقدام العدو على استهداف أيّ هدفٍ على الأراضي اللبنانيّة سيضع الكيان أمام حربٍ مفتوحةٍ ليس بمقدوره تحمّل نتائجها على كاّفّة المستويات العسكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وعليه والحقيقة التي أصبح يدركها العدوّ جيّداً أنّ ما ينتظره من مفاجآت في الضّفة والقدس في الأيام المقبلة لن يعطيه الفرصة لفتح المزيد من الجبهات وأنّ توحيد الكيان لن يكون على دماء اللبنانيين والفلسطينيين وعليه أن يحصي هزائمه الآتية كما يعدّ أيّام زواله.