اشارات تركية تجاه سوريا
ادركت تركيا أخيرا ان موقفها من الازمة السورية قد سبب لها اضرارا كبيرة لانسياقها الاعمى وراء اميركا والانصياع الى أوامرها في استخدام اسلوب المواجهة من خلال استقبال وتدريب الارهابيين الذين جندتهم واشنطن وبعض الدول الخليجية وارسالهم الى سوريا مع دعمهم بما يمكنها لوجستيا وغذائيا بهدف تغيير النظام السوري الحاكم، الا انه قد غاب عن اردوغان وبايدن وكل العملاء في الداخل والخارج ان ذلك لم يتحقق لهم خاصة وان الشعب والجيش السوري قد اثبت انهم يحبون بلدهم ولذا بدأوا يدافعون عنه بما لديهم من اجل ان لا يقع فريسة بيد اعدائهم المجرمين.
ولذا نجد ان اردوغان الذي احاطت به الازمات والمشاكل من كل حدب وصوب، يسبب سياسته الهوجاء وحالة البرود السياسي مع اميركا بحيث فرض عليها ان تنكفأ الى الوراء خاصة وان التصريحات والمواقف الاخيرة للسلطات التركية قد بلغ اهتمامها بتخفيف حدة التوتر في شمال سوريا وغيرت البوصلة وعكس السابق بتفضيلها العمل السياسي على العمل العسكري وان تهديدات وتلويحات اردوغان وحكومته باعلان الحرب على سوريا لم تكن سوى حبر على ورق وفقاعات سرعان ما انفجرت في الهواء لان الخاسر الوحيد في هذا الامر هو اردوغان بالذات.
ولابد ان نشير الى ان تغيير نهج اردوغان وحكومته هو نتيجة طبيعية لجهود طهران وموسكو لتقريب وجهات النظر بين البلدين. بالاضافة الى الانتخابات الرئاسية على الابواب ومن اجل استمرار بقائه في السلطة قد فرضت هذا اللون من التصرف وغيرها من المشاكل الاخرى التي تحيط به في الداخل والخارج بسبب تدخله اللامبرر خاصة في ليبيا والعراق والصومال . وكما اشارت اوساط اعلامية تركية ان كل هذه الاسباب مجتمعه هي التي اوصلته الى هذا التصرف.
ولا يمكن ان نغفل ايضا من فشل كل الخطط والمشاريع التي ارادت النيل من حكومة بشار الاسد رغم ضراوتها لم تستطع ان تفل عضد السوريين بل زادت من قدرتهم على توحيد صفوفهم واستطاعت سوريا ان تتخطى ظروف ازمة عدم الاستقرار وما حققته من نجاحات كبيرة على صعيد مكافحة الارهاب والتي تمكنت ان تخوض معركة قوية مع الارهابيين والتي كانت نتيجتها اعادة الامن والاستقرار الى المناطق السورية المهمة والحساسة والحفاظ على سيادتها ووحدة ارضها. وقد انعكس هذا الامر على الدول التي انسحبت من سوريا بالعودة اليها بحيث فتحت سفاراتها وارسال الوفود المتعددة لاعادة العلاقات مع دمشق.
وما كان لافتا في هذا المجال هو دعوة المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني حكومة اردوغان وضمن المعطيات الاخيرة عليها ان "تصحح وجهة نظرها بشأن التطورات في سوريا وان تلعب دورا على صعيد اعادة السلام والاستقرار الى هذا البلد". خاصة وان التصريحات الاخيرة للمسؤولين الاتراك تعكس هذا التوجه اليه مما كانت مشجعة بحيث يحدونا الامل ان نشهد خطوات عملية في المستقبلاعادة العلاقات الى مجاريها ولبداية بناء علاقات بناءة بين دمشق وانقرة.