kayhan.ir

رمز الخبر: 160194
تأريخ النشر : 2022November13 - 20:26

ماذا يعني كشف إيران المُفاجئ عن تصنيع صاروخ باليستي أسرع من الصّوت؟

 

هل هي رسالة تهديد استباقيّة لنِتنياهو؟ ومن هي الدّول الثّلاث التي أدّت تدخّلاتها إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبيّة في إيران وأغضبت السّلطات وقد تكون مُستَهدفةً بالانتقام؟ وما هو السّيناريو الأكثر ترجيحًا؟

عبد الباري عطوان

شنّت السّلطات الإيرانيّة اليوم الخميس هُجومًا مُضادًّا على الدّول التي قالت إنها تقف خلف الاضطرابات الداخليّة التي قالت إنّها تهدف إلى زعزعة استِقرار البلاد تدريبيًّا، وإعلاميًّا، وتمويلًا: الأولى إسرائيل (التّنفيذ)، وبريطانيا (الدّعاية)، والمملكة العربيّة السعوديّة (التّمويل) حسب ما جاء في تصريحات للجِنرال إسماعيل الخطيب وزير الاستِخبارات والأمن الدّاخلي الإيراني.

الرّد الإيراني الذي يعكس حالةً من الغضب الشّديد نتيجة استِمرار الاحتِجاجات “الشعبيّة” لحواليّ شهرين مُنذ بدئها في إيلول (سبتمبر) الماضي، جاء على شكل تهديدات هي الأكثر خُطورةً مُنذ بدئها ويُمكن حصرها في إطارين، الأوّل ذا طابع عسكري، والثّاني سياسي.

الطّابع العسكري يتمثّل في الكشف عن العديد من الصّواريخ الباليستيّة، والمُسيّرات المُتطوّرة ويُمكن تلخيصها في النّقاط التّالية:

الأولى: كشف الجِنرال أمير علي حاجي زادة قائد حرس الثورة الإيراني عن تحقيق قفزة عسكريّة كبيرة بإنتاج صاروخ باليستي فرط صوتي (أسرع من الصّوت) لأوّل مرّة في تاريخها، لمُواجهة منظومات الدّفاع الجوّي المُعادية وإصابة أهدافها بدقّة، وتبلغ سُرعته 6000 كم في السّاعة، أيّ أكثر من سُرعة الصّوت بخمس مرّات، ويصعب رصده بالرّادارات، أو إسقاطه بالصّواريخ المعروفة، وربّما استفادت إيران من خُبرات حُلفائها التكنولوجيّة في هذا المِضمار وخاصَّةً روسيا وكوريا الشماليّة والصين التي تملك هذا النّوع من الصّواريخ، والصّديق وقت الضّيق.

الثانية: إعلان ايران في مطلع الأسبوع الجاري عن اختبارها الصّاروخ “قائم 100” وهو صاروخٌ مُركّب يتم إطلاقه على ثلاث مراحل وسيكون قادرًا على وضع أقمار صناعيّة تزن 80 كيلوغرامًا في مدار على بعد 500 كم من سطح الأرض.

الثالثة: الكشف عن عدّة أنواع جديدة من المُسيّرات المُتطوّرة أبرزها ثلاثة أنواع: الأوّل: مُسيّرة “مُهاجر 6” التي تُستخدم في عمليّات الرّصد والاستِطلاع وتحمل أربع قنابل ذكيّة وكاميرات تصوير مُتقدّمة، ووزنها 600 كيلوغرام وتبقى في الجوّ 12 ساعة وتُحلّق على ارتفاع 5400 كم. الثاني: مُسيّرة “آراش 2” التي جرى تصميمها خصّيصًا للوصول إلى تل أبيب وحيفا حسب كيومارس حيدري قائد القوات البريّة الإيرانيّة، والثالث: مُسيّرة “شاهد 136” الانتحاريّة ويبلغ مداها أيضًا 2000 كم وقادرة على حمل رأس حربي وزنه 50 كيلوغرامًا، وتنفجر فور ضربها للهدف الذي انطلقت من أجله، واعترفت إيران بتزويد روسيا بشُحناتٍ منها، وتقول تسريبات أوكرانيّة إن موسكو حصلت على 2400 طائرة من هذا النّوع نجحت في تغيير مسار الحرب في أوكرانيا بتدمير محطّات الكهرباء والماء وبنسبة 80 بالمئة في العاصمة كييف ومُدُن أخرى، وميزة هذه المُسّيرات أنها رخيصة الثّمن أيّ في حُدود تتراوح بين 20 و50 ألف دولار بالمُقارنة بالطّائرات المُقاتلة التي يصل ثمنها إلى 50 مليون دولار، أو الصّواريخ المُجنّحة التي تزيد على مِليونيّ دولار.

