وحل الربيع الاوروبي
الاحتجاجات والتظاهرات الصاخبة التي تشهدها العواصم الاوروبية هذه الايام باتت لمن يترقبها في تصاعد مستمر نتيجة التضخم غير المسبوق وتكاليف الطاقة الباهظة واسعار المواد الغذائية التي باتت تثقل كاهل المواطن الاوروبي الناجمة عن تداعيات الحرب الاوكرانية ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل دخلت الشعارات السياسية على الخط كالمطالبة بوقف الحرب الاوكرانية ووقف الدعم وعدم ارسال السلاح لها لانها ستطيل من عمر هذه الحرب التي يدفع ثمنها المواطن الاوروبي.
وما كان لافتا من بين هذه التظاهرات هو خروج عشرات الالاف من البريطانيين في لندن احتجاجا على سياسة حكومة المحافظين المتورطة في الحرب الاوكرانية وتحمل تكالفيها الباهظة على حساب المواطن البريطاني الذي يعاني من اسوء تدهور اقتصادي خلال القرن الاخير في وقت ان بريطانيا هي السادسة اقتصاديا في العالم، لكن سياسات حزب المحافظين الخاطئة اوصلت بريطانيا الى هذا الحضيض وهذا ما دفع البريطانيين المطالبة باستقالة الحكومة واجراء انتخابات مبكرة لتتخلص من هذا الحزب الفاشل الذي اضطر خلال عدة اشهر تغيير ثلاث رؤساء حكومات.
واليوم بات المواطن البريطاني في حيرة من امره والازمة الاقتصادية الخانقة تلفه بشدة ايسد جوع افراد عائلته أم يوفر التدفئة لهم والشتاء على الابواب.
وما كان لافتا في هذا المجال وفي ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تلف بريطانيا هو التصريح المخيب للامال الذي ادلى به رئيس البنك المركزي "باننا امام ايام صعبة".
وبعد لندن كانت روما المحطة الثانية للاحتجاجات الاوروبية الكبيرة والتي تصدرتها احزاب المعارضة والنقابات تنديدا بالاوضاع الاقتصادية وسياسيات الحكومة التي تدور في الفلك الاميركي وما كان لافتا في هذه التظاهرات التي قدر عددها بعشرات الالاف رفع شعارات تجاوزت الاوضاع المعيشية لتطالب بوقف تمويل الحرب الاوكرانية وارسال السلاح اليها وكذلك خروج ايطاليا من حلف الناتو والدعوة لاجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا واوكرانيا للتوصل الى حل ينهي هذه الازمة التي انعكست على ايطاليا وتجارتها مع الروس الذي يبلغ سنويا وفقا للتقديرات 40 مليار يورو.
فالهاجس الاقتصادي بات الشغل الشاغل للمواطن الاوروبي الذي اعتاد على الرفاهية خلال العقود الاخيرة ولم يواجه مثل هذه الازمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها وهو يلقي باللائمة على حكوماته التي فقدت سيادتها وقرارها امام الاملاءات الاميركية التي دفعت بها للتورط في الحرب الاوكرانية.
فموجة الغضب التي تنفجر هذه الايام في العواصم الغربية هو رد فعل الطبيعي على سياسات الحكومات الاوروبية التي انخرطت في الحروب الاميركية. والانفاق عليها خدمة لمصالح واشنطن واضرارا بشعوبها التي تعاني اليوم من ازمات اقتصادية صعبة للغاية. ويبدو ان الربيع الاوروبي قد حل بالقارة الاوروبية وتنتظر شعوبها قطف ثماره قبل حلول الشتاء وليس مستغربا ان ينقاد الاعلام الغربي كساسته للارادة الاميركية ولا يجرؤ على تسليط الاضواء على الحرب الاوكرانية وتداعياتها الخطيرة على المواطن الاوروبي ويتهرب بوقاحة في نفس الوقت من تغطية هذه التظاهرات الصاخبة المعادية لاميركا وسياساتها التدخلية السافرة.
في وقت ان "الاعلام الغربي الحر" ! كما يدعي بانه مهني وينقل الاحداث بحيادية لكنه يتملص بسهولة عن تغطية موجة التظاهرات التي تشهدها اوروبا لانحيازه لاميركا لكننا نراه ينزل بكل ثقله الى الساحة ليغطي ويفبرك احداث الشغب المحدودة والمحدودة جدا في ايران ليصورها الى العالم على انها تحرك ثوري يهدف الى اسقاط النظام الا ان هذا الحلم يسدفن معه باذن الله.