التحرير الثاني: إنجاز تاريخي أضاء مسيرة "الأربعون ربيعاً"
شارل أبي نادر
لا شك ان مسيرة الأربعين ربيعاً تحمل في طياتها كماً ضخماً من الإنجازات، حُققت بالتعب والعرق والسهر وبالدم وبالتضحيات، وكانت مسيرة لافتة واستثنائية في كامل مسارها، منذ نشأتها وحتى اليوم.
وبالرغم مما واجهته هذه المسيرة من صعوبات وضغوط هائلة، من الخارج، عسكريا وماليا وسياسيا، أو من الداخل، تخوينا وتواطؤاً ونكراناً للجميل، استطاعت ان تفرض نفسها، مقاومة وتحريرا ونموا وحماية للسيادة وللثروات، وسندا للدولة في دعم وتثبيت موقعها وحقوقها، ومعها، ورغم الكثير من العقبات والمشاكل والانهيارات في أغلب قطاعاتها، أصبحت الدولة على المستوى الخارجي، لها وجودها وموقعها، دولة تصرخ انيناً مما تعانيه في هيكليتها الداخلية، وبنفس الوقت تصرخ زاجرة بوجه الخارج، فتفرض موقفها وتقول "لا" بمواجهة منظومة إقليمية ـ دولية، عجزت أغلب الدول العربية عن الوقوف بوجهها، فانصاعت هذه الدول أمامها، تطبيعًا وتسويات ذليلة واتفاقات غير متكافئة.
وأن نقول ان التحرير الثاني شكل إنجازاً اضاء مسيرة الأربعين ربيعًا، لا يعني ابدا أن هذه المسيرة تحتاج إلى إنجاز يضيئها، فهي ( مسيرة الأربعين ربيعًا) تحضن كما ذكرنا، الكثير من الإنجازات المضيئة، ولكن لماذا يمكن أن نقول إن التحرير الثاني إنجازٌ اضاء مسيرة الأربعين ربيعًا ؟؟
"التحرير الثاني" والذي توّج مسيرة محددة ببضع سنوات من القتال بمواجهة الارهاب، في مناطق وجرود شمال شرق لبنان، واحيانا في مناطق داخله، كانت قد تسللت اليها بعض المجموعات الارهابية، خاضتها وحدات من الجيش اللبناني ومن حزب الله بمواجهة جحافل من الارهابيين التابعين لـ"داعش" ولـ"القاعدة" او لـ"جبهة النصرة" ولغيرها، انتقلوا من الداخل السوري ومن العراق عبر سوريا، والتحقت بهم بعض العناصر المحلية التكفيرية المتشددة، ضمن مخطط واسع ومدروس، استهدف لبنان وسوريا معا، بعد ان كان قد بدأ وتمدد مع الحوادث الأمنية والإرهابية والعسكرية التي اصابت سوريا والعراق، وبتوجيه ودعم ورعاية اقليمية دولية.
انطلاقا من النقاط الحساسة اعلاه: (مخطط اقليمي ـ دولي، استهدف لبنان وسوريا بجحافل من الارهابيين، ترعاه وتدعمه وتوجهه وتقوده منظومة دولية)، يمكن ان نستنتج اهمية وحساسية وخطورة وصعوبة الوقوف بوجه هذا المخطط، والانتصار عليه.
من هنا، يمكن القول ان التحرير الثاني، حيث الوقوف بمواجهة هذه القوى الإقليمية والدولية وكسر مخططاتها والانتصار عليها، شكل إنجازا اضاء مسيرة الأربعين ربيعًا، ولكن لماذا بالتحديد: "اضاء مسيرة الأربعين ربيعًا؟
لان مسيرة الأربعين ربيعًا والتي كانت الارض الطيبة الخصبة للاِقدام على مقاومة ومواجهة العدو الاسرائيلي القوي، حيث الفارق في القدرات باشواط لمصلحته، كانت تحتاج إلى ان تتوّج بانجاز بمستوى دولي، فكان القرار الصعب بمواجهة الارهاب المدعوم دوليا، وكان هذا الانتصار والذي هو بنكهة دولية، إنجازا استثنائيا .
لأن مسيرة الأربعين ربيعًا والتي كانت بيئة ملائمة لاكتساب الخبرات والتجارب، في تكتيك العمليات الخاصة، وفي الدفاع والهجوم، في الصمود والثبات في أصعب المواجهات، كانت ايضاً تحتاج لفرصة تاريخية ولمعركة مصيرية بمستوى عالمي، فكان انجاز التحرير الثاني هدية تقدير وعربون وفاء لهذه المسيرة الاستثنائية، مسيرة الأربعبن ربيعًا.
ولان مسيرة الأربعين ربيعًا، والتي زينها وثبَّتها وحصّنها، التعاون والتنسيق المتبادل من جهة، والتفاهم والتفهّم المتبادل ايضًا من جهة اخرى، بين حزب الله وبين الجيش اللبناني، وتحقق عبرها التحرير الاول، كانت ايضا بحاجة لرسالة وفاء لهذه المسيرة الطويلة، فجاء التحرير الثاني كإنجاز وطني بامتياز، تتويجا لهذه المسيرة المشتركة من المواجهة والمقاومة بين الطرفين خلال "الأربعين ربيعًا".