أمّا الشّق الثّاني من الرّد الإيراني الغاضب انعكس في موجة من التحذيرات المُوجّهة للدول التي تقف خلف هذه الاحتجاجات بدأها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في خطابٍ ألقاه اليوم الخميس في مدينة باكدشت جنوبي طهران في إشارة إلى استمرار الاحتجاجات بقوله: “لم يتمكّنوا من عزل إيران، وباتوا هم المَعزولون”، وأضاف “أن العدوّ يسعى لتكرار تجربته في ليبيا وسورية في إيران ولكنّه لن يجني غير الفشَل”.

أمّا السيّد إسماعيل خطيب وزير المُخابرات والأمن الإيراني فكان أكثر وضوحًا عندما قال “إنه لا يُوجد هناك ما يضمن استمرار طِهران في استراتيجيّة الصّبر التي تبنّتها بعقلانيّة حتّى الآن”، وحذّر “من أن الصّبر الإيراني ليس مفتوح النّهايات، وإذا قرّرت إيران الرّد فسوف تتداعى القُصور الزجاجيّة، ولن تشهد هذه الدّول الاستِقرار، في إشارةٍ إلى السعوديّة ودول خليجيّة أخرى.

ردّ الفِعل الإيراني الغاضب يعكس حالةً من القلق من اتّساع دائرة الاحتِجاجات، وإطالة أمدها، ووجود تحالف من دول تقف خلفها بشَكلٍ مُنسّق أو انفرادي، وربّما لهذا السّبب جرى تسريبات يُعتَقد أنها أمريكيّة إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل أسبوع تقول إن إيران تُخَطِّط لهُجومٍ على المملكة العربيّة السعوديّة وآبارها وبُناها التحتيّة النفطيّة، وهي أنباء جرى تكذيبها من أكثر من مصدر.

كشف إيران عن نجاحها في إنتاج صاروخ باليستي أسرع من الصّوت أثار حالةً من القلق والرّعب في أوساط العالم الغربي كان أوّل من عبّر عنه رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدوليّة للطّاقة النوويّة عندما قال في تصريحات على هامش مُشاركته في قمّة المناخ في شرم الشيخ “إن تصنيع إيران صاروخ فرط صوتي يُفاقم المخاوف الدوليّة إزاء إيران وتُعيد تركيز الأضواء على ملفّها النوويّ”.

ربّما تأثّرت القِيادة الإيرانيّة سلبًا أو إيجابًا من الحملات الإعلاميّة التي تقف خلفها بريطانيا والسعوديّة من خِلال محطّات تلفزيونيّة تحظى بمُشاهدة واسعة في البلاد، وتعتبرها تدخّلًا في الشّؤون الداخليّة، من حيث تأجيج الاحتِجاجات واتّساع نطاقها، ولكن الهدف الأبرز والأخطر هو تدخّل دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ودعمها وتدريبها وتسليحها لمُنظّمات مُعارضة مُقرّبة مِثل مُنظّمة مُجاهدي خلق، وقرع بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي طُبول الحرب ضدّها بمُجرّد إعلان فوزه في انتِخابات الكنيست الأخيرة.

الصّاروخ الباليستي الأسرع من الصّوت هو أكبر تحذير لنِتنياهو، والشّيء نفسه يُقال عن المُسيّرات المُتقدّمة سواءً الانتحاريّة من نوع “شاهد 136” التي غيّرت قواعد الاشتباك في أوكرانيا أو شقيقتها “مهاجر 6” التي أنقذت إثيوبيا من الهزيمة في إقليم تيغراي.

لا نُريد من أمريكا شِبه المهزومة في أوكرانيا وباتت تضغط على زيلينسكي للتخلّي عن شُروطه المُبالغ فيها والعودة إلى المفاوضات مع روسيا، لا نُريدها أن تُورّط السعوديّة في حربٍ مُماثلةٍ ضدّ إيران، ونُعيد ونُكرّر للمرّة الألف أنّ أمريكا لم تُرسل جُنديًّا واحدًا للدّفاع عن أوكرانيا، وستفعل الشّي نفسه في أيّ حربٍ إيرانيّة سعوديّة، والسّعيد من اتّعظ بغيره.