تواً عدتُ من ايران..!
محمود الهاشمي
مع وفد تشكل من (25)شخصية من كبار الكتاب والمحللين السياسيين والاكاديميين واصحاب الفكر زرت ايران وعلى مدى اسبوع .
كانت الاحداث الاخيرة في ايران قد شكلت هاجسا لدى اغلب اعضاء الوفد وان لم يتكلموا جهرا بالامر، بعد ان صكت اذانهم وسائل الاعلام الغربية والخليجية .
الاسبوع كان حافلا بكل شيء ،من اللقاء بكبار المسؤولين الايرانيين الى زيارة المراقد الشريفة الى التجوال بالاسواق العامة والحديث مع الناس الى الجلسات والندوات مع كبار الباحثين والاكاديميين الايرانيين الى التسوق ثم مشاهدة مباراة كرة القدم مع عدد كبير من الشباب عند شاشة كبيرة في وسط العاصمة .
طهران الاكثر اناقة من اي مدينة زرتها فقد غلبت عليها النظافة والاناقة والاضاءة وبدت المدن والشوارع وكأنها تحتفل بقدوم ضيوف غرباء ،فلا اعرف متى تم غسل الشوارع وصبغ الخطوط والارصفة ومتى تم تنسيق الحدائق وتعليق الاعلام ،ومن نظم العجلات لتسير وكأنها في موكب !.
سألت عن سر نظافة المدينة مع اننا لم نبصر عامل نظافة واحد فكان الجواب (ينظفون بالليل)!
صحيح ولكن من يضمن انها لاتتسخ بالنهار ؟
فادركت ان الامر يتعلق بشدة القانون وثقافة المواطن واخيرا (التدبير )حيث ان النفايات مواد اولية لاعادة الانتاج .
المسؤولون الايرانيون الذين التقيناهم هم النخبة الاولى التي صنعت مستقبل ايران الاسلام مثل الحاج قآني والدكتور سعيد جليلي فلكل منهم سجل قد يصل الى مجلد .
هذان الشخصيتان لهما من التأثير في القرار الكثير وهذا ماجعلنا نستطيل بالحديث معهم الى حد التفصيل .
التقيناهم ليس بالبروج العاجية ولافي المباني العملاقة انما في بيوت تشبه كثيرا بيوت الفقراء جنوب طهران فيها من البساطة الكثير ،ولم يكن الشأن العراقي هو الملف الوحيد انما شمل ملفات كثيرة منها (الاحداث الاخيرة في ايران ).
اللقاء بالمسؤولين الايرانيين شمل سماحة الشيخ (كريميان )رئيس اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية ،والسيد وزير الخارجية حسين مير عبد اللهيان والناطق الرسمي لوزارة الخارجية (ناصر كنعاني) ايضا.
الغريب ان المسؤولين الايرانيين لم يقسموا في القضاء على اعمال الشغب ولم يهددوا ويرعدوا انما هم في جواب واحد (هؤلاء ابناؤنا تسلل الاميركان والصهاينة اليهم عبر الفضاء الافتراضي فحشوا اذانهم كذبا وعلينا اعادة انتاجهم لنؤهلهم الى صناعة وطن اكبر من كل التحديات )!
الحجاب ليس مشكلة في ايران فالمرأة الايرانية مسلمة ،وترى في الحجاب عفة وواجبا لها ،وانها ترتدي الحجاب في اوربا فكيف لاترتديه في بلدها ؟
الاسواق ليس فيها بضاعة اجنبية و جميعها (صناعة ايرانية )! فالاسواق شعبية او حديثة بضاعتها وطنية ولكن وفقا لامكانية الشراء ومستوى المعيشة وارخص البضاعة هي الطعام والملابس .!
صحيح ان ذلك يجعل المواطن في خيارات وطنية واحدة ،ولكن قضوا على تنوع المزاج بتنوع الصناعة وفقا للموضة العالمية .
وحين دخلنا اسواق بيع (الذهب) وجدنا من يشتري وبعدد مميز .
الندوات التي اقمناها مشتركة مع نظرائنا من الايرانيين عبرت عن سعة ثقافة الشخصية العراقية، في التعامل مع تعدد الملفات وكذلك التقارب في وجهة النظر بين النخب العراقية والايرانية .
الزيارة التي قمنا بها الى (معرض الطائرات المسيرة والصواريخ )اكدت للجميع ان الامة الاسلامية قد امتلكت (سر الابداع) وانها قادرة ان تخوض المنازلة مع جميع التحديات ،فقد اطلعنا الاخوة من كبار الضباط في المعرض على قدرة الامة الاسلامية ان تخترع وان تبدع وان تفاجأ عدوها ،كما اننا تعلمنا ان (العقوبات )تجعلك تصنع المعجزات وان الاسلام طاقة وهوية .
خلال التجوال بالاسواق وجدنا تقديرا كبيرا للانسان العراقي ويبدو ان الاعلام الايراني شارك بابراز الشخصية العراقية وكرمها وخاصة بكرم الضيافة خلال الزيارات المليونية ،كما لم يشعر اعضاء الوفد بالغربة وهم يتجولون في محيط مسلم وتشابه بالملبس والمأكل والعادات ،وفي امكانية التفاهم بسهولة ،وليس فيهم من اشتكى من غش او تحايل او سرقة ،.
لم يستصحبنا احد في التجوال العام انما كنا احرارا حتى في اختيار المنطقة احيانا ،ومن صحبنا كان لهدف التعاون لاغير .
المزارات الشريفة ملأى بالزوار حيث صعب علينا الوصول الى شباك المرقد بسهولة لشدة الزحام .
في قم ومشهد المقدسان عدد العراقيين من الزوار يفوق التصور ،حيث تكاد تسمع تبادل كلامهم في كل زقاق وشارع وسوق وفندق .
معظم العجلات في الشارع الايراني صناعة ايرانية سواء الكبيرة او الصالون ،اما الاجنبية فقليلة ،والايرانيون يفضلون الصناعة المحلية لرخص قطع الغيار والبيع بالتقسيط المريح .
بعض الشباب الايراني وخاصة من المراهقين يقلدون الموضات الغربية في قصة الشعر او الزي ،وايضا في ايران مكان اشبه بشارع المتنبي ولكنه ضخم و مصمم بشكل خاص لاستيعاب النشاطات الثقافية والفنية وملتقى للشباب اسمه (حديقة الكتاب )
وبمساحة 1100000متر مربع ،وبهذا المكان يوجد مايشبه شباب شارع المتنبي لدينا .
كما لا يفوتني ان اذكر انني شهدت خلال سكننا بفندق (ازادي )ب(26) طابقا ان فتيات مراهقات بعدد يقارب ال(20) جلسن في صالة الاستقبال وهن يستمعن لعازف موسيقى وهن من حوله .
نختم بالقول ان الزيارة لايران تعني الكثير بالنسبة لنا فقد قرأنا كتاب هذه الدولة الجارة باعين عراقية ومباشرة ودون ذلك فهو كذب وافتراء ،وتيقنا ان قادة هذه الدولة اكبر من ان تتآمر عليهم امريكا لانهم على بصيرة من امرهم ويعتمدون على قدرات شعبهم .
فشكرا لكل من ساهم بهذه الرحلة القصيرة الطويلة وشكرا لله الذي عافانا وجعلنا قادرين ان نمشي وان نرى ونتبصر،
واجمل مافي السفر هو التعارف والتعاون والمحبة ،،واكثر جمالا ان ترى اعضاء الوفد يعانقون الشباب الايرانيين الذين رافقوهم الرحلة وهم في حزن عند الفراق.
ـــــــــــــــــ