kayhan.ir

رمز الخبر: 159983
تأريخ النشر : 2022November09 - 20:24

تعيين الحدود ومعادلة حماية الثروة

 

ايهاب زكي

لا يوجد أكثر سذاجة من قراءة تعيين الحدود البحرية للبنان، باعتباره المانع القاطع لاشتعال الحرب مع كيان العدو. ولكن هذه القراءة تنطلق من قاعدة الحقد الذي يُنتج غباءً، حيث إنّ الحقد على حزب الله، يُنتج هذا النوع من الحماقات، التي تستهدف استنتاج ألّا حاجة للسلاح، وما على الحزب سوى تسليمه، باعتبار أنّ الحرب أصبحت من المستحيلات.

وهذا يشبه ما قاله الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، حيث قال "إنّ حرب أكتوبر هي آخر الحروب"، وقد اُعتبرت في حينه، حتى من أشد الناس إيماناً بالسلام، أنّها سقطة لا يجب تكرارها، باعتبار أنّها تضع العدو في حالة تغولٍ دون روادع، ولو باحتمالية الوصول لمرحلة الغضب، ولكن مبارك كان يعنيها لأنّه قام بتكرارها.

ولكن على افتراض أنّ مبارك لم يكن من ذوي النزعات الاستسلامية، ولم يتخذ من هذه العبارة عقيدة، هل كانت الحرب ستكون مستبعدة؟ رغم اتفاقيات السلام بين الجانبين، الإجابة هي بالقطع لا، لا يمكن استبعاد نشوب الحرب.

ووثيقة تعيين الحدود مقارنة باتفاقية "كامب ديفيد"، لا تعدو كونها مجرد حرفٍ في كتاب ولا مجال للمقارنة بينهما، فكيف بالإمكان اعتباره الجدار الحصين ضد اشتعال الحرب؟ والأهم من ذلك، هل فهمه الكيان المؤقت باعتباره كذلك؟ حتماً لا يفكر صانع قرارٍ في الكيان المؤقت، سياسياً كان أم عسكرياً، في هذا الاحتمال ولو على سبيل التوهم، لأنّ مجرد توهمه ذلك، يعني أنّه اتخذ قرار إعلان الحرب دون أن يدري، حيث إنّ هذا التوهم سيدفعه بحكم طبيعة الكيان العدوانية، إلى ممارسة الاعتداءات دون خشية العواقب، وهذا ما سيجعل يد حزب الله أسرع إلى الزناد، وبالتالي استعجال الحرب التي يتجنبها الكيان، بكل ما أوتي من وقاحة التذلل لتجنبها.

يقول كتبة النفط إنّ المعادلة التي تم تثبيتها "السلاح لحماية الثروة" هي مجرد فذلكات، للتغطية على حقيقة أنّ شبح الحرب تم استبعاده للأبد، وهذا يعني أنّ حزب الله يحتفظ بسلاحه لتكريس الاحتلال الإيراني.

إنّ ما يكتبه النفط يحلم به الكيان المؤقت، لكنه يعرف أنّه أضغاث أحلام، وأنّ قواعد الاشتباك مع حزب الله لم تتغير ولم تتزحزح قيد أنملة، وأنّ غاية لبنان من ترسيم الحدود هي الاستفادة القصوى من الثروة، والتغلب على المأساة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، لكن هذه الغاية ليست مطلقاً على حساب قواعد الاشتباك أولاً، كما ليست على حساب الموقف الأزلي الأبدي لحزب الله من وجود الكيان ثانياً، كما ليست على حساب تبلور محور القدس ثالثاً، باعتباره أحد مظاهر هزيمة المشروع الصهيوأمريكي في العقد الأخير، وباعتباره التجلي الحقيقي لنصر سوريا ولبنان وإيران واليمن، بما يشكل بطبعه انتصاراً لفلسطين ومصير قضيتها.

يقول مراسل الشؤون العسكرية في موقع "القناة 14" الصهيونية، في ختام تقريره عن تقدير الموقف على الحدود الشمالية إن "الحرب في الشمال تبدو بعيدة بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود، لكنهم  يدركون جيداً (في الكيان) أنّ شرارة واحدة صغيرة، قادرة على جرّ كل المنطقة إلى حربٍ غير مسبوقة".

وأكثر من يدرك ذلك هو القادم الجديد القديم لرئاسة حكومة الكيان المؤقت بنيامين نتنياهو، وهو كذلك أكثر من حكم الكيان وتملص من الحروب مع حزب الله، حتى لو على حساب عنجهية الكيان، عبر الوقوف على "رجل ونص" طويلاً وبانتباهٍ شديد.