kayhan.ir

رمز الخبر: 16002
تأريخ النشر : 2015March02 - 20:47

السلطة الفلسطينية هل تنحل أم تنهار؟

عوني صادق

قبل أيام، أعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، في بيان صحفي، أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية سيجتمع يومي الرابع والخامس من شهر مارس/ آذار المقبل ليناقش "تحديد طبيعة العلاقات مع "إسرائيل” في ضوء التطورات الراهنة”. وكان الرئيس محمود عباس، قبل ذلك، قد تحدث عن هذا الاجتماع، وقال إن المجلس المركزي سيبحث آليات لتحديد العلاقة مع "إسرائيل”، بما في ذلك إمكانية وقف التنسيق الأمني، رداً على حجز أموال الضرائب الفلسطينية.

وفي الإطار نفسه، قال محمد اشتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، لوكالة أنباء الأناضول، عن الوضع المالي للسلطة: "الآن السلطة على حافة الانهيار، وإذا استمر الوضع، قد لا يكون هناك بترول في سيارات الأمن الفلسطيني للحفاظ على النظام والأمن العام”! وأضاف: "نحن في أزمة، والأمور على حافة الانهيار”! وتابع محذراً السلطات "الإسرائيلية”: إن "إسرائيل ستدفع الثمن الرئيسي من انهيار السلطة، لأن هناك تبعات أمنية جديدة ستعكس نفسها على الأمن الإسرائيلي”، لكن اشتيه استبعد أن يسمح المجتمع الدولي بانهيار السلطة، وقال: "المجتمع الدولي لن يسمح بانهيار السلطة الفلسطينية”.

وفي السياق نفسه جاءت أقوال نبيل شعث لجريدة (الأيام- 24-2-2015)، بعد عودته من جولة أوروبية رافق فيها الرئيس عباس مؤخراً، حيث قال: "قلنا للعالم أجمع إننا لن نستطيع الاستمرار بالتنسيق الأمني (مع إسرائيل)، وقد لا نستطيع أن نستمر بالسلطة، إذا ما استمرت "إسرائيل” بسرقة أموالنا”! وأضاف شعث: "الرئيس قال لكل دول أوروبا، إنه إذا ما وصلنا إلى اجتماع المجلس المركزي القادم ولم تحول "إسرائيل” أموالنا، فإنني لن أستطيع أن أوقف الوقف النهائي للتنسيق الأمني”.

من ذلك تتبين لنا حقائق ثلاث: الأولى، أن "القضية” الرئيسية التي تؤرق السلطة الفلسطينية، هي قضية وضعها المالي والضرائب المحجوزة. والثانية، هي أن الغرض من اجتماعات المجلس المركزي المقبلة، هو التذكير، وليس التحذير، بما يمكن أن يعني استمرار حجز تلك الأموال من وقف للتنسيق إلى احتمال انهيار السلطة، وهما ما يعنيان الحكومة "الإسرائيلية” والإدارة الأمريكية وحلفاءهما. والثالثة، بذلك هم يعترفون بأن ثمن التنسيق الأمني هو الأموال، التي هي أموال فلسطينية! ومضحك أن تحاول السلطة أن يأتي تذكيرها في وقت تتصور أنه يسمح لها بالضغط على الأطراف جميعاً، وبالذات على نتنياهو، إذ ينعقد المركزي قبل موعد إجراء انتخابات الكنيست العشرين بأقل من أسبوعين.

الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان الناطقة بلسان الخارجية جينفر ساكي، أعربت عن "قلقها”، وقالت إن بلادها منذ أسابيع تبحث الأمر مع كل المعنيين، لكنها لم تأت على إدانة أو شبه إدانة للموقف "الإسرائيلي”، مع تأكيدها أنه لا يمكن "تمرير مساعدات أمريكية في الكونغرس في الظروف الراهنة”، بما يعني على الدول المانحة أن تفعل ذلك! والسياسة الأمريكية يهمها ألا تنهار السلطة الفلسطينية وألا يتوقف التنسيق الأمني خوفاً من تبعات ذلك على مخططاتها في المنطقة، وهو ما عبرت عنه ساكي بقولها محذرة من أنه إذا ما اضطرت السلطة الفلسطينية إلى إيقاف التنسيق الأمني، أو حتى لو قررت تسريح الجهاز الأمني، فيمكن أن نواجه أزمة يمكن أن تؤثر بشكل خطر في الفلسطينيين و”الإسرائيليين” مع احتمال حصول تداعيات خطرة تؤثر في المنطقة! والإدارة الأمريكية لا يهمها ما يحدث للفلسطينيين، وتعرف أن "الإسرائيليين” يستطيعون أن يتدبروا أمرهم في النهاية باللجوء إلى قوتهم العسكرية. ومن خوفهم أن تتأثر مخططاتهم في المنطقة يأتي حرصها على استمرار السلطة، واستمرار التنسيق الأمني، وبالتالي استمرار الوضع القائم على ما هو عليه، وهو بالضبط ما يسعى إليه ويريده بنيامين نتنياهو، "صديقها” اللدود.

مع ذلك وإلى جانب التحذير الأمريكي، والتذكير الفلسطيني، كان هناك تحذير قدمته قيادة الجيش "الإسرائيلي” أشارت فيه إلى المخاطر التي يمكن أن يواجهها إذا توقف التنسيق الأمني، حيث أشارت إلى أن ضعف السلطة (وليس انهيارها فقط أو وقفها للتنسيق الأمني)، قد يؤدي إلى تدهور كبير، وربما يسمح للمنظمات "المتطرفة” من السيطرة على الوضع، ما يؤدي إلى انفجاره.

السلطة الفلسطينية باجتماع المجلس المركزي تحاول فقط أن تتذاكى وتستعرض! وفي الوقت الذي تملك فيه فعلاً وواقعاً ورقة "الجوكر” في اللعبة، إلا أنها لا تنذر ولا تحذر بل فقط تذكر. أما لماذا، فببساطة لأن من تحاول أن تذكرهم يعرفون حقيقتها!! وما تقوله اليوم قالته أكثر من مرة، ومنذ سنوات. فبينما كنت أبحث عن مادة أرشيفية، عثرت مقابلة كانت صحيفة (الأيام) قد أجرتها مع عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) عزام الأحمد، مؤرخة 10-10-2011، تحدث الأحمد فيها عن السلطة وحلها وانهيارها، كاشفاً الذي اختفى في أقوال اشتيه وشعث، وتطابق معهما في ما عدا ذلك.

في تلك المقابلة، قال الأحمد: "السلطة تنهار، ولا تنحل. ولذلك نحن في انتظار نتائج التحرك السياسي الحالي”! وأضاف: "نأمل من المجتمع الدولي، وخاصة أمريكا، أن يتحمل المسؤولية، وأن يبين إلى أين ذاهبون”.

أنا لست عضواً في حركة (فتح)، وطبعاً لست عضواً في لجنتها المركزية، وأقول لكم: السلطة الفلسطينية لن تنحل، ولن تنهار. ف "هي” لن تحل نفسها، و”هم” لن يتركوها تنهار، فليس لها وليس لهم مصلحة في أي من ذلك.